الصفحة الرئيسية > الأخبار > الأولى > ترحيل موريتانيا سنغاليين… هل يشعل أزمة بين نواكشوط وداكار؟
ترحيل موريتانيا سنغاليين… هل يشعل أزمة بين نواكشوط وداكار؟
الثلاثاء 16 حزيران (يونيو) 2015
في ظل الحملة التي تشنها السلطات ضد المقيمين غير الشرعيين على أراضيها
نواكشوط – من سيدي ولد عبدالمالك: «بوادر أزمة».. هكذا يرى متابعون اتجاه العلاقة بين نواكشوط وداكار، في ظل الحملة الأمنية التي تشنها السلطات الموريتانية ضد المقيمين غير الشرعيين على أراضيها، وأفضت إلى ترحيل مئات السنغاليين، الأمر الذي اعتبره مصدر دبلوماسي بالسفارة السنغالية في نواكشوط «تعسفاً».
وأضاف المصدر الذي رفض ذكر اسمه لـ(حساسية منصبه) أن «السلطات الأمنية قامت بترحيل عشرات السنغاليين ممن يقيمون بصفة غير شرعية، دون مراعاة ظروفهم العائلية، ولا حتى إخطار سفارة بلادهم من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة».
وتابع «نحن لا نعارض أن تقوم الحكومة الموريتانية بفرض سياستها في مجال محاربة الإقامة غير الشرعية، لكن نرى أنه كان عليها منح الذين تم ترحيلهم فرصة لتصحيح وضعياتهم القانونية، بحكم العلاقات الثنائية في هذا المجال بين البلدين».
وتقدر الجالية السنغالية في موريتانيا بنحو 80 ألف نسمة، في حين تُقدر الجالية الموريتانية في السنغال بقرابة 30 ألف نسمة.
المحلل السياسي الموريتاني محمد ولد شينا توقع أن «الحملة التي تشنها السلطات الموريتانية ضد السنغاليين المقيمين بصفة غير شرعية يمكن أن تساهم في توتير العلاقات الدبلوماسية بين البلدين»، مضيفا «وقد بدأت مؤشرات هذا التصعيد بالفعل في الظهور للعلن، بعد المسيرات التي نظمت بالسنغال مؤخراً احتجاجا على تصرف الحكومة الموريتانية، وطالبت بتطبيق سياسة المعاملة بالمثل».
و ألزمت السلطات الموريتانية قبل ثلاث سنوات السنغاليين المقيمين على أراضيها بدفع قرابة 100 دولار مقابل الحصول على وثيقة الإقامة السنوية، في حين تقضي الاتفاقيات بين البلدين بإعفاء مواطنيهما من دفع رسوم مقابل الإقامة السنوية.
«السياق والتوقيت الذي جاء فيه ترحيل موريتانيا لبعض المواطنين السنغاليين يحمل في طياتها أكثر من معنى»، بحسب الباحث السياسي بيرام كي، الذي أضاف أن «ترحيل السنغاليين هذه الأيام يُعبر عن تذمر السلطات الموريتانية من منح الحكومة السنغالية جواز سفر لمريم بنت الطالب، زوجة المعارض الموريتاني، مصطفي ولد لمام الشافعي، المطلوب لدى القضاء الموريتاني بتهمة المساس بالأمن العام».
ووصلت بنت الطالب أواخر آيار/مايو الماضي إلى موريتانيا بجواز سفر سنغالي، بعد أن كانت سلطات بلدها قد منعتها قبل سنتين من تجديد جواز سفرها الموريتاني.
وأردف الباحث الموريتاني بيرام كي «رسائل التصعيد الموريتاني لم تتوقف عند ملف ترحيل السنغاليين المقيمين بصفة غير شرعية، فقد منعت نواكشوط نشاطا سنويا يقيمه أتباع الطريقة المريدية (إحدى الطرق الصوفية السنغالية) بالمتحف الوطني».
وأشار إلى أن «توجس النظام الموريتاني من أن تقوم السنغال بتوفير حاضنة إقليمية لحراك لحراطين (الأرقاء السابقين في موريتانيا) بعد استضافة داكار مؤتمر «شباب لحراطين» قبل أسابيع، عامل لا يمكن تحييده عن سياق تعامل السلطات الموريتانية الحالي مع الرعايا السنغاليين، وذلك من أجل ممارسة الضغط على داكار لمراجعة مواقفها تجاه معارضي النظام الموريتاني».
واتهم مؤتمر «شباب لحراطين» الحكومة الموريتانية بـ»تجاهل» هذه الشريحة الهامة في المجتمع وبـ»رعاية الرق وتجاهل مظاهره»، بحسب وثيقة صدرت عن توصيات المؤتمر.
إلا أن ولد شينا من جانبه استبعد أن تتخذ داكار «خطوات تصعيدية» للرد على «الاستفزازات» الموريتانية، مرجعاً ذلك إلى أن «حجم المصالح السنغالية بموريتانيا يُملي على داكار معالجة حكيمة، وتغليب منطق الحوار لطي هذا الملف».
وتعتبر هذه الحادثة هي الثانية من نوعها، فقد قامت السلطات الموريتانية قبل سنتين بترحيل مئات السنغاليين بنفس الحجة، وقد دفع هذا الإجراء وزير الخارجية السنغالي آنذاك مانكير إنجاي للتعبير عن «استيائه» من «مضايقة» السلطات الموريتانية لمواطنيه، مضيفا في تصريحات صحافية وقتها أن «على السلطات الموريتانية مراعاة حتمية التعايش السلمي وحسن الجوار» في التعامل مع الرعايا السنغاليين.
ولم تخل علاقات البلدين من شد و جذب على مدار السنوات الأخيرة، ومع أن كلا منهما له جالية كبيرة في البلد الآخر، إلا أن السنغال تعتمد اقتصاديا على موريتانيا في العديد من المجالات، كالتحويلات المالية لعشرات الآلاف من اليد العاملة السنغالية التي تزاول أنشطة حرفية مختلفة في موريتانيا كالبناء والعمران والميكانيكا والصيد التقليدي، وفي المقابل تحتضن السنغال جالية كبيرة موزعة ما بين الطلاب والتجار الموريتانيين.
ووقعت موريتانيا والسنغال العام الماضي اتفاقية شراكة في مجال الطاقة والبترول، تزود بموجبها موريتانيا السنغال ببعض احتياجاتها من الغاز والطاقة الكهربائية، كما تمنح موريتانيا سنويا مئات رخص الصيد التقليدي للصيادين السنغاليين، والتي تسمح لهم باصطياد حوالي 40 ألف طن من الأسماك في السواحل الموريتانية.
(الأناضول)