الصفحة الرئيسية > رأي > أسباب الإحتجاجات السياسية في السنغال

أسباب الإحتجاجات السياسية في السنغال

السبت 18 شباط (فبراير) 2012


بقلم : مصعب المشرف

تشهد السنغال بوجه عام ؛ وفي مقدمتها العاصمة داكار ومركزها التجاري والمناطق التي تحيط بالقصر الرئاسي ؛ تظاهرات إحتجاج وأعمال شغب دموية يومية راح ضحيتها العديد من المدنيين ؛ وجميع ما يجري يأتي إحتجاجا على قرار الرئيس السنغالي العجوز "عبد الله واد" ترشيح نفسه لفترة رئاسية ثالثة . وقيامه في سبيل تحقيقه لهدفه بتعديل مواد الدستور دون وجه حق.

جمهورية السنغال تأتي أهميتها بالنسبة للعالم العربي في أنها دولة غالبيتها العظمى مسلمين . كما تجاور حدود موريتانيا الجنوبية.

وكانت السنغال فيما مضى مستعمرة فرنسية . ثم نالت إستقلالها عام 1960م. وأول رئيس لها كان ليوبولد سنغور الشاعر الأفريقي والفراكفوني المعروف الذي حكمها 20 سنة متواصلة من عام 1960 إلى 1980م ... ثم توفي عام 2001م.

الملفت للإنتباه أن الرئيس السنغالي عبد الله واد ليس عسكريا . بل هو سياسي مدني لا يعرف الفرق بين الرصاصة والخرطوشة ... كان سابقا في صفوف المعارضة السياسية لفترة طويلة . وهو رئيس الحزب السنغالي الديموقراطي. ووصل إلى الرئاسة عبر إنتخابات حرة نزيهة عام 2001م ؛ بناء على دستور متوافق عليه يمنح الرئيس المنتخب فترة خمسة سنوات متواصلة قابلة للتجديد لفترة مماثلة .... وقد ظل عبد الله واد يحكم حنى تاريخه ..

عبد الله واد من مواليد 1926م ... أو بما يعني أنه يبلغ من العمر الآن 86 سنة بالتمام والكمال .... ولكنه يرغب في خمس سنوات أخرى بشكل منافي للدستور الأساسي قبل تعديله لمصلحته . والفوز في إنتخابات مزورة على الطريقة الأفريقية مضمون سلفا حتما ... وهو ما يعني أنه لو أفلح في تحايله ومسعاه ؛ سيظل يحكم بلاده حتى يبلغ من العمر (عتيا) 91 سنة ......

الشاهد إذن أن الرئيس الحالي عبد الله عوض (وينطق أواد أو واد) ظل يحكم السنغال منذ أبريل من عام 2001م .. أي منذ عشر سنوات تقريبا . وهو في تمسكه وتشبثه بكرسي ومقاليد السلطة لايختلف عن غيره من حكام دول العالم الثاني والثالث وحتى الثالث والثلاثين .. فهي تبدو والله أعلم ظاهرة عامة بل طبيعة وجينة وجرثومة فطرية كامنة في السياسي الأفريقي والشرقي والشرق أوروبي بمن فيهم الصيني والروسي ؛ دون أن ننسى شقيقنا العربي العزيز .....
ولا ندري ما هي الجوانب الأخرى التي تجعل السياسي أو العسكري والبوليسي والإستخباراتي على حد سواء في هذه الدول ؛ وما أن يصل إلى سدة الحكم حتى يرغب حثيثا ويخطط ويتحايل ؛ ويرتكب السبع الموبقات لأجل الخلود على هذا الكرسي وكأنه ولد فيه. أو كأنّ الذي خلقه لم يخلق مثله في البلاد ؟

السلطة الفرعونية المطلقة التي يتمتع بها الرئيس في هذه الدول بعينها وتجعله يتصرف في الثروات كما يتصرف في بيته . والتي تمتد ملاءتها لتشمل زوجته وأقاربها وأقاربه ، وبالطبع أولاده وبناته وأزواج بناته .... وهلم جرا مما لايعد ولا يحصى من الأقارب والنسابة والأصهار والمحاسيب والعشيقة وأهل العشيقة ؛ وقدامى الجيران اللصيقين في الحي الشعبي الفقير الذي كان يقطن به زمان ،،،،،، كل هذا وبعضه وأكثر منه وزيادة ؛ يجعل من الصعب على أمثاله ترك كرسي السلطة والتخلي عن خاتم سليمان هكذا مجانا بمحض إرادته وعن طيب خاطر منه.
هشاشة وميوعة الدساتير التي يجري تفصيلها على مقاس الحاكم والنظام الحاكم تظل جزءاً من المشكلات .. ولكن ؛ هل المسألة تتمدد لتشمل أسبابها وسوسة شياطين الإنس في الدائرة الضيقة حوله من المنتفعين ببقائه . الذين يساندونه سياسيا وعسكريا وأمنيا . يزينون له ذلك التمديد لنفسه حتى الممات دون وجه حق ، طمعا لأنفسهم في الإستمرار على مناصبهم الرفيعة ؛ والإستئثار بكعكة الثروة لأنفسهم وورثتهم وأقاربهم أم ماذا؟
قد لايحتاج مثل هذا التساؤل "البريء" إلى إجابة ... فالبشر ليسوا ملائكة.
بل أنه حين توجه الإنتقادات مباشرة (داخل القاعات المغلقة) إلى أمثال هؤلاء من "البطانة الطالحة" ، يسارعون بالرد البارد والقول ساخرين : "من كان منكم بلا خطيئة فليرمي الناس بحجر"...... أو بما معناه أنكم لو حصلتم على نفس الفرصة التي حصلنا عليها لفعلتم مثلنا وأكثر وأضعاف ذلك تكعيبي ... ومن يمتلك القلم فلن يكتب نفسه شقي .... هكذا على عينك يا تاجر..... واللي إختشوا ماتوا + اللي مش عاجبو يشرب من البحر المالح.

مصعب المشرف
كاتب سوداني