الصفحة الرئيسية > رأي > محمد ولد عبد العزيز .. بين هجوم الأعداء وصمت الأنصار

محمد ولد عبد العزيز .. بين هجوم الأعداء وصمت الأنصار

الأحد 18 كانون الأول (ديسمبر) 2011


بقلم صيدو كان

سنحاول من خلال هذا المقال الذي اخترنا له كعنوان محمد ولد عبد العزيز بين هجوم الأعداء وصمت الأنصار أن نرصد بعض محطات مواقف الخصوم السياسيين لمحمد ولد عبدالعزيز، كما سنحاول أن نبين ضعف وغياب أنصاره وداعميه في الدفاع عنه أمام غارات وهجمات خصومه الإعلامية.

أولا:

منذ سيطرة الجنرال محمد ولد عبد العزيز على زمام الأمور في أغسطس 2008 شاهدنا كيف دخل هو والمعارضة مراحل متباينة من التقارب الشديد والتباعد القوي. كان أولها ظهورا موقف زعيم المعارضة أحمد ولد داداه بعد لقائه الاول مع الجنرال، حيث أعلن بعد هذا اللقاء عن دعمه له بل وكان أول من أطلق على ما حدث اسم "حركة تصحيحية". وفي تلك الأثناء لم يختلف اثنان على أن الرجل كان يتقرب من المؤسسة العسكرية الممسكة بزمام الأمور والمتمثلة في محمد ولد عبد العزيز اعتقادا منه أنه يكفيهم أن يجدوا من يجد لهم مخرجا من مأزق الانقلاب الذي قامو به، خاصة أنه لقي إدانة واسعة، وأبدى ولد داداه كل الجاهزية للقيام بذلك الدور.

ولهذا اعتقد أحمد ولد داداه أن هذه هي فرصته الذهبية للترشح للانتخابات الرئاسية التي من المزمع اجرائها في آجال ستتحدد من طرف المجلس العسكري.

وأنه سيجدها مناسبة لتحقيق حلمه بانتخابه رئيسا للجمهورية في انتخابات لن يكون الجيش طرفا فيها يرجح كفة طرف على آخر. حلم العمر بالترشح والوصول لمنصب رئيس الجمهورية، ذلك الحلم الذي طالما راوده في اليقظة والمنام. لكن لم يمر الكثير من الوقت حتى بدأت تتضح معالم المرحلة ونية محمد ولد عبد العزيز الترشح للرئاسيات.

أصيب ولد داداه بصدمة قوية وخيبة أمل شديدة، لازم الرجل الصمت بعدها لفترة لترتيب أوراقه ومراجعة حساباته ليظهر أمام الرأي العام شانا حملة هجومية ضد الجنرال محمد ولد عبد العزيز تحمل خطابا مغايرا للخطاب الذي طالما ردده ودافع من خلاله عن شرعية ما قام به محمد ولد عبد العزيز، بل وذهب عندها أبعد من ذلك بتبريره ما وقع أمام الشركاء الدوليين داخليا وخارجيا. ، معربا عن نية الجنرال في الاحتفاظ بالسلطة.

ولتسويق خطابه ودعايته جند مجموعات من الأقلام والصحف والمواقع الالكترونية المعروفة بتعاطفها معه. وأخرى مأجورة. وهي حملة أظهرت أن دورها الرئيسي هو حرق محمد ولد عبد العزيز والرقص على رماده.

ثانيا:

صالح ولد حننة،العسكري الانقلابي سابقا و السياسي لاحقا. كان لفترة قريبة من أشد المدافعين عن فكر ونظام محمد ولد عبد العزيز، بل وشارك حزبه في إحدى حكومات الرئيس محمد ولد عبد العزيز بعد انتخابه رئيسا للجمهورية. مؤخرا شاهدنا كيف جمّد عضويته بشكل مفاجئ في منسقية أحزاب "الموالاة" ثم أعقبها بعدة تحركات سجلنا كونها "الهرولة" من أقصى الموالاة لأقصى المعارضة.. إن لم تخني ذاكرتي فبالأمس القريب امتدح صالح عزيز أيّما امتداح.. وهاهو ينتقده ويسوق له أصناف المعايب و ألوان القذف والتشهير "الشخصي" كل ذلك لأن حزبه لم يعد طرفا مشاركا في حكومة ولد عبد العزيز.

لو أردنا أن نحصي من كانوا إلى جانب محمد ولد عبد العزيز ودافعوا عنه باستماتة في بعض مراحل حكمه فهم أكثر من أن يتسع مقال مثل هذا لذكرهم وتعداد أسمائهم، لكننا قدمنا نموذجين بارزين كانت مواقفهما لافتة لنظر كل متتبع للشأن السياسي الموريتاني.

ثالثا:

طلع علينا أحد المواقع "الإخبارية" منذ عدة أيام بما يشبه التحليل الإخباري الذي لا يعدو في الحقيقة كونه قصيدة مدح لرئيس الحكومة. ولم لاإن كان الرجل في نظر المحرر يستحق ما خطته أنامله من شكر الرجل وتعداد محاسنه. فكما قيل "من لايشكر الناس لا يشكر الله". لكن ما شدّ انتباهي وأثار دهشتي هو أنّ ذلك التحليل جاء مباشرة عقب تحليل آخر في سياق مختلف غلى نفس الموقع كال أشتى أنواع الذم والشتم العلني لشخص رئيس الجمهورية. أحسست بالدوار أمام هذين الخطابين المتناقضين. مما جعلني أتصور أن التحليلين يتحدثان عن شخصيتين متناقضتين متباعدتين متنافرتين. لاعن رئيس جمهورية ورئيس وزرائه. إنني كالذي شرب كأس ماء بارد أتبعها رشفات من الشاي الساخن. خيّل إلي من الموضوعين أنني أقرأ عن ملاك طاهر ليس من أهل الأرض ومن الآخر أنني أطلع على سوءات إبليس الرجيم.

الأمر الذي جعلني أعيد قراءة التحليلين لعلي أكون مخطأ أو لسوء فهم من طرفي، لكني بعد القراءة الثانية تأكدت أنني لم أكن واهما ولا متخيلا لما استنتجته من قراءتي الأولى. حاولت بعد لحظات من ارتفاع الأدرنالين في دمي أن أصل إلى خلاصة تمكنني من فهم المغزى وراء معادلة منطقية تبرر ذلك الشكر والمدح لشخص الوزير الأول والذم لرئيس الدولة.

رابعا:

قبل عدة أشهر، وقبل أن يحدث التقارب الحالي في وجهات النظر بين قطبين من أقطاب معارضة نظام محمد ولد عبد العزيز السيد بيجل ولد حميد والسيد مسعود ولد بلخير وإبان ما كان بين الرجلين من جهة ورئيس الدولة من جهة أخرى من "تباعد"، كانا حينها يكيلان الانتقاد اللاذع لرئيس الجمهورية كانا يكيلان بالمقابل المدح والثناء لرئيس الوزراء. ووجهوا في أكثر من مناسبة الكثير من الانتقادات في شخص ونهج الرئيس، في حين قرأنا كما الجميع على صفحات الجرائد الورقية والمواقع الإلكترونية ثناء الرجلين وامتداحهم لشخص الوزير الأول عقب لقاءات جمعتهم به، وكأنه ليس وزيرا أولا لحكومة معينة من طرف الرئيس محمد ولد عبد العزيز. إنه لمن الغريب بل والنادر الحدوث أن شخصين في تقارب وتلازم رئيس الدولة ووزيره الأول، نرى تحاملا مبالغا فيه ضد الأول وفي المقابل ودّا وألفة تجاه الأخير ومن لدن نفس الأشخاص.

من البديهي أن الشخصيات العامة معرضة للانتقاد ومسائلة الرأي العام، لا بصفتها الشخصية ولكن لكونها شخصيات عامة مسؤولة عن تسيير وإدارة شؤون الناس. لهذا فكل مسؤول معرض لأن يتناوله الساسة والمثقفون والصحفيون بل والمواطنون عامة بتقييم تسييره وتصرفاته التي تتعلق بالشأن العام لا بصفته الشخصية.. فالنقد البناء هو النقد الذي لا ينزل إلى مستويات الإسفاف والتجريح والقذف. ، ولا كذلك الذي يرقى إلى حد المدح الغير مبرر والغير الموضوعي.

فالانتقاد أو المدح لكل منهما حدوده المقبولة منطقا وعقلا، فإذا تجاوز النقد أو المدح حدود المنطق والعقل والأخلاق أصبح نوعا من التهريج والعبث.

خامسا:

في إطار المحطات التي تناولناها في النقاط السابقة سنتناول في هذه النقطة صمت أنصار وداعمي الرئيس محمد ولد عبد العزيز، وهو أمر محير في حقيقة الأمر ولا يكاد يجد له أي محلل سببا منطقيا. فمن المعروف أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز منذ انتخابه رئيسا للجمهورية التفت حوله أغلبية برلمانية و ألف حكومة برئاسة وزير أول هو رجل ثقته الأول، وحكومة أفراد اختارهم ولد عبد العزيز بعد اقتراحهم من قبل وزيره الأول طبقا لمعايير لا يعرفها إلا الرئيس ووزيره الأول.

إضافة إلى حزب حاكم انتسبت إليه جل النخب السياسية وكبار أطر الدولة، في ذلك الوقت الذي كانت المعارضة تجيش أنصارها ضد نظام ولد عبد العزيز وتتناوله بالنقد اللاذع في شخصه وأسرته بل وقبيلته في خطب زعماء المعارضة وتصريحاتهم الصحفية وعلى المواقع الالكترونية، فإننا لم نسمع أن أحدا من أنصار الرئيس لا من رئيس وزراءه ولا من الوزراء أنفسهم ولا من منتسبي الحزب ولا من أغلبيته البرلمانية، من وقف للدفاع عن سياسته وخياراته, وكأن الرجل يحكم البلاد وحيدا وبلا سند من حكومة تضم مجموعة كبيرة من الوزراء ولا من حزب يضم آلاف المنتسبين ولا من أغلبية برلمانية. بل الغريب أننا سمعنا على أثير الإذاعة الرسمية وشاشة التلفزة الوطنية ينتقدون وزراء من حكومة كان حري بهم أن يدافعوا عن سياستها.

كما أننا لم نسمع قط من الوزير الأول وهو المعين من طرف الرئيس لتنفيذ سياسته والإشراف على تنفيذ برنامجه الانتخابي، لم نسمعه قط يقف للدفاع والذود عن رئيس الجمهورية أمام تلك الهجمات المتواصلة. ومن المحير أيضا في هذا السياق أننا لم نسمع قط في أي مداخلة لأي من زعماء المعارضة انتقادا واحدا موجها للوزير الأول أو لتسييره أو تصرفاته تجاه تسيير الشأن العام، في حين نجد أن من يلتقي منهم به يمتدحه ويغدق عليه جميع أصناف الثناء والتقدير. في حين أن رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء هما في حقيقة الأمر شخص واحد على الأقل فيما يبدو للعيان.

أشك في أن يختلف معي أحد في أن لدى رئيس الوزراء فريق استشاري يتولى تلميع صورته إعلاميا. وهو أمر معاذ الله أن ننتقده أو أن نسجل احتجاجا عليه، ولكن أليس من الأحرى والأجدر بهذا الفريق التابع لرئيس الوزراء أن تكون مهمته الدفاع عن سياسة رئيس الجمهورية خصوصا في ظل عجز بين لدى الفريق الإعلامي والسياسي لرئيس الجمهورية في شرح توجهاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتبيانها للرأي العام، في وجه هجوم المعارضة الشرس والقريب من الإقناع لدى شرائح هي آخذة في التزايد .

لقد استعرضنا خلال النقاط السابقة نقطتين أساسيتين دار حولهما هذا التحليل، الأولى هي هجوم خصوم الرئيس محمد ولد عبد العزيز والثانية صمت أنصاره ، رئيس وزراء وأعضاء حكومة وحزب حاكم يضم آلاف المنتسبين وأغلبية برلمانية وأشخاص يدعون مناصرتهم وتأييدهم للرجل, فأين هم من كل هذا وما هي مبررات ذك الصمت المريب؟ وهل يحس الرجل بهذا الغياب اللافت للنظر أم أن الرجل مغيب عما يدور ويجري على الساحة وما هي مبررات صمت وزيره الأول وما هي دواعي صمت المعارضة بجميع أطيافها عن التعرض لرئيس الوزراء وكأنه لا صلة تربطه برئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز.

صيدو كان