الصفحة الرئيسية > رأي > اللغة العربية ومكانتها

اللغة العربية ومكانتها

الجمعة 30 كانون الأول (ديسمبر) 2011


الأستاذة حورية منت أهل داوود

سم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على النبي الكريم

للا سف الشديد الكثيرون من المسلمين الذين ليست لديهم ثقافة إ سلا مية يعتبرون اللغة العربي ـ لغة الضاد ـ هي رمز التخلف إنهم واهمون حقا ويجهلون تماما تاريخ هذه الامة العربية والاسلامية .

ألا يدركون أنهم بهذا الفكريحاربون دينهم وقوميتهم بأنفسهم ؟ ألايعلمون أن اللغة مظهر من مظاهر التاريخ و التاريخ صفة للآمة . واللغة الصفة الثابتة التي لا تزول إلا بزوال الجنسية , وانسلاخ الآمة من تاريخها . كما يقول مصطفي صا دق الرافعي .

واللغة هي الترسا نة الحقيقية التي تبني الآمم وتحمي كيانها. يقول فوسلر : "إن اللغة القومية وطن روحي يؤوي من حرم وطنه علي الآرض. ويقول الفيلسوف الالماني فيخته: " اللغة تجعل من الآمة الناطقة بها كلاما متراصا خاضعا لقوانين , إنها الرابط الحقيقي بين عا لم الاجسام وعالم الآذهان ." واللغة فكر ناطق , والتفكير لغة صامتة واللغة هي معجزة الفكر الكبري .

وهنا ك من لم يتح له ا د را ك اللغة العربية وتمييزها عن غيرها من اللغات فهو إ ما جاهل ولاحيلة لنا مع الجاهل إلا با لاعراض عنه , و إماصاب بالتقليد الآعمي للغرب وهذه هي العبودية العقلية التي نعاني شرورها هذه الآيام .

وقد كان سلف الآمة وقادتها يحرصون علي التوعية بأ همية الاهتمام باللغة العربية حيث يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " تعلموا العربية فإ نها تزيد في المروءة" كما كانوا يؤدبون أبنائهم علي اللحن ,ما أحسن ماقاله الشاعر عبد الرحمن الغشماوي في وصف من يلحن في لفظه

يلقي علي المرفوع صخرة جهله — فيصير تحت لسانه مجرورا

وينال من لغة الكتاب تذمرا — منها ويكتب في الفراغ سطورا

ورأيته مبهورا بذ لك كله — فرحمت ذاك الجاهل المغـــــرورا

وعلمت أن العقل فينا قسمة — والله قدر أمرنا تقديــــــــــــــــــرا

وعن الحسن البصري رحمه الله تعالي "أنه سئل ما تقول في قوم يتعلمون العربية قال :أحسنوا يتعلمون لغة نبيهم "

وفي أهمية تعلم اللسان العربي يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله" فإن اللسان العربي شعار الاسلام وأهله واللغات من أعظم شعائر الآمم التي بها يتميزون " وقال رحمه الله" معلوم أن تعلم العربية و تعليم العربية فرض علي الكفاية وذلك لآن فهم الكتاب والسنة فرض ولايفهم الكتاب والسنة إ لا بفهم اللغة العربية وما لايتم الواجب إ لابه فهو واجب .

كما قال رحمه الله تعالي "اعلم أن اعتياد اللغة العربية يؤثر في العقل والخلق , والدين تأثرا قويا بينا ويؤثر ايضا في مشابهة صدر هذه الآمة من الصحابة والتابعين ومشابهتهم تريد العقل والدين والخلق معا واللغة العربية .هي اللغة التي اختارها الله تبارك وتعالي لآخر رسالة سماوية فانزل بها كتابه المحفوظ القرآن الكريم وذلك لأنها أقدر اللغات علي البقاء وقد مر دهر طويل وكانت اللغة العربية هي اللغة الحضارية الاولي في العالم.

وإليكم بعض العلماء الآجانب قبل العرب الذين تحدثوا عن أهمية اللغة العربية يا من لاتفهمون إ لا كلام سادتكم , والحق ماشهدت به الآعداء .يقول الفرنسي رنست رينان " اللغة العربية بدأت فجأة علي غاية الكمال وهذا أغرب ماوقع في تاريخ البشرية , فليس لها طفولة ولاشيخوخة .

ويقول الآلماني فرتاغ " اللغة العربية أغني لغات العالم" ويقول وليم ورك "إن للعربية لينا ومرونة يمكنانها من التكيف وفقا لمقتضيات العصر" ويقول الدكتور عبد الوهاب عزام " العربية لغة كاملة محببة عجيبة تكاد تصور ألفاظها مشاهد الطبيعة , وتمثل كلماتها خطرات النفوس ,وتكاد تتجلي معانيها في أجراس الآلفاظ كأنما كلماتها خطوات الضمير ونبضات القلوب ونبرات الحياة "

ويقول الدكتور طه حسين " إن المثقفين العرب الذين لم يتقنوا لغتهم ليسوا ناقصي الثقافة فحسب بل في رجولتهم نقص كبير ومهين أيضا "

واللغة العربية هي اللغة التي تتفق مع الاعتبارات العقلية والمنطق السليم في التعبير عما يترد د في الذهن من معاني وطريقة النطق فيها تعين علي ادراك المعني .

وللكلمة جسم وروح ولها نسب تلتقي مع مثيلاتها في ما دتها ومعناها فمثلا : كتب ,كاتب ,مكتوب, كتابة وتشترك هذه الكلمات في مقدار من حروفها وجزء من أ صواتها وتشترك الآ لفاظ المنتسبة إلي أصل واحد في قدر من المعني وهو معني المادة الآصلية العامة .

أما اللغات الآخري فتغلب عليها الفردية إذا ما قارناها باللغة العربية .

ومن مزايا اللغة العربية الإعراب الذي هو الفارق بين المعاني المتكافئة في اللفظ وبه تتميز المعاني ومن مزاياها أيضا أن أصوات الحروف العربية ينطق بها الان كما ينطق بها قبل خمسة عشر قرنا والفضل في ذلك يرجع إلي القرآن الكريم ومن مزاياها أيضا ثباتها علي مر الزمان فماقاله زهير, وعنترة والحطيئة قبل خمسة عشر قرنا ينطقه العربي المعاصر اليوم فيفهم معناه .

وللغة العربية خصائص كثيرة يضيق الوقت عن ذكرها منها علي سبيل المثال لا الحصر :

أولا: الخصائص ا لصوتية

إن اللغة العربية تملك أوسع مدرج صوتي عرفته اللغات حيث تتوزع المخارج بين الشفتين إلي أقصي الحلق

ثانيا: الاشتقاق

الكلمات في اللغة العربية لاتعيش ففي الشرادي منعزلات بل مجتمعات مشتركات كما تعيش العرب في أسر وقبائل.

ثالثا: الايجاز

وهو صفة واضحة في اللغة العربية يقول رسول اله صلي الله عليه وسلم (ؤوتيت جوامع الكلم) ويقول العرب البلاغة والايجاز " خير الكلام ماقل ود ل"

وانطلاقا مما سبق فلايمكن لآي أمة أن تزدهر قبل أن تعتز بلغتها الآم وفي هذا المعني يقول الراهب الفرنسي غربغوا ر" إن مبدأ المســـــــــــــاواة

الذي أغرته الثورة يقضي بفتح أبواب ا للتوظف أمام جميع المواطنين ولكن تسليم زمام الإدارة إلي أشخاص لايحسنون اللغة القومبة يؤدي إلي محاذير كبيرة وأما ترك هؤلاء خارج ميادين الحكم والإدارة فيخالف مبد إ المساوا ة فيترتب علي الثورة والحالة هذه أن تعالج هذه المشكلة معالجة جديدة وذلك بمحاربة اللهجات المحلية ونشر اللغة الفرنسية الفصيحة بين جميع المواطنين .

وقد صدر بيان من مجلس الثورة الفرنسي يقول ( أيها المواطنون ليدفع كلا منكم تسابق مقدس للقضاء علي اللهجات في جميع أقطار فرنسا لأن تلك اللهجا ت رواسب من بقايا عهود الاقطاع والاستعباد )

تأملوا إخوتي الكرام كيف كان هؤلاء يحمون لغتهم ويتشبثون بها, وكيف كان هذا الاعتزاز بلغتهم القومية هو مصدرعزهم وازدهارهم إلى أن فرضوا هذه اللغاة خارج أوطانهم !ومانعييشه نحن الآن من مسخ للهوية والتخلف الفكري هونتيخة حتمية للاستعمار الذي عشناه من طرف هؤلاء وكان أشده وقعا هو الاستعمار الثقافي على الرغم من بسالة المقاومة الثقافية آن ذاك في الكثير من البلدان العربية حيث فرض هؤلاء ثقافتهم وبدأت لغتنا تنطمس لا قدر الله لولا أنها لغة القرآن الكريم وهو موعود بالبقاء مصداقا لقوله جل من قائل (أنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون )صدق الله العظيم .وقد كان التردي في عصور الانحطاط عاملا من عوامل ضعفنا اللغوي.وقد انقسم العرب إبان عصر الاستعمار إلي مجموعتين الأولى هي الدول التي حافظت علي اللغة العربية طوال فترات الاحتلال ولكن العجيب أن تصاعدت فيها ءاراء تشكك في صلاحية اللغة العربية لاحتواء العلوم الحديثة والثانية مجموعة من الدول التي استطاع المستعمر فرض لغته عليها وهي على العكس بذلت جهودا مضنية لاستعادة مكانة اللغة العربية وفي حقيقة الأمر وانطلاقا مما سبق فاللغة العربية ليست عاجزة عن احتواء العلوم الحديثة بل العاجزون هم أهلها .يقول :حافظ إبراهيم على لسان اللغة العربية

وسعت كتاب الله لفظا وغاية — وماضقت عن آي به وعظات

فكيف أضيق اليوم عن وصف ءالة — وتنسيق أسماء لمخترعات

إلي أن يقول :

وأسمع للكتاب في مصر ضجة — فأعلم أن النائحين نعات

أيهجرني قومى عفا الله عنهم — إلي لغة لم تتصل برواة

وفي الختام فاللغة العربية تناديكم وامعتصماه .وليس كلما ورد من تبيان أهمية اللغة العربية وموقف الشرع اتجاهها ومكانتها بين لغات العالم دعوة إلي نبذ اللغات الأجنبية وتركها كلا ليس الأمر كذلك بل قال رسولنا الأعظم عليه أزكي الصلاة والسلام (تعلموا العلم ولو في الصين ) وأمر ديننا الحنيف بتعليم جميع اللغات حيث كان تعلم أي لغة من لغات العالم أفضل من النوافل ..يقول العلامة محمذن فال ولد متالي :

تعلم اللغة شرعا فضلي — على التخلي لعبادة الجلي

يأخذ ذا من قوله وعلما — آدم الأسماء الزم التعلما

الأستاذة حورية منت أهل داوود

مشاركة منتدى