الصفحة الرئيسية > الأخبار > الأولى > موريتانيا تستعد لاستفتاء تعديل الدستور

موريتانيا تستعد لاستفتاء تعديل الدستور

الخميس 3 آب (أغسطس) 2017


تابع أعضاء مجلس الشيوخ الموريتاني المعارضون لنظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز أمس اعتصامهم بمقر المجلس الذي بدؤوه مساء الأربعاء احتجاجاً على عرض التعديلات الدستورية التي أسقطوها في مارس الماضي على استفتاء شعبي، يعتبرونه إهانة لهم.
وأعلن الشيوخ في مؤتمر صحافي مساء الأربعاء عن نيتهم مواصلة التصعيد إلى أن «تلغي الحكومة الاستفتاء المقرر يوم غد حول تعديلات الدستور ويقدم الرئيس اعتذاره لهم عن حملة التشهير التي تعرضوا لها خلال الحملات الممهدة للاستفتاء».
وواصلت قوات الأمن تطويقها أمس لبناية المجلس الملاصقة لمبنى رئاسة الجمهورية، مانعة أي اتصال خارجي بالشيوخ المعتصمين خوفا من التحاق نشطاء المعارضة بهم وتحول الاعتصام لتظاهرات قد يفقد الأمن السيطرة عليها.
ومنعت قوات الأمن المرابطة في الشوارع المحيطة بمجلس الشيوخ أمس قادة المعارضة الرافضة لتعديل الدستور من الوصول لمجلس الشيوخ الموريتاني للتضامن مع أعضاء المجلس المعتصمين.
وكتب السناتور محمد ولد غده في تدوينة له ظهر أمس: «لقد تمت محاصرة الشيوخ داخل المجلس وتم قطع الكهرباء عنهم ومُنع عنهم الماء والأكل، ونطالب المدونين والصحافة والشباب الحر بالالتحاق بنا».
وأبلغت الفنانة المعلومة بنت الميداح عضو مجلس الشيوخ المشاركة في الاعتصام الصحافيين أمس «أن الشرطة ما زالت تمنع الطعام والشراب عن الشيوخ المعتصمين واشترطت خروجهم من أجل إطعامهم في حين ما زال الشيوخ يرفضون ذلك».
وأكدت المعلومة «أن الشيوخ مصرون على اعتصامهم داخل المبني بدون أن تلوح في الأفق بوادر حل للأزمة، التي ينتظر أن تطول في ظل إصرار الشيوخ على مواصلة اعتصامهم وتصامم السلطات عن ذلك».
ولم يصدر عن السلطات الرسمية لحد ظهر أمس أي تعليق على اعتصام الشيوخ، سوى تنديدات لمدوني الموالاة الذين سفهوا الشيوخ في تدويناتهم وكرروا الاتهامات الموجهة إليهم في خطابات الرئيس وكبار مساعديه.
وأعلن منتدى المعارضة في بيان وزعه أمس «عن مساندته الحازمة للشيوخ الشرفاء الذين عبروا عن إرادة الشعب ورفعوا رأس الوطن»، مدينا «بشدة ما يتعرض له الشيوخ من قمع واعتداء على أعراضهم وعلى حصانتهم وعلى حرمة وصلاحيات غرفتهم الموقرة.»
وحيا المنتدى في بيانه «روح الكرامة والصمود التي تحلى بها الشيوخ دفاعا عن مصلحة بلدهم وعن صلاحيات مجلسهم»، مدينا بقوة ما أكد أنه «مصادرة الحريات والقمع واختطاف السلطة لصالح أجندة السلطة التي تقود البلاد نحو الهاوية وتهدد وحدة الشعب وأمن البلد»، حسب تعبير البيان.
وأكد منتدى المعارضة «أن نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز مستمر في هجمته على الحريات وقمع التظاهرات السلمية وإسكات كل الأصوات المعارضة بالقوة، واحتقار مؤسسات الجمهورية».
«وإمعانا في هذا النهج القمعي الذي لم يسبق له مثيل في تاريخ البلد، يضيف البيان، وبعد الاعتداء على الصلاحيات الدستورية الثابتة لمجلس الشيوخ؛ حيث أسقط التعديلات التي يحاول النظام اليوم تمريرها بالإكراه والقمع، وبعد تعرض هذه المؤسسة الدستورية المحترمة وأعضائها الشرفاء للسب والقذف والتجريح المباشر والعلني من طرف رأس النظام، وحرمانهم من الحقوق التي يكفلها لهم القانون، تقدم السلطة اليوم على انتهاك حرمة المجلس وتطويقه بقوات القمع، وتقطع الكهرباء عن الشيوخ الموجودين داخله وتمنع من هم خارجه من دخوله». وتابع البيان «إن هذه الممارسات تعبر عن الهستيريا التي تنتاب النظام جراء الفشل السياسي الذريع الذي منيت به مسرحية الاستفتاء، مما ألجأه إلى التفنن في الإكراه والتعسف والقمع وتجنيد الإدارة والموظفين ووسائل الدولة وإذكاء القبلية، ومصادرة الحريات».
وفي بيان آخر، أعلنت الكتلة البرلمانية لحزب التجمع الوطن للإصلاح والتنمية (الإسلاميون) «أنها تابعت الأخبار الواردة من مجلس الشيوخ الغرفة العليا في البرلمان الموريتاني؛ حيث يسطر السادة الشيوخ محطة من نضالهم المشروع لرفض الانقلاب الدستوري الذي تسعى السلطات لفرضه خارج المسطرة المنصوصة لتعديل الدستور».
«لقد قامت السلطات، يضيف البيان، بمحاصرة مجلس الشيوخ وقطع الكهرباء عنه في خطوة تعبر عن ذهنية لا تعطي للمؤسسات الدستورية أي اعتبار، وإننا في الكتلة البرلمانية لحزب التجمع لنؤكد إدانتنا الشديدة لحصار السادة الشيوخ وقطع الكهرباء عن مقر المجلس والإجراءات كافة التي من شأنها التضييق على السادة الشيوخ ومنعهم من التعبير عن موقفهم بشكل سلمي».
وأكد نواب حزب التجمع أكبر الكتل المعارضة في البرلمان» تضامنهم التام مع الغرفة العليا في البرلمان الموريتاني في ظل استهدافها والنيل منها ومن أعضائها، مع رفضها القاطع للاستفتاء الجاري التحضير له باعتباره لا يحترم الدستور الذي ينص على طريقة تعديله، وقد رفض هذا التعديل من الغرفة العليا للبرلمان بأغلبية ساحقة».
وفيما يتخوف المراقبون من أن يؤدي اعتصام الشيوخ لتطورات خطيرة إذا حاول الأمن فض اعتصامهم بالقوة، اختتمت أمس الحملة الممهدة للاستفتاء بتجمع كبير في العاصمة نواكشوط أشرف عليه الرئيس محمد ولد عبد العزيز الذي يحظى حسبما ينشره الإعلام الحكومي بإجماع واسع على أجندته الاستفتائية، كما نظمت تنسيقية قوى المعارضة الرافضة للدستور مسيرات رفض للاستفتاء آخرها مسيرة نساء المعارضة التي نظمت مساء الأربعاء بمشاركة المئات من معارضات النظام.
واتسع الحراك المعارض للاستفتاء ليشمل موريتانيي المهجر الذين أعلن معارضوهم أمس عن تأسيس «المؤتمر الوطني لفرض التغيير» شاملا في هيئاته عددا من معارضي الجاليات الموريتانية في بريطانيا والولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وفرنسا وبلجيكا وألمانيا والإمارات العربية ودول إفريقيا.
وأعلن مؤسسو المؤتمر الوطني لفرض التغيير «أن هدفهم هو الوقوف في وجه محاولات نظام الجنرال محمد ولد عبد العزيز وأد الديمقراطية في موريتانيا في مهدها وحماية الدستور من عبث النظام والدفاع عنه باعتباره أهم المكتسبات التي حققها الشعب الموريتاني في سبيل إقامة نظام ديمقراطي، والعمل على إرساء الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وتكريس مبدإ التناوب السلمي على السلطة في ظل دولة المؤسسات والمواطنة المتساوية للجميع، وتحقيق القطيعة النهائية مع الانقلابات التي يجرمها الدستور وإنهاء دور الجيش الوطني في السياسة بشكل كامل، مع الحفاظ عليه كمؤسسة جمهورية محترمة لها مكانتها، والقطيعة مع السياسات العشوائية والارتجالية في مجال التنمية، والعمل على حماية إرادة الشعب الموريتاني والدفاع عنها واحترام حقه الأصيل في اختيار من يحكمه أو يمثله من دون تدخل أو تأثير على إرادته الحرة».
وأكد المؤسسون أنهم «سيعملون من أجل تنظيم مؤتمر وطني عاجل تشارك فيه جميع القوى الموريتانية المعارضة لتشكيل جبهة خارجية قوية تكون سندا للجهود الداخلية من أجل قطع الطريق على نظام محمد ولد عبد العزيز في محاولاته لوأد الديمقراطية في البلاد، مع فضح الجرائم الاقتصادية والمالية والممارسات المشينة من طرف النظام وقمعه للمعارضين الديمقراطيين وتعديه على حقوق الإنسان الموريتاني في انتهاك صارخ للمواثيق الدولية التي وقعت عليها موريتانيا قد وقعت عليها, وتقديم ملفات قانونية تدين هذا النظام وحكومته أمام هيئات ومحاكم دولية حتى لا يفلت من العقاب والمتابعة».

المصدر : "القدس العربي"