الصفحة الرئيسية > الأخبار > سياسة > موريتانيا: حرب الدورات الرئاسية تشتعل والناطق الرسمي يقلل من شأنها

موريتانيا: حرب الدورات الرئاسية تشتعل والناطق الرسمي يقلل من شأنها

الخميس 13 تشرين الأول (أكتوبر) 2016


أدت أمس مقترحات حول تعديل الدستور الموريتاني قدمها الحزب الحاكم في موريتانيا أمام جلسات الحوار السياسي المتواصل حاليا في نواكشوط، لاشتعال حرب حول دورات ولاية الرئاسة التي يحددها الدستور الحالي بدورتين اثنتين.
ومع أن مقترحات الحزب الحاكم لم تتضمن بشكل صريح اقتراحا بفتح أقفال المواد المحصنة المتعلقة بولايات يتم فيها التناوب على الرئاسة، فإن خصوم النظام المصنفين في أحزاب المعارضة وغير المصنفين في دهاليز شبكات التواصل، يرون أن الغرض من مقترحات الجمهورية الثالثة بل والغرض من الحوار الحالي هو «تغيير الدستور بما يسمح للرئيس بالاستمرار في السلطة لدورات أخرى أو تهيئة الأمور لتمكينه من الخروج من باب الرئاسة للعودة إليها من النافذة».
وقد قلل الدكتور محمد الأمين ولد الشيخ وزير الثقافة الناطق الرسمي باسم الحكومة الموريتانية من شأن الجدل الجاري حول الدورات الرئاسية ، مؤكدا في مؤتمره الصحافي الأسبوعي أمس أن «الحوار سمي بالحوار الوطني الشامل، لأنه شامل في مواضيعه، وكل شخص يمكن أن يطرح فيه ما شاء ولا يوجد فيه سقف من حيث المواضيع المطروحة بل إن بعض المشاركين فيه ذهب إلى حد طرح تقسيم موريتانيا والكثير من المحظورات، كما أنه لا سقف له من حيث المشاركين فيه ويمكن لأي كان أن يلتحق به قبل انتهائه».
وأوضح الوزير «أن قضية الدورات الرئاسية ورفع سن الترشح هي الأخرى يجب أن لا يكون بحثها أمرا نقشعر منه أو ننزعج منه، خاصة وأنها لم تعرف أي تطبيق في البلاد، فالدورات كانت مفتوحة قبل الفترة الانتقالية التي أضاف القائمون عليها الكثير كما حذفوا الكثير، والرئيس الذي جاء بعدهم ذهب قبل انتهاء دورة ولايته، والرئيس الحالي وهو الرئيس محمد ولد عبد العزيز بقيت من مأموريته الثانية ثلاث سنوات».
وتحت عنوام «بين الحِوار و الحَوار»، كتب السفير باباه سيدي عبد الله مؤكدا في تدوينة له أمس عما سماه «طبعة موريتانية لسيناريو المخلوع علي عبد الله صالح»؛ وأكد «أن الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح، اعتبر بعد تعديل دستور بلاده سنة 2003، أن له الحق فى الترشح لولاية جديدة، إذ أفتاهُ حَواريُّوه بأن «إسلام» تعديل الدستور يَجُبَّ ما قبله من «كُفْر» المأموريات السابقة».
وأضاف «كانت خطة «المخلوع» رباعية الأركان: (1) تعديل الدستور واعتباره بداية لجمهورية جديدة (2) إعلان الحق فى الترشح لولاية أخرى(3) إعلان التنازل عن هذا الحق وإبداء الزهد فى الرئاسة (4) الإيعاز إلى الحزب الحاكم وأجهزة الدولة بتسيير مظاهرات شعبية وإطلاق حملة مليونية لجمع توقيعات تطالب «الزعيم» بالترشح».
«ويتذكر العالم، يضيف السفير باباه، بقية مَشاهد تلك المسرحية الهزلية : تأكيد «المخلوع» يوم 21 يونيو/حزيران 2006 عزمه «عدم الترشح للانتخابات المقبلة»، ثم خروجه على الملأ يوم 24 يونيو 2006 (أي بعد ثلاثة أيام فقط) ليعلن « قبوله للضغوط الشعبية» التي مُورست عليه للترشح لولاية جديدة!!!».
وهنا تساءل السفير باباه قائلا «ما أشبه الأمسَ اليمني باليوم الموريتاني؛ وما أخوَفني على موريتانيا من مصير اليمن المتقاتل والسودان المقسَّم،
ولا أظن الرئيس الموريتاني يحسد «المخلوع» على مآله، ولا الرئيس البشير على تقسيم بلاده، وعلى شبح المحكمة الجنائية الدولية الذي يلاحقه».
وتابع «إن السيناريو الذي يُملي الرئيس الموريتاني جُمَلَه المفكَّكَة على حَوارييه في «الحوار الوطني الشامل» لا ينبئ بالخير لموريتانيا ولا للرئيس نفسه، فقبل سنتين، بذل النظام العزيزي المال والتزكية لتقديم «بيرام ولد الداه» كخطر فئوي داهم يجب التصدي له، و سخَّر إعلامه ودولته العميقة لرهنِ مستقبل موريتانيا بالخيار بين خطابه (أي النظام) وخطاب الفئوية والتفرقة الذي حرص على أن يحل ثانيا بعده فى ترتيب نتائج الافتراع، وها هو اليوم يوهم الشعب الموريتاني بأن خطر «اللون البيرامي الواحد» قد زال مؤقتا، لكن خطر « الألوان القُزحية» و»افْلامْ» محدق بموريتانيا، وأنه ( أي النظام العزيزي دائما) وحده الكفيل بتكسير نبال «إيرا» وأقواس «قزح وافْلام»، يضيف الكاتب.
«الواقع أن أزمة موريتانيا، يقول باباه، من أزمة رئيسها الذي يبحث عن مخرج آمن وبأقل الخسائر، بينما يُعطي الانطباع بأنه في أعلى مراتب القوة، وأنه فى غنى عن الحوار، وأنه …وأنه…؛ تحت تأثير هذا الانطباع أمَّ «الحوارَ الوطني الشامل» خلقٌ من معسكريْن : مُوالون ربطوا مصائرهم بمصير النظام القائم وجاهزون للَعب كل الأدوار إلا تلك التي تُخرج رئيسهم من عنف الزجاجة دون أن تنكسر ، ومُحاورون يرضوْن من المتغلب بما يتنازل عنه وقناعتهم أن ما لا يٌدرَك كله لا يُترك بعضه، وأن المفاوض قد يُلدَغ من الجحر نفسه مرتين!».
«في المعسكر الأول، يقول، ناطقون مثل «الصَّحَّاف» يبالغون في الحديث عن قوة الزعيم والقائد الملهم، بينما «بغداد» آيلة للسقوط، ومهرجون تم تجييشهم لإلهاء الناس بالدعوة إلى تغيير النشيد والعلم الوطنيين وإلى تقديم البيعة للملك عزيز، وسياسيون يبحثون عن إكسير لإطالة عمر النظام بطبعة موريتانية من السيناريو اليمني».
وانتقد السفير باباه أداء المعارضة قائلا «في المقابل، غاب معسكر ثالث عن «مائدة» الحِوار واعتبر أن لا فرق بين متابعة المسرحية مباشرة على خشبة قصر المؤتمرات ومتابعتها بعد المونتاج، لقد تخلى هذا المعسكر عن وطن في خطر، واستسلم للأمر الواقع في لحظة مفصلية كان من الضروري أن يناضل فيها على واحدة من جبهات النضال من أجل موريتانيا، بدل أن يتفرج عليها وهي تساق إلى الخيار بين الكوليرا والطاعون : بين الفشل المحتوم والعنصرية المقيتة».
وخلص في آخر تدوينته قائلا «وأيا كان اللقب الذي يريده عزيز أو يُرادُ له ( الامبراطور، أو السلطان المعظم، أو صاحب الجلالة…) فلن يكون إلا مسْحًا على جبيرة الخوف من المستقبل الذي يسكنه، ساعدوه على الخروج الآمن، مادام متاحا بأقل الخسائر، فذلك أسلم له ولموريتانيا، وذلك ما يبحث عنه في قرارة نفسه، بعيدا عن عنتريات السلطة والنفوذ».

المصدر : «القدس العربي»