الصفحة الرئيسية > الأخبار > سياسة > على نهج الثورة.. الإسلاميون يقودون مسار التغيير في موريتانيا

على نهج الثورة.. الإسلاميون يقودون مسار التغيير في موريتانيا

الثلاثاء 17 كانون الثاني (يناير) 2012


المد الثوري في عدد من البلدان العربية، دفع الإسلاميين ليكونوا في مقدمة القوى المعارضة في موريتانيا التي تطالب النظام بالبدء الفوري في إصلاحات سياسية واجتماعية أو مواجهة خيار الثورة الشعبية على غرار ما حدث في مصر وتونس وليبيا.

وقامت "منسقية المعارضة" في موريتانيا بالتلويح بالخيار الثوري وذلك خلال مهرجان شعبي أقيم في مدينة نواذيبو العاصمة الاقتصادية الواقعة في الجزء الشمالي الغربي من البلاد، تحت شعار "الغضب الشعبي".

وترى المعارضة أن مهرجان " الغضب الشعبي" سيكون له أكبر الأثر في الصراع القائم مع النظام القائم في موريتانيان والذي زادت حدته خلال الأسابيع القليلة الماضية، ساعية إلى نقل هذه التفاعلات الشعبية إلى مناطق عدة داخل البلاد، لمواجهة المهرجانات السياسية التي تنظمها أحزاب الأغلبية، والأحزاب الأخرى التي تنادي بالحوار مع النظام.

الإسلاميون والإصلاح

وفي كلمات واضحة ومباشرة، طالب حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية "تواصل"- ذو المرجعية الإسلامية - في مهرجانه الحاشد بحضور نائب رئيس الحزب السيد شيخان ولد بيب أن يقوم النظام القائم في موريتانيا بعمليات إصلاح فورية وشاملة وعلى كافة المستويات، متوقعا أن يشمل الربيع العربي موريتانيا.

وأشار ولد بيب إلى أن الإسلاميين في موريتانيا لن يتخلفوا عن مطالب الشباب الموريتاني في التغيير، مستنكرا محاولات الالتفاف على مطالب الشباب الموريتاني والشعب برمته، ورغبة الجميع في تغيير ديمقراطي حقيقي بعد أن أرجع "الدكتاتور" موريتانيا إلى الخلف، وسارت شعوب عربية نحو الحرية والعدالة والديمقراطية، على حد قوله.

وانتقد القيادي في تواصل الوضع المتردي في موريتانيا، والفساد غير المسبوق فيها، ونهب ثروات البلد، مشددا على أن الرغبة باتت ضرورية لحصول التغيير.

وتعهد ولد بيب للشباب بأن يقف الإسلاميون خلفهم ويدعمونهم في حراكهم السلمي، في مواجهة ما أسماه بالظلم القائم والدفع باتجاه دولة العدل والمساواة.

واتفق معه محمد فاضل ولد المختار القيادي بتواصل، داعيا إلي حراك جماهيري من أجل حمل الحكومة على الإصلاح، مؤكدا في الوقت نفسه على أن الشباب يعرف ما يريد وأن صبره بدأ ينفد.

وقال ولد المختار: إن البلد يشهد عودة متسارعة للنظام الفردي الأحادي، وما يصاحبه من فساد ودكتاتورية، حيث تختصر الدولة والشعب والمال والسلطة والقرار في فئة قليلة، بل في شخص واحد هو الرئيس محمد ولد عبد العزيز.

وطالب شباب حزب " تواصل" بضرورة توفير الحرية والعدالة وتعزيز المرجعية الإسلامية في موريتانيا.

آلية التغيير

من جهته، انتقد رئيس حزب التجمع من أجل الإصلاح والتنمية الإسلامي محمد جميل ولد منصور الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد، مؤكدا على أن الإسلاميين مستعدون مع القوى الوطنية والديمقراطية، للمساهمة في صناعة تغيير الوضع الحالي للبلد.

وأوضح ولد منصور أن موريتانيا تستحق وضعا أفضل من وضعها الحالي، وأن الإسلاميين على استعداد لقيادة التغيير في موريتانيا.

ورأى القيادي المعارض أن موريتانيا تعيش وضعا صعبا في ظل الحكم الحالي، مؤكدا أنه من الواضح أن الطريقة التي تسير بها البلاد تفتقد العدل والاستقامة، كما تفتقد الحكمة والمرونة.. على حد قوله.

وأضاف ولد منصور في تصريحات صحفية أن" نتائج الحوار مع الحكومة مخيبة للآمال، لتجاهلها قضايا الإصلاح السياسي والتعديلات ذات القيمة على الدستور"

وتابع: المنطق الاحتجاجي أصبح واقعا حقيقيا في البلد، متوقعا تنامي التظاهرات الشعبية في مختلف القطاعات وفي عدد من المدن الموريتانية.

وأكد ولد منصور أن التغيير في موريتانيا قادم لا محالة، إما من خلال الاقتراع أو الثورة الشعبية.

الدرس التونسي المصري

وفي نفس السياق، استغل زعيم المعارضة الموريتانية أحمد ولد داده الزيارة التي يقوم بها الرئيس الموريتاني تونس في الوقت الحالي للمشاركة في احتفالات "ثورة الياسمين" التي أسقطت نظام حكم زين العابدين بن علي، لدعوته للاستفادة بالدرس التونسي وتطبيق الإصلاحات بشكل سريع.

وقال ولد داده: آمل أن يقول الرئيس الموريتاني فور عودته إلى البلاد مثل ما قال صديقه السابق بن علي "فهمتكم فهمتكم"، في إشارة ضمنية إلى مطالبته بالرحيل.

وأكد المعارض الموريتاني على أن من سلك طريق بن علي ومبارك سيرحل كما رحلوا، مشيرا إلى أن الحكم العسكري في موريتانيا مخير بين الدخول في حوار جدي وحقيقي قادر على تحقيق مطالب الشعب في الإصلاح والتغيير، أو مواجهة مصير الرؤساء الراحلين.

وازدادت سخونة الوضع السياسي في موريتانيا منذ أيام قليلة، بعد أن أصدر القضاء الموريتاني مذكرة اعتقال بحق المعارض المقيم بدولة بوركينا فاسو، المصطفى ولد الإمام الشافعي، بمزاعم تهديده لاستقرار البلاد وتمويله للإرهاب.

وقامت المعارضة الموريتانية بتنظيم سلسلة من الوقفات الاحتجاجية، وشككت في شرعية البرلمان الحالي وطالبت الحكومة بالاستقالة.

ورفعت المعارضة سقف مطالبها بعد الأوضاع السياسية والاقتصادية التي تشهدها البلاد، لتخيير النظام ما بين الرحيل أو الإصلاح الفوري.

انتقاد الحكومة

وكانت المعارضة الموريتانية قد انتقدت حصيلة الإنجازات التي قدمتها الحكومة أمام البرلمان، ووصفتها بأنها هزيلة.

وطالب عدد من نواب المعارضة رئيس الحكومة مولاي ولد محمد الأغظف بالاستقالة، بعد فشل حكومته في تحقيق تطلعات الشعب الموريتاني، على حد قول المعارضة.

ودعا النائب المعارض محمد المصطفى بدر الدين الحكومة إلى تقديم استقالتها، متهما رئيس الوزراء بالتمرد على البرلمان والتهرب من مواجهته، بعد رفضه الرد على ستة أسئلة برلمانية وجهت إليه.

وأكد بدر الدين أن موريتانيا مهددة بالجفاف والمجاعة، وأن ثروات البلاد تنتهب بشكل واسع.

كما انتقد النائب المعارض مسار الحريات في البلاد، مشيرا إلى أن الأفواه مكممة، والحريات ليست مصونة كما تزعم الحكومة، على حد تعبيره.

الانتخابات البرلمانية

الجدير بالذكر أن الانتخابات القادمة لم يكشف بشكل رسمي عن تاريخها بعد تأجيلها، وهو ما يثير الكثير من الجدل داخل أروقة الساحة السياسية.

واعتبرت المعارضة تأجيل الانتخابات غير قانوني وغير دستوري، متهمة الرئيس الموريتاني والحكومة بالتسبب في فراغ دستوري، بعد انتهاء الفترة الدستورية للبرلمان الحالي.

يذكر أن البرلمان الموريتاني صادق بأغلبية الثلثين على التعديلات الدستورية المقترحة من طرف الحكومة، والمنبثقة عن الحوار السياسي الذي جرى قبل شهرين بين الحزب الحاكم والأحزاب الموالية له.

وحازت التعديلات على تأييد 72 نائبا من أصل 95 هم مجموع أعضاء البرلمان الموريتاني، فيما قاطع نواب المعارضة جلسة التصويت.

ويشير محللون سياسيون إلى أن الوضع ينذر في موريتانيا بثورة شعبية، بعد غلاء المعيشة واستفحال البطالة والفقر.

وأوضح المحللون أن موريتانيا ليست بعيدة عما حدث في مصر وتونس، مشيرة إلى أن الطبقة الشعبية بدأت تفكر بجدية في ثورة، قد تؤدي إلى تغيير أو حدوث إصلاحات مطلوبة وعاجلة داخل المجتمع الموريتاني.

تقرير «رسالة الإسلام»