الصفحة الرئيسية > رأي > الوطنية هي الحل

الوطنية هي الحل

الثلاثاء 24 كانون الثاني (يناير) 2012


بقلم محمد عالي الهاشمي

يحار كثير من المراقبين للشأن الموريتاني - من الموريتانيين ومن غيرهم – الوضعية المزرية التى يعيشها هذا الشعب والصورة التى عليها هذه الدولة رغم أن سكانها لا يتجاوزون الأربع ملايين وثروتها السمكية والمعدنية تحتل الصدارة في المنطقة من حيث الكم والنوع لا من حيث الإستغلال هذا فضلا عن الثروة الحيوانية التى تغني ثلث الشعب أو أكثر وقد قال بعض الخبراء أن الثروة السمكية والحديد فقط من الثروة المعدنية يكفيان لإغناء هذا الشعب لو استغلت أحسن استغلال , فمن أين جاء هذا الخلل ؟

أول جواب قد يتبادر إلى أذهان الكثرين هو الفساد وسوء التسيير , صحيح أن هذا قد يكون سببا لكنه ليس هو السبب الأول بدليل أن هناك دولا أكثر فسادا وأقل إمكانيات مادية وأكثر سكانا لكن وضعيتهم الاقتصادية والتعليمية والصحية أحسن من وضعيتنا وكذا البنى التحتية في بلادهم فما السبب إذا ؟

إن المتمعن في وضعية وطننا يلاحظ أن السبب الرئيسي في هذه الوضعية ناجم عن غياب الوطنية الناتج بدوره عن أسباب منها أن الجمهورية الإسلامية الموريتانية كونت أساسا من مجموعة إمارات كانت أحيانا متناحرة فيما بينها , فكانت الثقافة أساسا ثقافة قبلية وعندما أسست الدولة الحديثة لم يتجه مأسسوها إلى العمل على نشر ثقافة جديدة بدل ثقافة القبيلة أو الإمارة وهي ثقافة الدولة التى تجمع الجميع ويعمل الجميع على صلاجها , وبالتالى لا غرابة أن نسمع اليوم وتحت قبة البرلمان التي تجمع ممثلي الشعب من يصف هذه الدولة بالدويلة دون أن يرمي به في السجن , ولا غرابة أيضا أن نسمع من بعض مواليد هذه الدولة من يهدد بالتخلي عن جنسيتها أو من يرفع علم دولة أجنبية على إحدى مؤسسات الدولة كنوع من الإحتجاج دون أن يحاكم على فعلته النكراء ثم تسحب منه تلك الجنسية إن لم يعتذر للشعب فمثله لا يجوز أن يحمل تلك الجنسية فهذه الفعلة هي إساء للدولة بكل مكوناتها وليست إساءة لحكومة أو جهة سياسية معينة فقط , ناهيك عن بعض التصرفات التى توحي بأن فاعلها ليست لديه أي عاطفة نحو هذا الوطن الذي نشأ وتربى فيه وينهل من خيراته , فقط يتعامل من منطلق المصلحة الذاتية وليذهب الوطن بعد ذلك الجحيم , حتى أنه أصبح من يهتم بالقضايا الوطنية من منطلق وطني وليس من منطلق تمصلح يعتير ساذجا وتجاوزه الزمن ولم يعد لهذا الوطن بواكي ..

يقول أحد الخبراء الدوليين أن موريتانيا يمكنها ان تصبح دبي المنطقة لو كانت لديها استراتيجية واضحة إلا أنها تفقتد تلك الاستراتيجية ونظامها ومعارضتها منشغلان في الصراعات السياسية – يقول الخبير الدولي – بدل العمل على تنمية البلد , فكل الدول لديها خطط تنموية يعمل عليها الجميع وتبقى الخلافات السياسية بعيدة عن المصلحة العليا للبلد , علاج هذه المشكلة التى تفطن لها حتى الأجانب وأخواتها التى سبق ذكر بعضها تكمن في وضع استراتيجية يعمل عليها الجميع كل من موقعه تعمل على زرع حب الوطن وثقافة المواطنة والدولة بمفهومها الحديث والأمور التى يمكن أن تكون محل خلاف والأمور المجمع عليها , استراتيجية تبدأ من التعليم بكل مراحله وفي مقدمة ذلك اقرار مادة الوطنية حتى نزرع حب الوطن في الأجيال وسن قوانين والصرامة في تطبيقها تجرم كل من يمس هيبة الوطن وإقامة أسبوع وطني مخصص لكل ما يزيد إرتباط المواطن بوطنه و تكريم الأشخاص الذين يقومون بتقديم مخترعات للوطن أو يمثلونه أحسن تمثيل كما أننا بحاجة للعمل على سن مدة خدمة إجبارية بطريقة ترد للوطن شيئا من حقه ولا تضيع مستقبل المواطن وكذا القيام بحملات إعلامية لنشر روح الوطنية وحب الوطن بحضارته وتاريخه وفهمه الصحيح للإسلام المتصف بالوسطية والإعتدال وهويته الإسلامية العربية الإفريقية وكل مقوماته وزرع ثقافة المواطنة وروح المدنية ومتطلباتها ثم وضع سياسة ثابتة للقضاء على كل الظواهر التى تعرقل التنمية وإعطاء الوجه الحضاري للبلد كالتقرى العشوائي و"الكزرة" وعدم احترام القوانين كقوانين المرور مثلا .

إننا بتلك الأمور نزيل النظرة التى تصف بلادنا ببلاد السيبة ونجعل المهندس يفكر أثناء تأديته لعمله أنه يقوم بذلك العمل ليس من أجل مصلحة ذاتية فقط وإنما من أجل رفعة وطنه في مجال تخصصه ونجعل المزاراع والإمام والأستاذ والطالب والفنان والسياسي والإقتصادي وكذا جميع فآت المجتمع يفكر بنفس التفكير وعندها سنحقق الأزدهار المطلوب والهدف المنشود.

محمدعالي الهاشمي

elhachimmi@yahoo.fr

محمد عالي الهاشمي