الصفحة الرئيسية > رأي > قراءة لمتغيرات الخارطة السياسية، من 1992 إلى 2011

قراءة لمتغيرات الخارطة السياسية، من 1992 إلى 2011

السبت 31 كانون الأول (ديسمبر) 2011


بقلم اسغير ولد العتيق

إن للتاريخ كلمة

مدخل لتحليل الوضعية السياسية الحالية

تقتضي الظروف في بعض الأحيان و إن دعت لذلك ضرورة الدفاع عن النفس اللجوء للكتابة وكذلك إذا ما اقتضت المرحلة كشف خيوط ملابسات صراع سياسي إيديولوجي فكري أو صراع حزبي أو أتني،و تكون الكتابة أحيانا هي أنجع وسيلة وأفضل طريقة للتبليغ ،كما قد تكون هي الأسهل لإيصال الخبر وتوضيح الفكرة و الأهم لإظهار حقيقة يبذل البعض جهدا زائدا على جهده لإخفائها عن القراء، خاصة إذا تأكد أنها لا تخدم مشروعه الميت وفكره المتحجر ومواقفه المتأرجحة ونواياه غير الطيبة وأهدافه غير النبيلة، هذا الصنف من البشر يوظف ضعفاء الأقلام من الصحافة الذين اعتادوا على رشوة القلم والعمل المأجور لترويج الشائعات والأساطير ضد خصمه السياسي الذي حباه الله باتخاذ الموقف المناسب في الوقت المناسب ،لهذا أصبحت مرغما على أن ألفت نظر القراء الكرام والمتتبعين لحركة و نمو الحقل السياسي الوطني إلى ماضي النخبة السياسية الوطنية لعل وعسى أن تساعد هذه أللفتة في فهم متغيرات المعادلة السياسية .

وسنبدأ هذه أللفتة بترتيب الأحداث أولا بأول صغيرها وكبيرها وقد اضطر في بعض الأحيان إلى تقديم وقائع على أخرى لأهميتها و لضرورة التوضيح أو لربط حادثة سابقة بأخرى حالية قد يكون من الأحسن للقارئ ولضرورة التوضيح كما قلنا سابقا تقديم بعض الوقائع والأحداث الحالية على السابقة لملامسة الأولى للمرحلة وبعد الثانية في الزمان، خاصة وأن المواطن يشاهد و يلاحظ تحولات وتغيرات كبرى تحدث اليوم في المشهد السياسي دون أن يجد لها تفسيرا موضوعيا و دليلا مقنعا.

إن التجاذبات السياسية والصدامات والتصريحات والتصريحات المضادة و الحرب الكلامية وكذا التباين المشاهد في قطب المعارضة التقليدية ليس وليد الصدفة وإنما هو ابن لتجربة سياسية ليست قصيرة ،كان لها الأثر البين فيما نشاهد اليوم من اتجاهات ومواقف مختلفة، جعلت المواطن حائرا لا يعرف كيف يتعامل مع هذا الكم الهائل من المعلومات التي ترد إليه يوميا عبر وسائل اتصال مختلفة، مواقع إخبارية جرائد يومية وأسبوعية وأقمار التقاطية متجولة (رجل الشارع) التي،تضخ الساعة تلو الأخرى معلومات متعارضة في ظاهرها متفقة في مضمونها موجهة في مجملها ضد نجم سياسي و مناضل وطني أبى إلا أن يكون نموذجا للوطنية والديمقراطية، ورمزا للوحدة ومثالا في السهر على أمن وسلامة البلد ورعاية مصالحه العليا، هذه الأهداف وهذه الثوابت المبدئية هي التي أملت عليه وقوفه القوي ضد الثورة حفاظا على أمن ووحدة البلد وحقنا لدماء المسلمين الأبرياء، وهو موقف يجسد بحق البعد الوطني لهذا المناضل الذي شب وشاب في خدمة الوطن والمواطنين ، بديهي أنك أخي القارئ تعرفت عليه من خلال مواصفاته ،إنه المناضل الكبير والمعارض الصريح مسعود ولد بلخير الحليف الذي لا يخادع ، يتعرض اليوم لحملة دعائية كاذبة تقوم بها جهات سياسية تختفي بالأسماء المستعارة والصور المنتحلة لبث وترويج الشائعات والأساطير في الأوساط الشعبية والجماهيرية ،ونسي هؤلاء مروجي الزور والبهتان أنهم جاءوا بإفك عظيم ،وأن الأيام برهنت أن طريقهم الذي يسلكون لن يؤدي بهم إلا لمزيد الخسارة والخسران ،فلقد نطق الشارع مرتين الأولى هي امتناع الشعب من الخروج للشارع والمشاركة في الفوضى عندما دعته تلك الجهات لذلك وساحة ابلوكات خير شاهد ،والثانية خروج المواطنين عن بكرة أبيهم في القرى و المدن لاستقبال رمز النضال مسعود ولد بلخير وتأكيدهم على تمسكهم بخيار الحوار والسلم، ومهما اتخذت هذه الأقلام من وسيلة وأسلوب لتمويه الحقائق وحجبها فإن جموع المواطنين والاستقبالات الشعبية والمهرجانات الحاشدة التي ترأسها قادة الأحزاب التي تبنت منهج الحوار كبديل للثورة إلا دليلا واضحا على استجابة المواطنين لهذا الخيار الديمقراطي .ولقد شاهدتم ذلك بأم العين أسئلوا إن شئتم ساكنة النعمة لعيون... أطار وازويرات وغيرها من المدن والقرى .

ولكي لا نبتعد عن ربيع الثورات أرى أنه من الضروري بل من الواجب قياس ومقارنة النتائج المتمخضة عن هذه الثورات بالنتائج التي تمخضت عن الحوار الوطني :
تعلمون أنه في كل يوم نرى و نسمع في وسائل الإعلام قتلى، جرحى ، دمار وخراب ليس من فاسطين المحتلة ولا من العراق الممزق و لا من جنوب السودان ولا من أفغانستان ولا في غيرها من الدول المعهودة بالحروب والصراعات المسلحة كالصومال ... وإنما هي من بلدان شقيقة وصديقة كانت تنعم مثلنا بالسلم والأمن والهدوء قبل ساعات من قيام ثورات التغيير التي كان ينتظر منها أن تكون سلمية وأن تكون لها نتائج إيجابية تمكن من إزاحة النظم الدكتاتورية بطرق سلمية وديمقراطية غير أنها تحولت فيما بعد إلى حروب واقتتال داخلي واعتصامات مستمرة حتى بعد سقوط تلك الأنظمة,، سقطت الأنظمة الدكتاتورية وسقط قبلها وبعدها آلاف المواطنين وآلاف أخرى أخذت أرقامها في قائمة ذوي الاحتياجات الخاصة ،تدهور الاقتصاد ، انهارت القوة العسكرية ،تحطمت الجسور، تم القضاء على البنى التحتية ،ساد الرعب ،انتشرت الفوضى انتهكت الأعراض والحرمات في مصر أم الدنيا و قلب الوطن العربي في تونس الخضراء والجماهيرية العظمى واليمن وسوريا تحولت الحدائق والزهور إلى رماد تذره الرياح ،اختلط صفاء الجو و جمال الطبيعة بالغبار و أعمدة الدخان المتصاعدة من العمارات والمباني وامتزج أنين الشيوخ وعويل النساء و بكاء الأطفال بدوي المدافع والصواريخ بأزيز الطائرات ودوي الإنفجارات وأصوات البنادق واختلط ماء الغيث بالقنابل والسموم و أعمدة دخان الحرائق وجثم الخوف على القلوب تلك هي نتائج الثورة التي غيرت الوضع من سيء إلى أسوء ، أحكام انتقالية تخضع لمزاج الجماعات والأفراد وإملاءات الغرب والحركات غير المعتدلة وغير الديمقراطية.وعلى العكس من نتائج الثورة كانت نتائج الحوار الوطني قمة في النضج والمسؤولية السياسية حيث شكلت نتائج هذا الحوار صدمة أو صفعة للمكابرين الذين كانوا يراهنون على فشله وعدم جدوائيته. لأنه في نظرهم لا يمكن أن يكون الحوار مفيدا و مقبولا إلا إذا كان ترتيب خيوطه يعود للأسياد وملاك العبيد ولا يكون ناجحا إلا إذا نص في أحد بنوده على انتخابات مبكرة لإعطاء السلطة لمستحقيها الاقتصاديون أ والمشرعون الدينيون أو الاشتراكيون اليساريون الماركسيون ولا يكون الحوار ناجحا إلا إذا كان مع النخبة الإقطاعية التي عاشت وبنت مستقبلها على أكتاف الضعفاء لكن كل شيء في عالمنا السياسي ليس مستحيلا فمساندة قادة الرأي والأحزاب للتغيرات غير الدستورية (الانقلابات) والبحث لها عن المبررات والمسوغات لتشريعها، يبدو أنه عند البعض عمل سياسي وديمقراطي ناضج وتجربة رائدة لترسيخ الممارسة الديمقراطية وأسلوب راق لغرس ثقافة مبدأ التناوب السلمي على السلطة، كما أن الدعوة علنا للفتنة والفوضى وحث الجيش بنداءات متكررة على التدخل لإحداث التغيير والتشكيك في جدية الحوار والحكم عليه بالفشل مسبقا قبل شروع الأطراف فيه ثم الامتناع والرفض الصريح اعتمادا على فرضية الحكم المسبق والتكهنات والاستظلال بالحجج الغيبية هي المبررات التي اعتمدت عليها قيادات أحزاب المنسقية لرفض نتائج الحوار التي فاقت تصوراتهم وتجاوزت منتهى رؤيتهم في وضع الأسس الهيكلية لبناء الدولة الديمقراطية الموحدة.
تلكم هي المواقف النبيلة والسياسات الرشيدة والتصورات العميقة والأفكار النيرة التي ساهمت بها أحزاب منسقية المعارضة الديمقراطية ومن يدور في فلكها من المكابرين المضيعين لمصالح الشعب بالألعاب والملاهي السياسية .
.

يتواصل — اسغير ولد العتيق