الصفحة الرئيسية > رأي > موريتانيا التي أحبها وأقدرها

موريتانيا التي أحبها وأقدرها

الجمعة 24 شباط (فبراير) 2012


بقلم : عبد الله حافيظي السباعي

كلما حللت بهذا البلد السعيد موريتانيا إلا وازددت تعلقا بأرضه وأهله، وسمائه، وبحره، وجباله، ووهاده، وسهوله… وكل محيطه الاجتماعي والسياسي، فهو رغم شساعة أرضه وقلة سكانه وفقر أهله يشكل لي مثالا حيا لدولة تعيش على الكفاف والعفاف والغنى عن الناس، دولة رغم أنها لا زالت تبحث عن هويتها الحقيقية في دنيا الديمقراطية التي تسعى كل دول العالم الثالث إلى كسب رهانها … دولة جربت كل الأنظمة المدنية والعسكرية والمدنية … من أول رئيس المختار ولد داداه، وولد هيدالة، وولد الطائع، وأعلى ولد عليا وسيدي ولد الشيخ عبدالله وصولا إلى الجنرال محمد ولد عبد العزيز المعروف عند أهل البلد بالرئيس عزيز الذي حكمها بزي عسكري ليتحول في رمشة عين إلى حاكم مدني نجح في انتخابات إعترف الجميع بشفافيتها ونزاهتها ليقود هذا البلد المليء بالتناقضات وسط معارضة شرسة تكن له العداء العلني والسري ، وشعب فقير يكن له أغلبه كل المحبة والتقدير، معارضة يجمع بينها قاسم مشترك هو البحث عن الزعامة وكرسي الحكم بكل الوسائل وسياسيين منافقين يتقلبون كما تتقلب الحرباء وأحوال الطقس في بلاد شنقيط …
وشعب فقير حصل في عهد الرئيس عزيز على امتيازات مهمة لم يكن يحلم بها من أراضي صالحة للسكن والماء الصالح للشرب وطرق معبدة أطلقوا عليها : تورس عزيز …

الرئيس عزيز يسعى جادا إلى تطبيق الديمقراطية الغربية على بلد عاش أزيد من خمسة عقود بالتمام والكمال من الاستبداد والتهور واستغلال النفوذ وسرقة المال العام ويريد سيادته تغيير واقع مرير بين عشية وضحاها …
الرئيس عزيز خلق بتصرفاته أعداء في محيطه الأسري والعائلي والقبلي لأنه يريد تطبيق القانون بحذافره على الجميع بدون استثناء، وفي تطبيق هذا القانون مس صريح بمصالح فئة وشريحة مهمة من أفراد الشعب الموريتاني وخاصة السياسيين المنافذين والتجار الميسورين الذين لاشك أنهم يعملون كل الوسائل من اجل الحفاظ على مصالحهم الخاصة والأنانية وسيتخلون عن الرئيس وعن حكومته والتضحية حتى بأنفسهم من اجل الحفاظ على مصالحهم ومكتسباتهم …
الرئيس عزيز قد يؤدي الثمن غاليا إذا تمادى في تصرفاته الحالية لان قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق ومن شب على شيء شاب عليه …
لأن التسيب الذي كانت تعيشه موريتانيا في عهد الرؤساء السابقين كان الجميع يستفيد منه بدون استثناء أما اليوم فالجميع يشتكي من جراء تطبيق القانون ومعاقبة كل من اخل به ، وقد يستغل البعض هذه الأوضاع لجلب الكثير من المشاكل للرئيس عزيز وحكومته ومن يدري أن لا يكون هذا الوضع مقدمة لربيع عربي على شكل ما وقع في تونس ومصر وليبيا وما يقع اليوم في اليمن وسوريا وقى الله موريتانيا من شر الفتن والفتنة نائمة لعن الله من أيقضها …

موريتانيا هي الدولة الوحيدة في المغرب العربي على الخصوص والعالمين العربي والإسلامي على العموم التي تتعامل مع كل دول العالم بالمثل في ميدان التأشيرة ، فهي لا تسمح لمن يطبق على رعاياها التأشيرة بالدخول إلى أراضيها إلا بتأشيرة مماثلة عليها خاتم سفارة موريتانيا وطبقا لشروط ورسوم مماثلة بما في ذلك كل دول أوربا وأمريكا بدون استثناء عكس بلدي المغربي الذي تسوم الدول المتقدمة رعاياه سوء العذاب للحصول على تأشيرة يسعى للحصول عليها ولا تمنح إلا للمحظوظين بل منهم من فضل ركوب قوارب الموت من اجل الوصول إلى أوربا ارض الميعاد بالنسبة إليهم …

موريتانيا هي البلد المسلم في المغرب العربي إلى جانب ليبيا والسودان ودول الخليج العربي التي لا يباع فيها الخمر جهارا نهارا ولا يمارس فيها القمار في أماكن معروفة مفتوحة في وجه الجميع مثل باقي البلدان حيث يباع الخمر في الحانات وفي دكاكين مرخص له قانونيا ودور قمار مشهورة عالميا كمنتجع ـ مزكان ـ بمدينة الجديدة الذي أصبح قبلة لكل من أراد إهدار ماله في الحرام البين وبطرق متطورة تسلب المرء ماله وهو يضحك ليبكي بكاءا مريرا عندما يستفيق من سباته أو ضلاله …
هذا لا يعني أن موريتانيا بلاد الملائكة لا خمر ولا زنا ولا قمار بها ، فكل هذه الموبقات موجودة لكن بطرق محدودة لا يحق لأي كان الجهر بها فمن ابتلي عليه أن يستثر طبقا للحديث النبوي الشريف …

موريتانيا هي البلد الذي في أموال أغنيائه حق للسائل والمحروم، فهناك تكافل اجتماعي قل نظيره ، فأنت لا تستطيع في غالب الأحيان التفريق بين الغني والفقير فالجميع يلبس دراعة جديد : الفقير بدارو ويكل مارو الغني بدارو ويكل مارو …
كما أن جميع الأشخاص في موريتانيا يتصدقون لان الصدقة في عرفهم تدفع عنهم البلاء والبأس ….
فالجميع يتصدق عن نفسه وأهله وولده في حله وترحاله …

مدينة نواكشوط الموريتانية التي تحتوي على ثلث سكان البلد بأجمعه ، مدينة تحارب على كل الجبهات … تحارب الفقر المدقع فكل سكانها يمارسون التجارة بما في ذلك الموظفين السامين …
فما رأيت في عمري شعبا متكلا على الله حق اتكاله كالشعب الموريتاني فالجميع يعمل لدنياه كأنه سيعيش أبدا ويعمل لآخرته كأنه يموت غدا …
تكافل اجتماعي لا وجود لمثله على ظهر البسيطة فأنت تستطيع العيش بدون عمل لأنك تستطيع دخول بيوت الأهل والأقارب والمعارف تأكل ، تشرب وتلبس ، حسب المستطاع ، فكل المنازل باستثناء منازل أغنياء آخر ساعة تستطيع ارتيادها باستثناء منازل بعض الأغنياء الذين استوردوا العادات الخبيثة من أوربا ، تطاولوا في البنيان وبنوا ارقي المنازل وأفخمها ووضعوا على أبوابها زبانية غلاظ شداد يفعلون ما يِؤمرون وكلما جئت حتى لصلة الرحم يقال لك بأن السيد غير موجود …
أما أبواب أهل الله وكرماء الأصل الذين لا يتغيرون فأبوابهم مفتوحة للجميع وحتى من اضطر إلى إغلاقها مؤخرا فذلك بسبب انتشار السرقات التي فرضتها الهجرة السرية التي تشكل موريتانيا قطب الرحى فيها إلى جانب المغرب وتونس وليبيا …
لكن عندما تدق الباب يفتح لكل على الرحب والسعة …

مدينة نواكشوط مدينة مخططة تخطيطا عمرانيا فريدا من نوعه فقد حرص المهندسون المعماريون الموريتانيون إلى توسيع شوارعها ورغم انتشار البناء العشوائي في كل أطرافها فان السلطات نجحت في جعل انتشار البناء العشوائي يحافظ على تصميم عمراني متحكم فيه تجعل كل من يرغب في بناء مسكنه أن لا يبنيه على حساب تعمير المنطقة أو البناء في المناطق الخضراء والطرقات .. هذا عكس ما يقع في بلدي العزيز المغرب حيث استفاد المواطنون المغاربة من الربيع العربي إلى البناء في الطرقات والساحات العمومية وحتى المقابر وذلك بمباركة من بعض رجال السلطة الذين يستغلون كل الظروف من اجل الاستغناء بلا سبب … فما يقع في بلدي المغرب هو تآمر مفضوح من بعض المسئولين الذين ألفوا الاصطياد في المياه العكرة مند عهد الوزير المخلوع إدريس البصري السيئ الذكر وزبانيته الذين لا يزالون يضعون المسامير في عهد ملك الفقراء محمد السادس دام له النصر والتأييد …

مدينة نواكشوط التي تحارب التصحر بكل إصرار وثقة في النفس ، تصحر لم تنفع معه عمليات التشجير ولا المتاريس الواقية لكي يستهدي المسئولين إلى حل ناجع وهو توزيع مناطق الكثبان الرملية على السكان الذين يعمدون بكل الوسائل على بناء مساكنهم على أنقاضها يعمدون إلى إعدامها باستعمال رمالها مادة أولية للبناء وهكذا يبني الأغنياء مساكنهم الفاخرة على أنقاض كثبان الرمال وكذلك يفعل الفقراء كل حسب طاقته …

بلدية نواكشوط لو وجدت مجلسا منسجما مع رئيسه وسلطة وصاية تعين الرئيس على تحقيق طموحاته لتحقق في المدينة ما لم يتحقق في غيرها من المدن الموريتانية ، فحملة نظافة حقيقية مدروسة بكل عناية وإرادة قوية كفيلة بجعل المدينة من أنظف مدن البلد ، أما حالها اليوم فيغني عن سؤالها وما هي عليه من أوساخ متراكمة في كل أنحاء المدينة تجعلك ترتاب وتتساءل هل في المدينة مسئولين إداريين ومنتخبين سياسيين ؟ شوارع نواكشوط متسعة وفسيحة لا ينقصها إلا التزفيت والتبليط والتشجير والإنارة لتكون من أحسن شوارع العالم لأنها تحمل أجمل الأسماء العربية : شارع جمال عبد الناصر ، ومحمد الخامس والحبيب بورقيبة … عكس شوارعنا نحن بالمملكة المغربية التي لا زلت تحمل أسماء الدول التي استعمرتنا وضباط الاستعمار الذين قتلوا أبنائنا واستحييوا نسائنا ويتموا أطفالنا واحرقوا زرعنا وضرعنا …

كم تمنيت لو تنازل الموريتانيون عن كبريائهم وأنفتهم واستعانوا بالخبرات المغربية في مجال بناء البنيات التحتية في المدن من واد حار وتزفيت وتبليط الطرق وأعمال البستنة وجمع القمامة والانارة ومد قنوات الماء الصالح للشرب فان الشركات المغربية تستطيع ان تجعل من مدينة نواكشوط عاصمة الدولة الموريتانية أجمل مدينة على ضفاف المحيط الأطلسي وهو عمل لا يحتاج للموريتانيين إلى برهان لان ما حققته الشركات المغربية مدن الصحراء وخاصة العيون والداخلة والسمارة وبوجدور التي أصبحت مدنا لا تضاهيها مدن في الدول المجاورة بما في ذلك الدول النفطية هذا ما يعرفه الجميع وخاصة الموريتانيين الذين أصبح جلهم يقضي عطله الصفية إما في مدينة الداخلة أو بوجدور أو العيون لقربها ولتوفير كل وسائل الراحة بها ، وتعرف هذه المدن بالصحراء المغربية انتعاشا سياحيا كبيرا بفضل توافد الموريتانيين عليها لان سائح موريتاني واحد أحسن من مائة سائح أوربي من ناحية الإنفاق والسخاء والكرم الحاتمي …

موريتانيا إذا كان الجميع يطلق عليها بلاد المليون شاعر فهي بامتياز ارض المليون تاجر ، الجميع يمارس التجارة رجالا ونساء وحتى أطفالا ، فالتاجر الموريتانيون رجالا ونساء يرتادون كل أسواق العالم بما في ذلك أسواق السند والهند …
فكل سلع العالم على اختلاف أنواعها وأهميتها متوفرة في أسواق نواكشوط وبأثمنة معقولة وفي متناول الجميع …
المرأة الموريتانية تمارس كل أنواع التجارة حفاظا على كرامتها فأنت تستطيع أن تتعامل مع المرأة الموريتانية تجاريا أحسن من معاملتك مع الرجل الموريتاني الذي أصبح يناور على غير عادته…

المرأة الموريتانية لا تتنازل عن هويتها المتميزة فهي ترتدي الملحفة في كل أنحاء العالم ولا تبغي عنها بديلا …
والملحفة وهي الزي الصحراوي المعروف في المنطقة من كلميم باب الصحراء وكل مدن الصحراء المغربية وبمنطقة تيندوف بالصحراء الجزائرية وفي مجموع التراب الموريتاني وبعض الدول المجاورة خاصة مالي والسنغال ..
والملحفة تزيد للمرأة الموريتانية بهاء وزهوا لأنها تشد الناظر إلى لابستها وتجعلك تتبع بكل فضول ما تخفيه الملحفة من جمال يظهر باستحياء عكس بعض النساء المغربيات الجزائريات والتونسيات الغير المتحجبات الكاسيات العاريات إلا من رحم ربك وهن يصرحن بكل ممتلكاتهن بطرق فجة تجعل الرجل يستهين بهن لأنهن أصبحن سلعة قابلة للبيع والشراء وبأ بخس الإثمان …

المرأة الموريتاني تجعلك تحترمها غصبا عنك ، فهي تعطيك فرصة التحدث معها بدون خلفيات لأنها واثقة من نفسها مثقفة تقافة واسعة وشاملة وأنت تستطيع الجلوس معها ساعات وأيام وشهور وسنوات دون أن تفكر في الحرام فكل شيء عنده حدود وحدود الله محفوظة لا تنهك ، عكس فتياتنا في باقي دول المغرب العربي وخاصة في المغرب والجزائر وتونس حيث أن كل شيء يباع بأبخس الأثمان بما في ذلك كرامة المرأة وعفتها وجسدها الذي أصبح سلعة تباع وتشترى في واضحة النهار وبأبخس الأثمان …

ومن اراد التحقق مما اقول واكتب فما علبه إلا زيارة منطقة عين الذئاب بالدار البيضاء على سبيل المثال لا الحصر …
موريتانيا هي الدولة التي تحتوي على المتناقضات ، فسكانها مزيج من كل الأجناس والجميع يعيش في أمن وأمان رغم أن البعض يسعى إلى إحياء النعات العرقية والقبلية وكل السياسيين يسعون إلى استغلال هذه المتناقضات لصالحه …
فأحزاب المعارضة تتصيد كل هفوات النظام وتتمنى إيجاد سبب بسيط لإشعال نار الفتنة والفتنة نائمة لعن الله من أيقضها …

البعض يسعى في السر والعلن لإثارة النعرات القبلية والميز العنصري المقيت إلا أن كل ذلك لم ينفع في المجتمع الموريتاني المتماسك بين كل أجناسه ولغاته ولهجاته ، فالجنس الأبيض يحترم الجنس الأسود والعكس صحيح …
وقد تجد رجلا ابيض قلبه اسود ورجل اسود قلبه ابيض ولله في خلقه شؤون …ونحن نتمنى أن تشق موريتانيا التي أحبها طريق الديمقراطية بكل إصرار وثقة في النفس ، وان ينجح الرئيس الموريتاني في بلورة كل توجهاته على ارض الواقع بدون نفاق ولا محاباة وان لا يعطي الفرصة لبطانة السوء التي غلبا ما تستغل قربها من الرئيس لبث سمومها والإساءة إلى الجميع ، فاللهم احم الرئيس الموريتاني من أصدقائه وأقاربه ومحيطه ، أما أعدائه فهو كفيل بهم..

موريتانيا التي أحبها هي البلد الوحيد في المغرب العربي والعالمين العربي والإسلامي الذي تستطيع فيه الاستماع إلى كل الاذاعات العالمية على الموجات القصيرة فأنت في سيارتك تستطيع التقاط الاذاعات الأوربية والعربية من الجزيرة إلى اداعة لندن وهذا هو سر الثقافة الواسعة لكل الموريتانيين لأنك تجد حتى راعي الإبل والغنم والبقر في موريتانيا له ثقافة واسعة في كل المجالات ، وهذا هو سر الحرية التي تساعد المواطنين على تفتق وإظهار مواهبهم ، وهذا عكس ما يقع في باقي بلدان المغرب العربي حيث لا يستطيع المواطن الاستماع إلى الاذاعات العالمية إلا عبر الانترنيت والصحون المقعرة …
الأسواق التجارية في موريتانيا المنتشرة في كل أطراف المدن مكتظة بالسلع المستوردة بسهولة من كل أنحاء العالم فلا وجود لماركة مسجلة إلا وتجدها متوفرة في الأسواق وبأثمان معقولة …
آخر موضة من الألبسة والسيارات الفارهة تجدها تجوب شوارع نواكشوط ، كما يمكنك ان تشاهدها بأم عينيك وهي تباع كأغنام في أسواق بيع السيارات بتفرغ زينة ارقي أحياء نواكشوط …

موريتانيا التي أحبها إذا استطاعت النجاح في تجربتها الديمقراطية الفريدة من نوعها في المنطقة ستكون أهم دولة مستقبلا لما تمتاز به من منطقة إستراتيجية باعتبارها صلة وصل بين المغرب باب أوربا وإفريقيا السوداء هذا بالإضافة الى خيراتها على امتداد ساحلها البحري الذي يحتوي على كميات هائلة من الأسماك بكل أنواعها والمتجددة عبر الزمان والمكان بالإضافة إلى خيرات تحث الأرض من غاز وحديد ودهب شرعت الدولة باستغلالها بطرق عقلانية ستذر على البلد عملة صعبة تجعل من موريتانيا بلدا معتزا بكرامته وعروبته وإسلامه محافظا على هويته وعزته وكرامته …
لقد صادف كتابة هذا المقال زيارة عمل قام بها أمس الثلاثاء 14 فبراير 2012 وزير الخارجية المغربي الدكتور سعد الدين العثماني الذي سلم للرئيس الموريتاني رسالة خطية من ابن عمه ملك المغرب يدعوه فيها حسب ما جاء في قصاصات الأنباء إلى القيام بزيارة رسمية لبلده الثاني المملكة المغربية … زيارة رئيس الدبلوماسية المغربية لم تدم إلا يوم واحد…
زيارة تعتبر من حسنات حكومة العدالة والتنمية والتي يتمنى الجميع أن تعيد الدفء إلى العلاقات المتميزة بين البلدين الشقيقين هذه العلاقات التي عرفت في الشهور الأخيرة فتورا ملحوظا نتيجة أعمال متهورة لصحفي لا يحترم عمله ولا يقدر قوانين البلد الذي يعمل به …. ومدير وكالة للتعاون الدولي يريد أن يعامل الطلبة الموريتانيين نفس المعاملة التي يعمل بها باقي طلبة الدول الإفريقية وكأنه لا يعرف أن للموريتانيين مكانة خاصة في قلوب الملوك العلويين وباقي أفراد الشعب المغربي…
وما بين صحفي متهور ومدير وكالة معجب بنفسه متكبر كادت العلاقات الموريتانية أن تتطور إلى الأسوأ لكن الله سلم

كم كنت أتمنى لو خرج الوزير المغربي الجديد الدكتور سعد الدين العثماني عن عادة وزراء الخارجية السابقين ويقوم بزيارة مفاجئة لمقر السفارة المغربية بنواكشوط ليرى بأم عينه الوضعية المزرية التي توجد عليها سفارة مملكة يمتد تاريخها التليد إلى أزيد من أربعة عشر قرن من الزمن … سفارة لا يشرف وضعها الحالي لا ماضي المغرب ولا حاضره ولا مستقبله …

سفارة حتى علم المملكة متسخ فقد لونه الطبيعي وكأن ميزانية السفارة لا تملك حتى ما تجدد به علم البلد الذي يعتبر رمزا لعزتها وكرامتها وما تذره مداخل التأشيرات يكفي لتجديد بناية السفارة وبناء سفارة جديدة تليق بعظمة المملكة المغربية …
كما أن سيادة السيد وزير الخارجية لو زار السفارة في أوقات العمل لوجد مئات الموريتانيين واقفين تحث لهيب الشمس الحارقة والريح العاتية ينتظرون الحصول على تأشيرة يسامون سوء العذاب من اجل الحصول عليها من اجل صلة الرحم أو الدراسة أو بحثا عن الدواء …
فأية علاقات متميزة يتحدث عنها الطرفان وهما لا يستطيعان حتى حذف التأشيرة ؟ إن ما توصلت بها مصالح السفارة العلنية والسرية من أموال باهظة من صناديق سوداء أيام الوزير المخلوع إدريس البصري لا يمكن إحصاؤها إلا أنها أهدرت في خدمة المصالح الأنانية لفئة محدودة من العاملين في السفارة والمتعاملين معها … أما وجه السفارة الخارجي والداخلي وجعلها في خدمة سياسة البلد وخدمة المواطنين فلا زال زمنها لم يحن بعد والمؤمل خير ولك الساعة التي أنت فيها …
كما أن تفضل السيد وزير الخارجية المغربي إلى إعطاء أوامره المطاعة إلى السيد مدير وكالة التعاون الدولي ـ الذي يظهر انه لا زال يتلقى أوامره من الوزير السابق الفاسي الفهري ـ لكي يتفضل برفع الحجز عن عشرات ملفات الطلبة الموريتانيين الذين حصلوا على الموافقة المبدئية للتسجيل في السلك العالي والدكتورة في مختلف كليات المملكة ولا ينقصهم إلا الإحالة على وزارة التعليم العالي المغربية إلا أن السيد مدير وكالة التعاون الدولي يصر على معاكسة كل تقارب بين البلدين الشقيقين لأنه لا يقدر متانة هذه العلاقات الضاربة في أعماق التاريخ …
فهو بمثابة ساعي بريد يمتنع عن توجيه طلبات الطلبة الموريتانيين وإيصالها لوزارة التعليم العالي التي لها الحق في قبول أو رفض تسجيل الطالب …
السيد مدير وكالة التعاون الدولي يتبجح بأنه قام بتسجيل كل الطلبة الذين تم تحديد لائحتهم بين البلدين وعددهم لا يتجاوز 140 طالبا ، إلا أن مجموع ما تم تسجيله هذه السنة هو أزيد من 400 طالب ، فكيف سمح السيد المدير بإحالة هذا العدد الإضافي من ملفات الطلبة الموريتانيين ليتم حرمان باقي الطلبة من حقهم في التسجيل ؟ انه الكيل بمكيالين في أبهى صوره …
فلو أمر السيد وزير الخارجية الجديد بزيارة مفتشي الوزارة لوكالة التعاون الدولي لوجدوا اختلالات مالية و وإدارية قد تزج بمدير الوكالة في السجن كما هو حال مدير مطار محمد الخامس وغيره من المديرين المرتشين الضاربين عرض الحائط بالعمل الجدي النزيه ، والحمد لله أن الكل سيحاسب في ظل حكومة الإسلاميين الذين لا يخاف وزراؤها تطبيق القانون على الجميع وبدون استثناء …
ومثل مدير وكالة التعاون الدولي من الموظفين هو من يسيء إلى بلده بدون أن يشعر ، لكن الزمان كفيل بإعادة كل واحد إلى حجمه الحقيقي لان الدبلوماسية المغربية ستعرف تطور ملحوظا لن يجد فيه مكان إلا الدبلوماسيين الحقيقتين الذين يقدرون عملهم ويحترمون وطنهم وشعوبهم …
تمنيت لو مدد السيد وزير الخارجية المغربي إقامته لمدة يوم أخر يستقبل خلاله الأستاذ جميل منصور وهو زعيم التيار الإسلامي المعتدل في موريتانيا له مستقبل واعد في موريتانيا رغم تناقضات والخلافات الهامشية بين التيارات الإسلامية المتواجدة في الساحة …
فرغم ان الحزب الحاكم لا زال يتحكم في خيوط اللعبة فإنه إذا جرت انتخابات نزيهة في موريتانيا فان الاتجاه الإسلامي سيكتسح الساحة كما اكتسحها حزب العدالة والتنمية في المغرب وحزب النهضة في تونس وحزب الإخوان المسلمين في مصر فشعوب المنطقة تريد تجريب الأحزاب الإسلامية بعد أن جربت الأحزاب الإدارية والعلمانية والاشتراكية والشيوعية والتقدمية ولم تجن من ورائها إلا الويل والثبور …
وإذا كان اردكان في تركيا ففي المغرب بنكيران وفي تونس الغنوشي وفي الجزائر بالحاج ونفس الاسم في ليبيا وفي موريتانيا جميل منصور …
ومستقبل دول المنطقة هو مستقبل إسلامي وهو الواقي الوحيد من ثورة الربيع والخريف والصيف … ومستقبل دول المغرب العربي والعالمين العربي والإسلامي لن يجد الخلاص والتنمية والاستقرار إلا تحث حكم الإسلاميين المعتدلين الذين يصلون إلى دفة الحكم بفضل انتخابات شفافة ونزيهة بعيدا عن التزوير وممارسات الماضي …

عبد الله حافيظي السباعي