الصفحة الرئيسية > الأخبار > الأولى > موريتانيا| بـ نعم «للتعديلات الدستورية».. الصراع يحتدم بين المعارضة والنظام

موريتانيا| بـ نعم «للتعديلات الدستورية».. الصراع يحتدم بين المعارضة والنظام

الأربعاء 9 آب (أغسطس) 2017


وسط أجواء متوترة أدلى الموريتانيون بأصواتهم في الاستفتاء على التعديلات الدستورية التي ترفضها المعارضة وتعتبرها انتهاكا للدستور وانقلابا على الشرعية، والتي أجازت نتائجها التعديلات التي اقترحتها الأغلبية الحاكمة وبعض أحزاب المعارضة، الأمر الذي يزيد من ارتباك المشهد السياسي المعقد في البلاد.

وتشمل أبرز التعديلات الدستورية إلغاء محكمة العدل السامية المعنيّة بمحاكمة الرئيس وأعضاء الحكومة، وإنشاء مجالس جهوية للتنمية، وتوسيع النسبية في الانتخابات العامة، وتغيير العلم والنشيد الوطنيين، وإلغاء مجلس الشيوخ.

ولا تتضمن التعديلات المطروحة منح الرئيس الحق في الترشح لولاية ثالثة، لكن الوزير الأول يحيى ولد حدمين أكّد، أن "الرئيس لن يغادر السلطة بعد انتهاء ولايته الثانية في 2019".

مقاطعة المعارضة

وبدأ المواطنون الموريتانيون، السبت الماضي، التصويت على تعديل دستوري دعا إليه الرئيس محمد ولد عبد العزيز، في حين دعت الأحزاب المعارضة لمقاطعة الاستفتاء، واعتبرته "انقلاباً" على الدستور وعودة بالبلاد للوراء.

ويتوقع أن تعلن النتائج مطلع الأسبوع المقبل في هذا الاقتراع، الذي تعتبره المعارضة "تمريراً قسرياً" لتغييرات رفضها البرلمان، والتي يمكن أن تكون سعياً إلى سابقة يمكن أن تسهّل إلغاء سقف عدد الولايات الرئاسية، المحددة باثنتين حالياً، حسبما نقلت "فرانس برس".

وتعتبر المعارضة، -وخاصة المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة- أن لجوء الرئيس ولد عبد العزيز إلى الاستفتاء يعد انتهاكا للدستور و"تمردا جديدا على الشرعية"، وأكدت أنها ستصعد من أدواتها النضالية ضده، وهو ما يؤشر على صراع أشد سخونة في المشهد السياسي الموريتاني.

الحزب الحاكم

لكن الحزب الحاكم يرى أن التعديلات ضرورية وأنها تدخل ضمن صلب اختصاصات الرئيس والمجلس التشريعي للبلاد.

وتتوجس المعارضة، خاصة المتشددة منها، من أن يكون التعديل غطاء لرغبة الرئيس، محمد ولد عبد العزيز، في مد فترته الرئاسية، وهو الأمر الذي ينفيه الرئيس.

وندد حزب "اللقاء الوطني الديمقراطي"، وهو الحزب المعارض الوحيد في موريتانيا، بالتعديلات، ودعا للتصويت ضدها، واصفاً إياها بـ "الحملة غير العادلة".

وقال رئيس الحزب، محفوظ ولد بتاح في تصريحات صحفية، إن مؤيدي التعديل يحظون بغالبية التغطيات الإعلامية على المحطات الرسمية، بحسب مواقع إخبارية محلية.

نشر الفوضى

ورفضت السلطات السماح بتنظيم مظاهرات معارضة للاستفتاء في العاصمة نواكشوط وثلاث مناطق أخرى، كما فرّقت الشرطة معارضين للاستفتاء تظاهروا قبل ساعات من تجمّع عقده الرئيس الموريتاني، نهاية الأسبوع الماضي في نواكشوط، لدعوة المواطنين إلى التصويت لصالح التعديلات الدستورية.

وخلال تجمّع نواكشوط، نفى الرئيس الموريتاني، محمد ولد عبد العزيز، وجود أي ربط بين التعديلات الدستورية والحديث عن فترة رئاسية ثالثة له، ودعا في حملة جال خلالها أرجاء موريتانيا، إلى التصويت بـ "نعم"، متّهماً المعارضة بالسعي إلى "نشر الفوضى".

واتهم ولد عبد العزيز أعضاء مجلس الشيوخ المعارضين للاستفتاء "بالفساد". ودعا الشعب إلى "التخلّص من المجلس الذي يشكّل خطراً على مستقبل البلد وعلى ديمقراطيته".

معارضة هشة

ووصل ولد عبد العزيز للسلطة في يوليو 2009، بعد إطاحته بأول رئيس مدني منتخب، سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، في انقلاب عسكري جرى في 6 أغسطس 2008، بعدما قام الأخير بإصدار قرار رئاسي بخلعه من رئاسة الحرس الرئاسي.

بدوره قال الناشط السياسي الموريتاني مولاي بن حميد، إن التزوير سمة الاستحقاقات في موريتانيا وتشارك فيه المعارضة بسلبيتها في عدم المشاركة في غالبية الانتخابات أو التصويتات السياسية التي تدعي القدرة على تحريك الشارع وتعبئته.

وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن المعارضة لا تملك من أمرها شيء فهي ضعيفة للغاية، متسائلاً لماذا لم يشاركوا و يفضحوا النظام بأدلة ملموسة من داخل المكاتب دون إخلاء الساحة للنظام بهذا الشكل.

وأوضح أن السيناريو أصبح محفوظ فكالعادة ستقبل المعارضة بالأمر الواقع و ينادون بالحوار ويبقى نشاطهم منحصر في بيانات وتدوينات على الفيسبوك لا تتخطى حدود العاصمة في حين أن النظام فعل ما يريده.

تغيير التركيبة السياسية

فيما يرى الدكتور سيد حسين مدير مركز عرب للدراسات السياسية، أن الأزمة الحالية بين المعارضة والنظام ستنعكس على جميع النواحي السياسية والتشريعية خلال الفترة المقبلة خاصة قبل الانتخابات الرئاسية الأمر الذي يشير إلى احتمالية حدوث ما يشبه الانقلاب في التركيبة السياسية الحاكمة مستقبلاً.

وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن رفض المعارضة المشاركة في الاستفتاء وضع الرئيس في مآزق خاصة بعد تأكيد فقهاء دستوريين على أن الاستفتاء غير قانوني حيث يستند الرئيس على عرض التعديلات الدستورية في استفتاء شعبي للموافقة عليه، ولن يتبقى أمام عبد العزيز حال استمرار المقاطعة إلا حلول ضيقة من بينها حل مجلس الشيوخ والدعوة إلى انتخاب آخر أو كتابة دستور جديد وطرحه في استفتاء شعبي.

وأشار إلى أن كل ما سبق سيتطلب تقديم تنازلات كبيرة من قبل الرئاسة للمجموعات المعارضة أقلها تشكيل حكومة وحدة وطنية تشارك فيها المعارضة بشكل مرضي خاصة إذا كان الرئيس الموريتاني يطمع في الاستمرار في الحكم.

وكانت اللجنة المستقلة للانتخابات الموريتانية أعلنت أن أغلبية الناخبين الموريتانيين أجازوا التعديلات الدستورية التي اقترحتها الأغلبية الحاكمة وبعض أحزاب المعارضة.

وقال رئيس اللجنة عبد الله ولد أسويد أحمد في مؤتمر صحفي عقده ليل الأحد الاثنين في نواكشوط إن 61ر85% من الناخبين الموريتانيين وافقوا على التعديلات الدستورية، مضيفا أن الناخبين وافقوا على إلغاء مجلس الشيوخ واستبداله بمجالس جهوية وعلى تعديل العلم الوطني ودمج بعض المؤسسات الدستورية في هيئة واحدة.

وكانت المعارضة الرافضة للاستفتاء قد استنكرت ما وصفتها بأعمال تزوير كبيرة إثر عزوف الناخبين عن الإقبال على مكاتب التصويت. وقال رئيس اللجنة إن هذه النتائج ستحال طبقا للقانون إلى المجلس الدستوري لإعلان النتائج النهائية.

وأوضح أن 61ر85% من الناخبين صوتوا لصالح تعديل العلم الوطني للبلاد، و67ر85% من الناخبين أجازوا إلغاء مجلس الشيوخ واستبداله بمجالس جهوية، مشيرا إلى أن نسبة المشاركة في الاستفتاء على تعديل العلم الوطني بلغت 75ر53 % من الناخبين المسجلين ونسبة المشاركة في الاستفتاء على إلغاء مجلس الشيوخ واستبداله بمجالس جهوية بلغت 72ر53% من الناخبين المسجلين.

نصر كبير ومهزلة

وقال وزير الاقتصاد والمالية الموريتاني المختار ولد أجاي رئيس حملة الانتخابات إن المعسكر الرئاسي حقق " نصرا كبيرا" في الاستفتاء الشعبي على التعديلات الدستورية، وذلك في الوقت الذي وصفت فيه المعارضة ذلك الاستفتاء بـ "المهزلة".

وأشار الوزير في مؤتمر صحفي بالعاصمة نواكشوط، إلى إن الشباب كان لهم دور حاسم، موضحا أن رسالة رئيس الجمهورية إلى الشباب وقد وصلت من خلال "اندفاع الشباب ومشاركته النشطة في الحملة وفي تحقيق النتيجة"، مضيفا أن "غالبية المصوتين لنا كانوا من الشباب الناشطين في الحملة".

وأوضح أن "حملتنا نظيفة وحملت معها أفكارا جديدة ولم نصرف فيها مالا وكانت حملة أفكار رغم تعرضنا لبعض المضايقات حيث تأخر إدخال ممثلينا في المكاتب بسبب إجراءات جديدة اعتمدتها اللجنة المستقلة للانتخابات وبسبب تشدد رؤساء بعض المكاتب".

من جانبها قالت المعارضة المقاطعة إن الشعب الموريتاني قاطع الاستفتاء وأثبت عزوفه عن "مهزلة لا قيمة لها استخدم فيها الابتزاز والتزوير لضمان تصويت الناخبين".

وقال زعماء المعارضة في مؤتمر صحفي إن "نظام الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز فشل سياسيا وسقطت التعديلات الدستورية عمليا".

ولفت البيان إلى أن الحملة الانتخابية شهدت خروقات غير مسبوقة من بينها "حظر التجمعات التي تنظمها المعارضة، وقمع الحركات الشبابية، في الوقت الذي يفسح فيه المجال للمبادرات الداعمة للسلطة".

المصدر : "مصدر العربية"