الصفحة الرئيسية > رأي > رحلتي إلى موريتانيا .. «مصر هي القلب والعقل»

رحلتي إلى موريتانيا .. «مصر هي القلب والعقل»

الأربعاء 8 شباط (فبراير) 2012


بقلم : محمد مسعد ياقوت

حدثني مواطن موريتاني، بعدما استغرق الحديث عن تطورات الثورة المصرية، فقال : " مصر هي القلب والعقل" وهكذا ترى شعوب غرب أفريقيا عموما، ترى في مصر مصدر الإلهام، وتلك موريتانيا التي ترى أكبر شارع فيها يحمل اسم " جمال عبد الناصر"، وكان بها فرع لشركة النصر المصرية، كان الشعب المسلم في هذه البقعة يتابع أحداث الثورة المصرية عن كثب.

توجهتُ إلى العاصمة الموريتانية نواكشوط، للمشاركة في مؤتمر التجمع الثقافي بدعوة من الوزير الشيخ محمد الحافظ النحوي، وحينما علم السفير المصري بتواجدي، إذا به يرسل سيارة حيث مقر الفندق الذي نزلت به، فأقلتني إلى مقر السفارة المصرية بنواكشوط، ويبدو على مبنى السفارة أثر العراقة والسؤدد، وقد سررت بموقف السفير الدكتور يوسف الشرقاوي، سفير مصر هناك، وبرغبته في استضافتي لمجرد أني باحث مصري زار موريتانيا حيث كنت المصري الوحيد المشارك بهذا المؤتمر، وحينما انصرفت إلى قاعة المؤتمر لألقي ورقتي العلمية، إذا بي أجد بين صفوف الحاضرين سفير مصر، حيث أبدى رغبته وحرصه أن يسمع مشاركة ابن من أبناء مصر، هنالك عرّفني على مدير الملحق الثقافي الدكتور خالد غريب، والذي طلب استضافتي لزيارة مقر المركز الثقافي الموريتاني الذي أنشء بعد ثورة يوليو.

دخلتُ المركز الثقافي الموريتاني، وإذا به ثروة فكرية تراثية على أرقى مستوى، من كتب عريقة، وتسجيلات نادرة ترجع إلى الحقبة الناصرية، إضافة إلى حجرة خاصة تعرض بعض النماذج من الآثار المصرية ، وقاعة جيدة للمؤتمرات.
الحقيقة سمعة السفارة وملحقها الثقافي في موريتانيا لها وضعها، وسفارة مصر في قلوب الشعب الموريتاني لها مكانتها، وقد سألتُ غير ما باحث ومفكر عن السفارة والملحق، فلم أسمع سوى كلمات الثناء عن السفارة والسفير، والملحق والمدير.

وقد سررتُ جدًا حينما علمت أن الملحق الثقافي هناك يعقد عدة دورات في تعليم اللغة العربية، ويمنح عدة دورات في مجالات علمية في إطار برنامج يقدمه الملحق الثقافي في كل عام .

في موريتانيا، الناس ينظرون إلى مصر، على أنها قلب الأمة الإسلامية، وأنها القائدة الأم، وقائدة المسيرة، ومصدر المعرفة، ومنارة الفكر، وأرض الأنبياء، وخير الأجناد،وبلد حسن البنا وجمال عبد الناصر ونجيب محفوظ، وهذه هي الأسماء التي سمعتها هناك، وقد انبرى أحد الشناقطة يتلو علينا طرفا من كلمات البنا ، وقد أخبرني السفير المصري أن حكومة كاملة من ضمن الحكومات الموريتانية المتعاقبة كان جميع الوزراء من خريجي الجامعات المصرية .
هناك الشعب الموريتاني يعلم أن مصر هي أم الدنيا، وذلك لسبب وجيه أنها بلد الأزهر ، الذي أرسل رسله وسفراءه إلى شتى أصقاع الأرض بما في ذلك البلدان الأفريقية.

أخبرني الأستاذ محمد غلام أحد قادة الأحزاب السياسية في موريتانيا أن الشعب مصر يمتلك مؤسستين لا يملكهما أحد من العالمين ( الأزهر) و (الإخوان )، باعتبار أن الإخوان مؤسسة إسلامية جامعة بغض النظر عن اتجاهها السياسي .
دخلت منزل العلامة الشيخ محمد الحسن ولد الددو الشنقيطي، وقد أبدى إعجابه بالثورة المصرية، وكيف كانت مصرية خالصة، وأبدى إعجابه بالدكتور محمد البلتاجي.ودار حديث عن الدكتور فتحي السرور رئيس مجلس الشعب السابق والدكتور محمد سعد الكتتاني رئيس مجلس الشعب الحالي، وكيف تبادلا المقاعد في السجن والمجلس .

وحينما زرت بيت الشيخ محمد الحافظ النحوي رئيس التجمع الثقافي – وصاحب الدعوة - كان جل الحديث عن مصر ورجالها وثورتها، رغم أن المجلس كان عامر بعلماء من فلسطين والسعودية وأكرانيا والمغرب والجزائر وموريتانيا .
أدركتُ هنالك، معنى أن مصر أم الحضارات، وفهمت لماذا وصف الله مصر " بالأرض " في القرآن. حيث قال على لسان يوسف " اجعلني على خزائن الأرض" ولم يقل على خزائن مصر، فمن ملك مصر يستطيع أن يملك الأرض .
اللهم زدني حبا لمصر وسائر بلاد الإسلام !

محمد مسعد ياقوت
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
yakoute@gmail.com