الصفحة الرئيسية > الأخبار > الأولى > موريتانيا: المعارضة تتحالف من أجل مقاطعة نشطة للاستفتاء المنتظر

موريتانيا: المعارضة تتحالف من أجل مقاطعة نشطة للاستفتاء المنتظر

الخميس 13 تموز (يوليو) 2017


الأغلبية تطلق حملتها وقادتها يؤكدون أن الرئيس باق في السلطة

دخل المشهد السياسي الموريتاني أمس في عجاج معركة الاستفتاء على الدستور المقرر في الخامس من آب/أغسطس المقبل، حيث تجمعت المعارضة الموريتانية في تحالف كبير لإسقاطه، بينما أطلقت الأغلبية حملتها السياسية في الداخل بمهرجانات وتجمعات شعبية طولب فيها بمأمورية ثالثة للرئيس خارج ما ينص عليه الدستور الحالي.
وضم تحالف المعارضة الذي وقع قادته عهدا سياسيا مشتركا، تشكلات عدة سياسية من أطياف مختلفة بينها تكتل القوى الديمقراطية بزعامة أحمد ولد داداه، والمنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة وهو أكبر تجمع معارض للأحزاب والنقابات والشخصيات المستقلة، وحزب الصواب، وحزب الوطن المحسوبان على حزب البعث العربي، وحزب التناوب الديموقراطي، وحزب القوى التقدمية للتغيير (زنوج موريتانيا)، وحركة «إيرا» التي تؤطر الجناح المتشدد في مجموعة «الحراطين» وهم أرقاء موريتانيا السابقون، ومبادرة «محال تغيير الدستور» التي تضم خليطا من الشباب الثائر على الأوضاع والمدونين المعارضين للاستفتاء.
ودعا التحالف الجديد في بيان مشترك «كل الموريتانيات وكل الموريتانيين ليساهموا بصورة فعالة في حملة المقاطعة النشطة للاستفتاء».
وأكد التحالف المعارض في بيانه المشترك «أن موريتانيا تعيش منذ انقلاب 6 أغسطس/آب 2008 أزمة متعددة الأبعاد تتفاقم يوما بعد يوم، فالشعب، حسب البيان، مهدد في وحدته وفي التعايش بين مكوناته العرقية والثقافية والاجتماعية بفعل سياسات النظام المبنية على التمييز، وغياب العدل، وانعدام المحاسبة، وتعميق الفوارق الاجتماعية عبر تكريس العبودية ومخلفاتها، واحتقار التطلعات المشروعة للشعب في العيش في وئام وانسجام في ظل دولة القانون والمواطنة».
«وأضاف البيان: المواطنون، يرزحون تحت غلاء المعيشة، والارتفاع الصاروخي للأسعار، والعطش، والبطالة، وانعدام الأمن، وتردي الخدمات العامة، نتيجة لسياسة التفقير التي ينتهجها النظام من خلال مضاعفة الضرائب والمكوس على الأفراد والشركات والتربح من أسعار المحروقات، والثروات الوطنية ينهبها نظام لا هم لرأسه والدائرة المحيطة به سوى الاستحواذ على خيرات البلد بصورة مكشوفة وتكديس الأموال من خلال صفقات التراضي والعمولات والعقود الوهمية».
وتابع التحالف المعارض قراءته للوضع قائلا «والأزمة السياسية تتفاقم بفعل تمادي النظام في ممارسة سلطة فردية تحتقر مؤسسات الجمهورية وتدوس على القانون وترهن البلد ومؤسساته وثرواته، بدل التوجه لحل هذه المشاكل الجوهرية والملحة، التي يهدد استمرارها كيان البلد واستقراره، ومع ذلك يصر النظام، في خرق سافر للدستور وخارج أي شكل من التوافق الوطني، على فرض تعديلات دستورية باهظة التكاليف لا تحل أي مشكلة، بل تزيد الشعب فرقة، والأزمة السياسية حدة، وستكون مناسبة لتبذير المليارات التي كان من الأولى أن تخفف من معاناة المواطنين».
وأكد «إن الدستور، ورموز الوطن لا يمكن تغييرها إلا طبقا للإجراءات التي يحددها القانون الأساسي، وضمن توافق وطني واسع يشكل الأساس الضروري لوضعية سياسية طبيعية، وعليه، فإن هذا الاستفتاء ليس في النهاية سوى انقلاب جديد على الشرعية، وتمهيد لاستمرار النظام، كما أعلن ذلك رسميا المتحدثون باسمه، وذلك في الوقت الذي يحتاج فيه البلد أكثر من أي وقت مضى إلى التوجه، بصورة هادئة وتوافقية، نحو تهيئة الظروف الضرورية لضمان تبادل سلمي وديمقراطي على السلطة في ظرفية وطنية ودولية حبلى بكل المخاطر».
«انطلاقا مما تقدم، يضيف البيان، فإن التكتلات والأحزاب والحركات الموقعة على هذا البيان، تدين بشدة الأساليب الممجوجة التي يستخدمها النظام لفرض تعديلاته والمتمثلة في تشجيع القبلية والجهوية، وتجنيد الموظفين والوكلاء العموميين، والتوظيف اللامشروع لوسائل الدولة، واحتكار وسائل الإعلام وإقصاء كل الأصوات المخالفة، ويعلنون إرادتهم القوية في التصدي بحزم للاستفتاء الذي يصر النظام على تنظيمه خرقا للدستور، وخارج الإجماع، ويوجهون نداء إلى كل القوى السياسية والاجتماعية من أجل الاتحاد وتنسيق الجهود من أجل إفشال هذه المهزلة التي ترمي الى استمرار حكم الفساد والظلم والإقصاء والتفقير والجوع والعطش».
وأكد سيدي محمد ولد محم رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم بموريتانيا «ن التعديلات الدستورية المقترحة ستتلوها بعد تمريرها عبر الاستفتاء بتعديلات أخرى ستعزز حكم الشعب لنفسه».
وأوضح «أن موريتانيا ستكون على موعد جديد مع التاريخ في الخامس من أغسطس/آب المقبل عندما تصوت بنعم للتعديلات الدستورية المقترحة، إيذانا بانطلاق سلسلة أخرى من الإصلاحات الهامة لفائدة البلاد والعباد.»
وأبرز «أن الذين يرفعون شعار معارضة هذه التعديلات ينبغي أن يعتذروا للشعب الموريتاني لأنهم للأسف آثروا نشر الأكاذيب والتلفيقات للتشكيك في تلك التعديلات وهم الذين فشل مشروعهم السياسي في أكثر من بقعة».
وفي تجمع شعبي آخر في قرية بورات بأقصى الشرق الموريتاني، أكد رئيس الوزراء يحي ولد حدمين «أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز سيبقى لمأمورية ثالثة، وذلك في ثاني تصريح رسمي له بهذا الخصوص منذ إعلان الرئيس ولد عبد العزيز نفسه عن عدم نيته الترشح لمأمورية ثالثة احتراما لنص الدستور».
وقال «إن الرئيس ولد عبد العزيز سيبقى لمأمورية ثالثة استجابة لرغبة الشعب الموريتاني، ومن أجل استمرار مسيرة التنمية التي بدأها الرئيس منذ وصوله للسلطة.»
هذا وزادت تصريحات رئيس الوزراء المتعلقة ببقاء الرئيس ولد عبد العزيز لمأموريات أخرى رغم أن الدستور الحالي ينص على مغادرته للسلطة منتصف عام 2019، تعقيد الأزمة الدستورية والسياسية التي تمر بها موريتانيا منذ سنوات والتي يزيدها الاستفتاء الحالي احتداما واشتعالا.
وتعارض هذه التصريحات ما سبق للرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز أن أكده في خرجات إعلامية له بخصوص رفضه الترشح لمأمورية ثالثة.
وسبق للرئيس أن أكد في خطاب ألقاه مساء الجمعة الحادي والعشرين أكتوبر/تشرين الأول 2016، في حفل ختام حوار بين الأغلبية وبعض أحزاب المعارضة» أنه لن يترشح لولاية رئاسية ثالثة، وأن ما يجري الحديث عنه من عزمه تعديل الدستور للسماح له بولاية ثالثة، كلام عار من صحة».
وشدد ولد عبد العزيز في خطابه ذاك على أنه «لن يغير المادة 28 من الدستور التي يسمح تعديلها بولاية ثالثة للرئيس، قائلا «أؤكد أنني لا أجد حرجا في المطالبة بتعديل الدستور لصالحي، ولا أخاف من ذلك، بدليل أنني قمت في السابق بإلغاء الدستور، لكنني اعتبر أن ذلك لا يخدم مصلحة الشعب الموريتاني، وأنا مقتنع بالمحافظة على الدستور خصوصا المواد المتعلقة بمصلحة أشخاص بعينهم».
وتضع التصريحات الرسمية المعلنة عن ترشح الرئيس لولايات رئاسية أخرى، عراقيل خطيرة أمام التناوب على السلطة في انتخابات 2019 الرئاسية التي تتوجه إليها الإنظار حاليا، وهو ما سيعرض موريتانيا لأزمة إضافية ستشعل نارها بعد الإقرار المنتظر لتعديلات الدستور المعروضة على الاستفتاء، وما سينجر عنها من تعديلات أخرى، ترى المعارضة أنها ستفتح الباب أمام الرئيس الحالي للبقاء في السلطة.

المصدر : «القدس العربي»