الصفحة الرئيسية > رأي > حتى لا نصبح «بدون»

حتى لا نصبح «بدون»

الخميس 2 شباط (فبراير) 2012


بقلم : محمد عالي الهاشمي

في العام 2006 جمعتنى الصدفة بمجموعة من الشباب من مشارب مختلفة وكان أن دار حديث عن أمن البلد وحالته المدنية واتفق الحاضرون على الحالة المأساوية والخطرة وقد ضربت مثالا بسيطا من خلال احصائية لمن تجنسوا في البلد بطريقة غير شرعية خلال خمسة عشرة سنة من حكم ولد الطائع وعلى أقل تقدير وصل عددهم مائة ألف تقريبا ناهيك عن ابنائهم ومن هم في تبعتهم , ذلك الرقم فقط إذا اعتبرنا أنه تدخل البلاد يوميا سيارة واحدة من الجنوب – أحيانا تدخل عدة سيارات - تحمل عشرين شخصا فقط أما إذا حسبنا ايضا القادمين عبر المنافذ الشرقية فإن العدد سيصل مآت الآلاف ممن حملوا الجنسية بطريقة غير شرعية وبطبيعة الحال لا يحملون أي حرص على مصلحة الوطن ولايعنيهم أمنه ولا استقراره بحال من الأحوال بل مصالحهم الشخصية ومصالح بلدانهم فقط ولا شك أنهم يعارضون أي إجراء يضبط حالة البلد المدنية وبالتالي الأمنية .

وفي العام نفسه كنت خارج الوطن والتقيت بشخص غربي سبق وأن درس في موريتانيا وطلب منى أن أعد له جواز سفر موريتاني مقابل مبلغ معين ولأننى أدرك أنه مطلع على وضع البلد لم أنكر أن تلك التصرفات كانت موجودة لكنى عملت على إقناعه بأن ذلك زمن ولى وأنه لم يعد موجودا بعد الإنقلاب على ولد الطائع ..

تلكم صور من الوضعية المزرية التى كانت – على الأقل حتى لا يقول البعض ومازالت – موجودة , وفي العام الماضي قررت السلطات وضع حد لتلك المسلكيات وعملت على ضبط الحالة المدنية وهو حلم انتظره كل محب للبلد ويأمل في تحققه لكنه حلم صعب المنال وقرار جريء لأن هناك أطراف عدة تعيق تحقق ذلك الحلم وهي :

 المستفيدون من السيبة من سماسرة ومتجنسين بغير وجه حق وبالتالي لا غرابة أن يسخروا كل امكانياتهم لعرقة الإحصاء الممهد لضبط الحالة المدنية .

 الساسة المتاجرون بكل شيء , فوطننا ابتلي بأطراف من المعارضة لو نادي منادي الرئيس إلى الخير لقالوا عنه شرا ولعملوا على عرقلته وأطراف من الأغلبية لو دعى إلى شر لقالوا عنه خيرا .

 الفاقدون للوعي المدني وغير المدركين لقيمة ضبط الحال المدنية وهؤلاء نخشى أن يحل بهم ماحل بما يعرف الآن في الخليج ب"البدون" وهم بدو رفضوا أن يسجلوا ليحصلوا على أوراق مدنية بداية الدول الحديثة ودولهم الآن لا تعترف بهم كمواطنين ومشكلتهم الآن كبيرة وقد إمتدت لعشرات السنين ففي الكويت مثلا يتجاوز عددهم مائة الف نسمة.

بالإضافة لتلك العوائق يعاني التعداد السكاني الحالي من عدم توفر المعدات الكافية ليتم إحصاء المواطنين بسهولة فليس كل مواطن بإمكانه الوقوف من الخامسة فجرا أمام باب مراكز الإحصاء إلى الواحدة ظهرا , بالإضافة إلى مشكلة المقيمين خارج الوطن وأبنائهم حيث يشترط في إحصاء الشخص إحصاء والديه وتلك مشكلة يعاني منها الكثيرون كما يعاني الإحصاء من نقص التعبئة من طرف كل الأطراف ولا أقول الأطراف المعنية لأن الجميع معني به .

إن ضبط الحالة المدنية من أولى وأهم خطوات بناء الدولة الحديثة وبالتالي أي عمل في هذا الإتجاه يجب أن يكون محل إجماع ويجب أن نتعاون جميعا كل من موقعه على تحقيقه ولا ينبغي أن يخضع لأي تجاذب من أي نوع كان فمصلحة الوطن يجب أن تكون فوق الجميع .

محمدعالي الهاشمي