الصفحة الرئيسية > الأخبار > الأولى > بين ’نعمة’ الرئيس و’نقمة’ الشيوخ.. موريتانيا أمام خيارين
بين ’نعمة’ الرئيس و’نقمة’ الشيوخ.. موريتانيا أمام خيارين
السبت 10 حزيران (يونيو) 2017
انقلب "مجلس الشيوخ" الموريتاني على الرئيس محمد ولد عبد العزيز بعد إعلانه، السنة الفارطة، تنظيم استفتاء يلغي المجلس ويستبدله بمجالس جهوية.
ردا على إعلان الرئيس، أسقط المجلس أول مشروع عرض عليه بالتعديلات الدستورية.
إلى أين ستنتهي هذه المواجهة بين الطرفين؟
الوقوف في وجه التعديلات
في الثامن عشر من مارس 2017، صوت مجلس الشيوخ، وهو الغرفة العليا للبرلمان الموريتاني، ضد التعديلات الدستورية المقترحة، إذ اعترض 33 من أعضاء المجلس من أصل 56 على مشروع التعديل الدستوري، الذي قدمته الحكومة.
كانت تلك أول مرة يواجه فيها نظام موريتاني معارضة قوية من داخل المؤسسة البرلمانية، بعد أن دأبت الحكومات على الاستفادة من أغلبية مريحة، والمصادقة على كل ما تقدمه الحكومة من اقتراحات ومشاريع قوانين.
وخلال خروج إعلامي له، قال رئيس الجمهورية، محمد ولد عبد العزيز، إن الشيوخ يشكلون عقبة في وجه التعديلات الدستورية المقترحة، في الوقت الذي صادق عليها النواب بالجمعية الوطنية بأغلبية تصل إلى 174 نائبا، حسب رئيس الجمهورية.
جدل المادة 38
ينص الدستور الموريتاني، في مادته 38، على ما يلي "لرئيس الجمهورية أن يستشير الشعب عن طريق الاستفتاء في كل قضية ذات أهمية وطنية".
خلق لجوء الرئيس الموريتاني للمادة 38 من دستور البلاد لتمرير الاستفتاء الدستوري، الذي صوت ضده مجلس الشيوخ، جدلا بين الموريتانيين في سابقة من نوعها بموريتانيا.
وقد أكد الرئيس الموريتاني عزمه استخدام المادة المذكورة لإجراء استفتاء على دستور 1991.
وكانت الحكومة الموريتانية صادقت، في 29 من ماي المنصرم، على استدعاء هيئة الناخبين لبدء ترتيبات التصويت على التعديلات الدستورية، التي قررتها الحكومة الموريتانية في منتصف يوليو المقبل، قبل أن تؤجله فيما بعد بثلاثة أسابيع.
فيما جاء رد الشيوخ في شكل مقترح، بإنشاء لجنة مكلفة بالتحقيق في مصادر تمويل هئية الرحمة، التي يترأسها نجل الرئيس الموريتاني.
خلفية الصراع
يرى رئيس المركز المغاربي للدراسات الإستراتيجية، ديد ولد السالك، أن جذور الصراع بين مجلس الشيوخ والرئيس محمد ولد عبد العزيز تعود إلى تصريحات الرئيس الموريتاني، في "خطاب النعمة"، الذي هاجم فيه أعضاء مجلس الشيوخ بشكل مفاجئ، وقال إنه "سيحله بدون سابق إنذار".
واعتبر ولد السالك، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن هجوم الرئيس الموريتاني على أعضاء المجلس "غير مبرر، وهو ما دفعهم إلى التصدي للنظام وإسقاط التعديلات الدستورية، عندما عرضت عليهم في المجلس".
ويوضح ديد ولد السالك أن مآلات الصراع بين "مجلس الشيوخ والنظام الموريتاني ستبقى مفتوحة لأنه يعتبرها مصيرية، فالشيوخ ماضون في مقارعة النظام بكل الوسائل المتاحة لهم قانونيا كمؤسسة"، مضيفا أنه يتوقع أن "ينضم لهم في صراعهم هذا جزء من المعارضين الموريتانيين لقرار التعديلات الدستورية، لعدم جدواها في الوقت الحالي".
إلى جانب ذلك، يقول ولد السالك "الشيوخ لن يتركوا الرئيس يتحكم في مصيرهم ويقضي عليهم كمؤسسة دستورية قائمة، دافِعهم لذلك أنه لا توجد دولة برلمانها يتكون من غرفة واحدة".
من ناحية أخرى، يبرر ديد ولد السالك مضي رئيس البلاد، محمد ولد عبد العزيز، في التعديلات الدستورية، التي تتضمن القضاء على مجلس الشيوخ عندما لجأ إلى المادة 38 من الدستور الموريتاني، بالقول "هو ماض في عزمه القضاء على مجلس الشيوخ، رغم أن هذه التعديلات يجب أن تمر عبر البرلمان وليس المادة 38".
ويتوقع ولد السالك أن الصراع سيبقى مستمرا حتى تكشف الأيام المقبلة عن المنتصر والمهزوم.
جدوى مجلس الشيوخ
وقال الأستاذ بجامعة نواكشوط، يحي ولد باباه، أن "للمؤسسات الدستورية وظائف تشريعية، كالجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ، وهي ذات دلالة عميقة في الذاكرة الوطنية، لكن شيوخا ينظرون إليها باعتبارها مكسبا أو مواقع معينة حصلوا عليها".
ويطرح ولد باباه محورا آخر في نقاش إلغاء مجلس الشيوخ، مشيرا إلى أنه رغم أن لهذه المؤسسة "قيمة كبيرة قانونيا، لكن السؤال المطروح؛ هل نحن بحاجة إلى دور هذه المؤسسة خاصة إذا كانت لها تكلفة مالية كبيرة على عاتق الدولة؟.. فالبعض ينظر إلى المجلس على أنه يشكل رفاها، وبالتالي ليست هناك ضرورة للإبقاء عليه"، يردف المتحدث.
ويذهب الباحث يحي ولد باباه إلى أن لهذه التعديلات الدستورية "أهمية كبيرة فيما تعلق الأمر بتخليد تاريخ التضحيات، التي قدمها الأجداد في المقاومة، فهذا يمثل تاريخ موريتانيا الذي هو روح الأمة ويجب أن ينعكس على شخص الدولة في مختلف مظاهرها كالعلم والنشيد".
المصدر: أصوات مغاربية