الصفحة الرئيسية > الأخبار > اقتصاد > دعم خليجي لا يتوقف.. موريتانيا اقتصاد متهاوٍ وثروات ضائعة

دعم خليجي لا يتوقف.. موريتانيا اقتصاد متهاوٍ وثروات ضائعة

السبت 2 تموز (يوليو) 2022


لا تتوقف دول الخليج العربي عن مساندة بقية الدول العربية لتجاوز الأزمات التي تعصف باقتصاداتها، ولتمنع انهيارها بسبب المتغيرات الحادة التي يعيشها العالم، في انعكاس لأهمية التعاون العربي لمواجهة التحديات الدولية.

أحدث خطوات الدعم الخليجي كانت يوم الـ17 من أبريل 2022، وتمثلت بتوقيع السعودية وموريتانيا اتفاقاً بالعاصمة نواكشوط يقضي بتحويل وديعة سعودية لدى البنك المركزي الموريتاني بقيمة 300 مليون دولار إلى قرض بشروط ميسرة.

ووقع الاتفاق وزير المالية الموريتاني إسلمو ولد محمد امبادي، ووكيل وزارة المالية السعودية للعلاقات الدولية رياض محمد الخريف، حسب وكالة الأنباء الموريتانية الرسمية.

وقال وزير المالية الموريتاني، في تصريحات له على هامش توقيع الاتفاق: إن "السعودية ما فتئت تمول نمو الاقتصاد الموريتاني وقطاعات حيوية مثل التعليم والطاقة والصحة والمياه الصالحة للشرب".

وأشار إلى أن الرياض قدمت في شهر مايو 2015 وديعة بـ300 مليون دولار لتعزيز ميزان المدفوعات للبنك المركزي الموريتاني، مما ساعد على التخفيف من التأثيرات السلبية لأزمة استيراد المواد الأساسية، ودعم قدرات البلاد في مجال الصادرات.

وتابع أنه بموجب الاتفاق تم تحويل الوديعة إلى قرض سيسدد على مدى 20 سنة، مع فترة سماح تبلغ 8 سنوات، وبنسبة فائدة 1%.

وسيمول القرض مشاريع في المجال الاقتصادي والاجتماعي لتحسين الظروف المعيشية للسكان، وفق "امبادي".

من جانبه قال وكيل وزارة المالية السعودي، في كلمة له، إن هذا الاتفاق سيفتح المجال لموريتانيا من أجل الحصول على مزيد من القروض لدى المنظمات والهيئات المالية العالمية، وسيحفز النمو الاقتصادي في مجالات حيوية.

مؤشرات حمراء
تحويل وديعة بمبلغ 300 مليون دولار، وهو مبلغ ضئيل مقارنة بنفقات وموازنات الدول، إلى قرض طويل الأجل وبشروط ميسرة للغاية، يشير بشكل واضح إلى حالة الضعف التي يمر بها الاقتصاد في موريتانيا، وهو ما تظهره مؤشراته العامة.

وعند الحديث بالبيانات والأرقام فإن نسبة البطالة في موريتانيا وصلت إلى 37%، بحسب بيانات أعلنها وزير التشغيل والتكوين المهني الطالب سيد أحمد، في ديسمبر 2021.

وهذه النسبة لا تعني أن 63% من الموريتانيين بحالة جيدة لأنهم يعملون، فـ31% من الشعب الموريتاني فقراء، كما ذكر تقرير أصدره البنك الدولي، في يونيو الماضي.

وإضافة إلى ذلك فإن نواكشوط تعاني من مديونيَّة عالية مقارنة بالناتج المحلّي الإجمالي للبلاد، ما جعل موازنتها السنوية في عجز دائم.

وتظهر قاعدة بيانات البنك الدولي أن إجمالي رصيد الدين الخارجي المستحق على موريتانيا انتقل من ملياري دولار في 2008 إلى 3.57 مليارات دولار في 2013، قبل أن يصل إلى 3.83 مليارات دولار في 2016، فيما بلغ 5.21 مليارات دولار في العام 2018، وهو آخر رقم معلن بشأن حجم الديون الحكومية الموريتانية.

وبمقارنة نسبة أرصدة الدين الخارجي إلى إجمالي الدخل القومي خلال السنوات العشر الأخيرة، تظهر قاعدة بيانات البنك الدولي حول موريتانيا انتقال هذه النسبة من 84.59% في العام 2009، إلى 110.16% في العام 2015، قبل أن تتراجع في 2017 بشكل طفيف مسجلة 106.88%، ثم انخفضت إلى 97.84% في العام 2018، و72% في 2020.

ويبلغ نصيب كل مواطن موريتاني نحو 1300 دولار من ديون بلاده، وهو ما يقدَّر بـ81% من متوسط دخل الفرد السنوي في البلاد، الذي يبلغ 1600 دولار، وفق بيانات البنك الدولي الصادرة في شهر يونيو من العام 2021.

دعم خليجي واسع
ونتيجة لهذه المؤشرات الاقتصادية الحمراء فإن دول الخليج طالما عملت على تقديم الدعم لموريتانيا لمنع انهيارها.

وسبق الخطوة السعودية الأخيرة إعلان موريتانيا، في شهر أغسطس الماضي، التوصل إلى تسوية نهائية لتسديد ديونها للكويت المتراكمة منذ 40 عاماً.

وقال وزير المالية الموريتاني محمد الأمين ولد الذهبي، في مؤتمر صحفي بنواكشوط، آنذاك: إن "التسوية تقوم على إلغاء 95% من الفوائد، وتحويل الـ 5% المتبقية إلى استثمارات، وتسديد أصل الدين على مدى 20 عاماً، مع فترة سماح مدتها سنتين".

وتشير تقديرات غير رسمية أوردتها وسائل إعلام موريتانية إلى أن هذه الديون تصل إلى نحو 950 مليون دولار، لكنها في الأغلب فوائد على دين أصله 150 مليون دولار، اقترضت موريتانيا أغلبها في ثمانينيات القرن الماضي.

وبالعودة إلى السعودية، فإنها تعد أكبر ممول عربي للمشروعات التنموية في موريتانيا، من خلال هيئاتها الإنمائية المختلفة، والصندوق السعودي للتنمية، والبنك الإسلامي للتنمية، بحسب ما ذكرته وسائل الإعلام السعودية.

وبلغ إجمالي ما قدمته الرياض لموريتانيا عبر صندوق التنمية السعودي، وإسهامات البنك الإسلامي للتنمية، نحو 1.147 مليار دولار لدعم مشروعات التنمية حتى نهاية 2021.

وفي مجال المناجم والتعدين قدم الصندوق السعودي للتنمية في العام 2018 قرضاً بمبلغ 63 مليون دولار لتمويل استغلال المناجم ودعم قطاع الصناعة والمعادن.

كما قدمت الرياض 55 مليون دولار إلى موريتانيا بهدف بناء أكبر مستشفى، حيث وقعت موريتانيا والسعودية، في فبراير 2021، مذكرة تفاهم بشأن منحة قدمتها من المملكة مخصصة لبناء وتجهيز مستشفى الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود.

أما الإمارات فأعلنت، في 2019، تخصيص ملياري دولار لموريتانيا من أجل إقامة مشاريع استثمارية وتنموية وتقديم قروض ميسرة.

فيما قدمت قطر من خلال جمعية "قطر الخيرية" مساعدات إغاثية لمتضرري العواصف وسط موريتانيا عام 2015، شملت 150 عائلة.

ووفرت الجمعية القطرية أيضاً مساعدات غذائية في أكثر من 10 قرى، واستفادت العائلات المستهدفة من الحصول على مواد غذائية شملت الأرز والزيت والقمح.

ولمواجهة أزمة شح المياه التي تعاني منها بشدة حصلت موريتانيا، في نوفمبر 2021، على تمويل بقيمة 317 مليون دولار لتوفير مياه الشرب بمدن في وسط وجنوب البلاد من ثلاث دول خليجية هي: الكويت والسعودية والإمارات.

كنوز مخفية
ورغم المؤشرات الاقتصادية المتهاوية التي تعيشها موريتانيا، فإنه كان يمكنها أن تتجاوز كل ذلك حال استغلال ثرواتها ومواردها الطبيعية بالشكل الأمثل، فهي تملك كنوزاً في باطن الأرض وقاع المحيط بدون استغلال.

وإضافة إلى الثروة السمكية التي تشتهر بها موريتانيا فإنها تملك ثروات من معادن الحديد والذهب والنحاس والفوسفات والكوارتز والملح والجبس والنفط أيضاً.

وفي بيانات أكثر دقّة حول ثروات موريتانيا فإن احتياطاتها المؤكَّدة من مادة الحديد تبلغ نحو 1.5 مليار طن.

ولا يتجاوز إنتاج موريتانيا من الحديد الـ12 مليون طن سنوياً، في حين تسعى شركة الحديد والمناجم (أسنيم) التي تعمل على استخراج وتصدير الحديد الخام في البلاد لزيادة إنتاجها السنوي لـ40 مليون طن في 2025.

وتملك موريتانيا ثروة أخرى من الذهب تقدَّر بنحو 25 مليون أونصة (845.3 طناً)، علماً أن إنتاج الذهب في البلاد لا يتجاوز الـ 11 طناً سنوياً، حسب إحصاءات وزارة المعادن للعام 2020.

كما لدى نواكشوط احتياطات كبيرة من النحاس تقدَّر بنحو 28 مليون طن، إلا أن أعظم إنتاج لها كان في العام 2016؛ عندما أنتجت 45 ألف طن من النحاس، لكن هذا الرقم تراجع ليصل في العام الماضي 2021 إلى 25 ألف طن فقط.

الفوسفات أيضاً له موقع مهمّ ضمن كنوز موريتانيا، فهي تملك أكثر من 140 مليون طن من هذه المادّة الثمينة، في حين أن البلاد بدأت باستخراجها من منجم بمنطقة "بوفال" بولاية البراكنة في العام 2018، وصدّرت أول شحنة منها في شهر مايو 2018، دون الإعلان رسمياً بعد ذلك عن أي كميات أخرى تم تصديرها.

ويضمّ باطن الأرض في موريتانيا أكثر من 11 مليون طن من الكوارتز، وقد دشّنت الحكومة الموريتانية، في العام 2014، أوّل مصنع لمعدن الكوارتز، في منطقة الحديبة شمال البلاد، وتبلغ القيمة الإنتاجية للمصنع 100 ألف طن سنوياً.

كما تملك نواكشوط أكثر من 245 مليون طن من الملح، وأكثر من 100 مليون طن من الجبس، ولا تتوفّر بيانات عن الإنتاج السنوي من هاتين المادتين.

المصدر : الخليج أونلاين