الصفحة الرئيسية > الأخبار > مجتمع > جدل في موريتانيا حول خادمات المنازل

جدل في موريتانيا حول خادمات المنازل

الجمعة 9 كانون الأول (ديسمبر) 2011


أطلقت الحكومة الموريتانية بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة مشروعا لتوعية خادمات وعمال المنازل بحقوقهم وواجباتهم، وتعريف مشغليهم بمضمون قانون التشغيل المنزلي، وذلك بالتزامن مع تصاعد الجدل القانوني والاجتماعي بشأن تشغيل القصر وتقاطعه في أحيان كثيرة مع الممارسات الاسترقاقية التقليدية.

وتقول منظمات حقوقية إن تشغيل القصر وخدم المنازل في موريتانيا ليس إلا عنوانا لممارسة الاستعباد بشكله التقليدي تحت لافتات وعناوين أخرى، وأدى ذلك الجدل إلى محاكمات عديدة في الآونة الأخيرة تفاوتت فيها الاتهامات بين الاسترقاق والاستغلال.

من جانبه، يقول مدير العلاقات مع المجتمع المدني بوزارة حقوق الإنسان حمود ولد اطفيل إن المشروع الذي سيستمر ستة أشهر يرمي إلى الرفع من مستوى هذه الشريحة التي اقتضت ظروف عملها أن تتولى مسؤولية شبه كاملة عن البيت بدءا بتربية الأطفال، وانتهاء بالمحافظة على سكينة المنزل.

وأضاف أن الحكومة أصدرت في الآونة الأخيرة قانونا ينظم عمل خادمات وعمال المنازل، وينتظر أن يؤدي المشروع الحالي مسؤولية التحسيس به وتعريف جميع الأطراف بمقتضياته وأحكامه.

وكانت منظمة النساء معيلات الأسر قد أطلقت بالتعاون مع مؤسسة أرض الرجال الدولية مشروع إنقاذ وحماية لخادمات المنازل، وهو المشروع الذي تم إطلاقه منذ نحو ثلاث سنوات ويقول القائمون عليه إنه تمكن حتى الآن من إنقاذ آلاف القاصرات خادمات المنازل من ويلات الاستغلال والانتهاك، وتمكن من توجيههن إلى قاعات الدرس وميادين التكوين.
آلاف الضحايا وتقول رئيسة منظمة النساء معيلات الأسر آمنة بنت المختار في حديث مع الجزيرة نت إن المشروع تمكن منذ إطلاقه في آب 2009 من احتضان أكثر من ثلاثة آلاف من عاملات المنازل القاصرات اللائي تعرضن إما لعمليات اغتصاب وإما لأعمال عنف مختلفة.

وتضيف بنت المختار أنه وبسبب كون أغلب خادمات المنازل ينحدرن من فئة الأرقاء السابقين فإن الكثير من ممارسي العبودية ما زال يحتفظ ببعض الفتيات الصغيرات كإماء وعند مفاجأتهم من طرف الحقوقيين يتعللون بالقول إنهم يشغلونهن كأجيرات ومقابل مبالغ مالية محددة وليس كإماء ورقيقات.

وقالت إنهم شكلوا لجانا في كل مقاطعات وأحياء العاصمة نواكشوط من أجل البحث والتنقيب عن حالات استغلال القاصرات، وكانت المفاجأة أن تلك العملية كشفت عن آلاف الحالات يجري تشغيلهن في ظروف غير إنسانية وبعضهن تعرضن للاغتصاب من قبل مشغليهم، وأحيانا من قبل سائقي سيارات الأجرة بحكم أن بعضهن يغادرن منازل العمل في أوقات متأخرة مما يرغمهن على استغلال سيارات الأجرة إلى أماكن سكنهن في أوقات متأخرة وظروف مشبوهة.

وتقتضي خطة الإنقاذ التي تنفذها المنظمتان بحسب بنت المختار، فك ارتباط الفتيات القاصرات بمشغليهم، مقابل تعويض أهلهن وذويهن مبالغ مالية، أو تمويل مشاريع مدرة للدخل لصالح أمهاتهن بالإضافة إلى معونات غذائية شهرية تجعل أسرهن في غنى عن إعادة توجيههن مرة أخرى لسوق العمل، هذا بالإضافة إلى توجيه الضحايا نحو قاعات الدرس، أو إلى فصول محو الأمية إن كن تجاوزن مرحلة الدراسة الابتدائية.

قصص

وتبدو بعض القاصرات ضحايا التشغيل السابقات ممتنات لإيوائهن من قبل المشروع، ويحكين قصصا مؤلمة من واقع التشغيل، ويبدين إصرارا على مواصلة التعليم ورفضا للعودة مرة أخرى إلى مهنة العمل في المنازل.
وتقول زينب صامبا ( 15 عاما ) إنها كادت تفقد حياتها في رحلة البحث عن القوت حين صدمتها سيارة أثناء أدائها لمهمة خارج المنزل الذي تعمل فيه، وتشير إلى أن الرحمة الإلهية ساقت إليها هذه المنظمة التي أشرفت على علاجها ووجهتها بعد ذلك إلى المدرسة. وتشير زميلتها لالة بنت أحمد إلى أن الظروف المزرية لأهلها وما يعانونه من فقر مدقع هو ما دفع بهم لإرسالها حين كانت تبلغ 13 عاما لكي تعمل خادمة في أحد منازل الأثرياء، قبل أن تتصل بها المنظمة وتعيدها إلى البيت وإلى فصول الدراسة من جديد.
وتأسف حواء آلاسان جلو لأن أبناء الأسرة التي عملت لديها قبل سنتين كانوا يعيرونها بأن أهلها يسكنون في بيوت صفيح ليس بها ماء أو كهرباء.

تقرير : جريدة القدس