الصفحة الرئيسية > الأخبار > الأولى > موريتانيا.. القروض الجامعية تودي إلى السجن

موريتانيا.. القروض الجامعية تودي إلى السجن

الخميس 24 أيلول (سبتمبر) 2015


إيقاف واحتجاز وتهديدات متكررة بالإحالة إلى السجن، هذا ما آل إليه حال العشرات من حملة الشهادات العاطلين عن العمل بموريتانيا، بعد عجزهم عن سداد قروض تسلموها من بعض البنوك لتمويل مشاريع اقتصادية. وهو ما دفع بعضهم، وتحت التهديد بالسجن، إلى توقيع صلح يقولون إنه "مجحف"، لكنه يبقى منفذهم الوحيد.

وأدى هذا الوضع إلى توجيه اتحادات العاطلين عن العمل اتهامات للسلطات الموريتانية بـ"استحداث السجن كأحد المنافذ لامتصاص البطالة"، التي تصل نسبتها في موريتانيا إلى حدود 30.9 في المئة، حسب تقرير منظمة العمل الدولية الصادر في كانون الثاني/يناير الماضي والذي صنف البلاد ضمن الدول العشر الأكثر بطالة في العالم.

في مطلع العام 2014، تسلمت مجموعات من اتحاد حملة الشهادات المقاولين، تضم حوالي 100 عاطل عن العمل، معدات لصناعة اللبن عن طريق الوكالة الوطنية لترقية تشغيل الشباب، بموجب عقد مع صندوق الإيداع والتنمية، بعد أن اشتُرِط عليهم تكوين شركات يحتمون بشخصها المعنوي ويمكن مراقبة تسييرها.

يؤكد محمدن بني، وهو عضو اتحاد حملة الشهادات المقاولين، لـ"ألترا صوت": أن "المعدات التي تسلموها تبين فورًا أنها لا توافق المواصفات التي وقع التوافق حولها، وهو ما جعلهم يطلبون فسخ العقد، لكن صندوق الإيداع والتنمية رفض ذلك، ليلجؤوا إلى مطالبته برفع اليد عن هذه المعدات والتصريح بأنه لم يعد يرتهنها حتى يتمكنوا من بيعها ويؤدوا إليه ما تبقى من الثمن، لكنه رفض أيضًا".

وفي ظل رفض الصندوق فسخ العقد وعدم تمكن حملة الشهادات من تشغيل المعدات وفق ما كانوا يأملون، تعثرت مشاريع كان عشرات من العاطلين يعلقون عليها آمالهم في أن تكون مصدر عيش ينتشلهم من واقع البطالة، قبل أن تنقلب إلى مصدر تهديد يكبلهم بديون يعجزون عن تسديدها.

وساهمت فترة الإعفاء القصيرة، والتي لا تتجاوز أشهرًا قليلة، وارتفاع مبلغ الدفع الشهري في تطوير الأزمة، قبل أن تبلغ ذروتها مع شكوى تقدم بها الصندوق ضد حملة الشهادات المقاولين لتبدأ سلسلة الإيقافات والتهديدات بالإحالة إلى السجن.

يقول محمد سيدي ولد الشيخ، محامي حملة الشهادات المقاولين، إن "وضع الشرطة لستة من موكليه رهن الاحتجاز لمدة أسبوع وتهديد وكيل الجمهورية لهم بالإحالة إلى السجن، ما لم يوقعوا شروطًا مجحفة وغير قانونية يعد خرقاً للقانون وانتهاكًا لحقوق الإنسان".

ويوضح ولد الشيخ لـ"ألترا صوت"، أن "المسؤولية الجنائية على الشخص المعنوي تكون على الأشخاص الطبيعيين الذين أساؤوا التسيير"، وهو بذلك يؤكد أنه لا يحق متابعة موكليه جنائيًا إلا إذا تمت تصفية الشركات وحكمت المحكمة التجارية بإساءة التسيير.

وطالب محامي حملة الشهادات، صندوق الإيداع والتنمية، بإثبات سوء التسيير على موكليه، متهمًا إياه بالاستناد إلى مادة قانونية ملغاة وهي المادة 15 من قانون تحصيل ديون المصارف القديم الذي حل محله قانون جديد. ويؤكد المحامي رفضه الصلح الموقع والذي يقول إن "موكليه أرغِموا عليه تحت التهديد بالسجن".

وننوه إلى أن "ألترا صوت" سعى جاهدًا إلى الحصول على رد إدارة صندوق الإيداع والتنمية بنواكشوط وروايتها لملف الأزمة مع حملة الشهادات. ورغم محاولات الاتصال المتكررة بالمسؤولين عن الملف فإن أحد منهم لم يجب. وبعد أكثر من أسبوع من التحري والحضور اليومي لمقر إدارة الصندوق لم نتحصل على إجابة، إذ يرفض موظفو الاستقبال إخبار الإدارة والأمانة العامة بطلب الحصول على تصريح صحفي حول الملف.

ويشكل تخلي الحكومة الموريتانية رسميًا هذا الموسم عن شراء محاصيل الأرز عبئًا جديدًا يهدد شريحة أخرى من حملة الشهادات الذين تلقوا قروضًا للعمل في القطاع الزراعي، إذ أبدوا مخاوفهم بعد إعلان الحكومة الجديد. وهو ما ينذر ببروز أزمة أخرى جديدة، كالتي حدثت أواخر العام الماضي، إثر شكوى صندوق الإيداع والتنمية ببعض حملة الشهادات المزارعين في مدينة روصو، جنوب موريتانيا، والتي قادت بعضهم إلى السجن.

أحمدو الإمام - صحفي من موريتانيا

المصدر : ultra صوت