الصفحة الرئيسية > الأخبار > الأولى > بعد 6 سنوات على إطلاقها.. القنوات الخاصة بموريتانيا تصارع من أجل البقاء

بعد 6 سنوات على إطلاقها.. القنوات الخاصة بموريتانيا تصارع من أجل البقاء

الاثنين 12 حزيران (يونيو) 2017


انقضت 6 سنوات على تحرير الفضاء السمعي البصري في موريتانيا، منذ أن قررت الحكومة إنهاء سيطرتها على المجال، بعد عقود من الاحتكار.

وعقب إعلان الحكومة رسمياً عن تحرير الفضاء السمعي والبصري، منتصف 2011، شهدت البلاد ما يشبه “الثورة” في مجال الإعلام، فظهرت 10 قنوات تلفزيونية ومحطات إذاعية خاصة دفعة واحدة.

وظهرت حينها قنوات “شنقيط”، “دافا”، “المرابطون”، “الوطنية”، و”الساحل”، بالإضافة إلى محطات إذاعية أبرزها “موريتانيد”، و”صحراء ميديا”، “التنوير”، وغلب على توجه هذه المؤسسات الطابع العام غير المتخصص.

وبعد هذه السنوات باتت القنوات والمحطات الخاصة تصارع من أجل البقاء بسبب قلة المنتج الإعلامي، وضعف سوق العرض الناجم عن تدني الكثافة السكانية (نحو 4 ملايين نسمة)، وغياب الاهتمام بالمخرجات الإعلامية، وفق خبراء وعاملين بالمجال.

وشكا المشرفون على القنوات الخاصة بموريتانيا من كساد سوق الإعلانات وغياب أي اهتمام لدى رجال الأعمال بالاستثمار في مجال الإعلام التلفزيوني.

وقال الصحفي في قناة “الساحل” الخاصة عبد الله ولد الناهي، إن جميع القنوات الخاصة في البلاد، تواجه صعوبات في الاستمرار، أبرزها غياب التمويل طويل الأجل، وصعوبة الولوج للمعلومات الرسمية الموثوق بها.

وأضاف “غياب ثقافة الاستثمار في الإعلام لدى جميع رجال الأعمال في البلاد، جعلت من مهمة تسيير قناة خاصة بالشكل المطلوب أمراً شبه مستحيل”.

ولفت إلى أن جميع القنوات تعاني أزمات مالية خانقة وجميعها لم تعد قادرة على سداد رواتب موظفيها بشكل منتظم.

وتابع: “إذا أردت أن تبحث عن معلومة صحيحة من جهات حكومية، فإنك تصطدم بعقبات لا حدود لها”.

وأرجع السبب في ذلك إلى أن أغلب الموظفين “ليسوا مخولين بالحديث للإعلام” والجهات المسموح لها بالحديث للإعلام لا تتعاطي بالقدر الكافي مع القنوات الخاصة، حسب قوله.

من جهته، يرى محفوظ ولد السالك، رئيس تحرير قناة “المرابطون” الخاصة أن احتكار الإعلام الرسمي للمعلومات “أضعف” من أداء القنوات الخاصة.

وقال ولد السالك أن السلطات “ترفض” تزويد القنوات الخاصة بالمعلومات والأخبار الحكومية، “ولا تمنح منها إلى النزر اليسير ويكون عادة للاستهلاك والتسويق”.

ويعد تنظيم سوق الإشهار في البلاد أبرز مطلب للصحافة الموريتانية بشكل عام، لا سيما القنوات الخاصة منذ تأسيسها.

وطالبت نقابة الصحفيين الموريتانيين (غير حكومية)ـ في أكثر من بيان، الحكومة بالإفراج عن قانون الإشهار وإيجاد سوق منظم للإعلانات، غير أن الحكومة لم تتقدم بعد بأي قانون ينظم المجال.

وأضاف رئيس تحرير “المرابطون” أن غياب سوق للإشهار في موريتانيا، وغياب إطار قانوني ينظم ذلك، ضاعف من حجم الوضع المادي للقنوات الخاصة، وبات يهدد استمرارها بشكل واضح للجميع.

وتابع :”الوضع المادي لدى المؤسسات الإعلامية، وخصوصا القنوات التلفزيونية الخاصة يعتبر صعبا، إذ ليس بمقدور هذه المؤسسات، أو بالكاد، تستطيع توفير رواتب عمالها، وكثيراً ما تتراكم لأشهر دون أن يتم التسديد”.

بدوره اعتبر أستاذ الحضارة والإعلام، بجامعة العلوم الإسلامية في مدينة لعيون شرق البلاد، يعقوب ولد محمد الأمين، أن “التحديات تجعل من استمرارية القنوات الخاصة أمراً شبه مستحيل”.

ولفت إلى أن ما يفاقم الأمر تطور الإعلام الجديد بموريتانيا، وانتشاره، خصوصاً بين فئة الشباب، النسبة الكبيرة من المجتمع، والتي تعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي بدرجة أكبر.

وأضاف أنه من الصعب استمرار القنوات الخاصة بشكلها الحالي، نظرا لأن البدائل “متوافرة، ودون تكلفة مادية كبيرة، ولا وقيود مهنية مطلوبة، أو شروط لازمة”.

 وأشار أن تلك المنافسة رافقتها كذلك تحديات، لا حصر لها، “تتمثل في نقص الكوادر القادرة على القيام بأعباء ومستلزمات العمل الصحفي المهني بالقنوات”.

وفي هذا الصدد، أكد ولد محمد الأمين أن أغلب العاملين في القنوات الخاصة، قادمون من الصحافة الورقية أو مجرد هواة وهو مايشكل عقبة أمام تطور المنتج والتغلب على المشاكل الفنية.

وقال ولد محمد الأمين، إن “نشأة الإعلام السمعي البصري الخاص في البلاد تميزت بوجود فائض في العرض مقارنة مع الطلب، ومع حجم الإنتاج السياسي، وما يوفره المشهد الموريتاني من معطيات ومعلومات لاتحتاج إلى عدد القنوات والإذاعات، التي تم الترخيص لها، (5 قنوات تلفزيونية خاصة، و5محطات إذاعية خاصة)، بالإضافة للمحطات الإذاعية والتلفزيونية الحكومية”.

كما حمل تلك القنوات جانباً من المسؤولية بالقول إن محتواها “عشوائي ومكرر”، ويفتقد لأي خطط برامجية علمية محكمة.

واستشهد ولد محمد الأمين بأن أغلب البرامج “مسجلة”، وتميل إلى السرد، ولاتمت بصلة إلى الإنتاج النوعي الجاذب للمشاهدين.

واقترح الأكاديمي الموريتاني، لاستمرار تلك القنوات، “الاندماج” في وسيلة سمعية بصرية واحدة أو اثنتين، والتكتل في مجموعة قادرة على تلبية حاجات المشاهدين.

ورأى أن تلك الخطوة من شأنها خلق كيان قادر على تحمل الأعباء المالية والمهنية والفنية التي يتطلبها الإعلام.

المصدر: إرم نيوز