الصفحة الرئيسية > الأخبار > الأولى > شريحة «حراطين موريتانيا» تحيي الذكرى الثانية لصدور ميثاق الاسترداد الكامل (…)

شريحة «حراطين موريتانيا» تحيي الذكرى الثانية لصدور ميثاق الاسترداد الكامل للحقوق

الأربعاء 29 نيسان (أبريل) 2015


دعت أحزاب المعارضة الموريتانية في بيانات وزعتها أمس مناضليها للمشاركة الواسعة في مسيرات وتظاهرات إحياء الذكرى الثانية لصدور ميثاق الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية لشريحة «الحراطين» وهم أرقاء موريتانيا السابقون.

وتنظم هذه المسيرات، التي تقاطعها الموالاة وأجنحة محدودة التأثير في شريحة الحراطين والتي قررت المعارضة الموريتانية خطف أضوائها، مجموعة حراس الميثاق التي تأسست قبل سنتين من الآن لفرض الدخول الحقيقي العملي غير الشعاراتي في «استرداد حراطين موريتانيا لكامل حقوقهم ضمن موريتانيا الموحدة العادلة والمتصالحة مع نفسها».

وأكدت لجنة الإشراف على هذه التظاهرات «أن المسيرة ترفع شعار «الحرية والعدالة والمساواة في موريتانيا الموحدة، العادلة والمتصالحة مع نفسها».

ودعت اللجنة للمشاركة في هذه التظاهرات، جماهير العاصمة نواكشوط وقوى الشباب والنساء وقادة الرأي والقوى السياسية وتلك المنضوية تحت لواء المجتمع المدني، وكذا الكتاب والمدونين وكافة المثقفين المستنيرين والغيورين على مستقبل أفضل وآمن لوطننا بكافة مكوناته».

وأكد محمد سعيد ولد همدي منسق الميثاق أمس في ندوة سياسية نظمتها تنسيقية الميثاق «أن التاريخ سيحاسب من لم يشارك في مسيرة لحراطين»، مشددا على «أن المسيرة المقررة اليوم مسيرة سلمية يراد لها أن تكون لبنة جديدة في صرح المستقبل الموريتاني الخالي من الجور والظلم».
وأضاف «أن الواقع الاجتماعي المشحون بالشعور المتزايد بالغبن والإقصاء الممنهجين يشير بوضوح لانعدام الوعي والتبصر والبصيرة لدى القائمين على البلد بخطورة الوضع؛ كما يبرهن على إصرار الدولة الموريتانية الحديثة على المضي قدما فـي ممارساتها الراسخة والرامية كلها إلى إبقاء جماهير الحراطين تحت وطأة الفقر والجهل والتهميش وحرمان هذه الشريحة من المشاركة الفاعلة في الحياة الوطنية».

وأكد ولد همدي «أنه نتيجة للتصدعات والتشققات المتزايدة والمتلاحقة في أساسات الوطن ونسيجه الاجتماعي دون أن تلوح في الافق أية بادرة لرأب الصدع، أو تجد صرخات الحق أذنا صاغية، دفع المجلس الوطني للميثاق إلى بذل الغالي والنفيس لردم الهوة ونزع فتائل التوتر». ويبدأ ميثاق الحراطين وهو نص تحليلي مطلبي مطول باستقراء تاريخ الحراطين في موريتانيا مؤكدا في مقدمته «استمرار إقصاء هذه الشريحة، على الرغم من مضي أكثر من نصف قرن من الاستقلال، حيث «لا تزال موريتانيا (الدولة متعددة الأعراق والثقافات بامتياز)، تفتقر لعقد اجتماعي جاد ومؤسس على قاعدة الانتماء المشترك لأمة موحدة».

وأوضح الميثاق أن «شريحة لحراطين، المكونة الرئيسية للشعب الموريتاني لا تزال تواجه، أكثر من أية فئة إثنية أخرى، الظلم اليومي وانسداد الأفق وانعدام الفرص، فضلا عن الممارسات الراسخة للدولة الموريتانية الحديثة والرامية لاستغلالهم وتقزيم دورهم وإبقائهم في وضعية مهينة كمواطنين من الدرجة الثانية».

وشدد على «لزوم إعادة تأسيس الجمهورية على قاعدة التقاســم الحقيقي للسلطة والثروة بين كافة أبناء البلد، وهو مطلب بات يفرض نفسه اليوم أكثر من أي وقت مضى باعتباره السبيل الوحيد للخلاص من هذا الحيف المستديم الناتج عن تاريخ مرير ممتد على مدى قرون»، حسب تعبير الميثاق.
وأكد الميثاق «أن ممارسة الاسترقاق ما تزال حقيقة ثابتة في موريتانيا ما بعد الاستعمار وحتى يومنا هذا، بالرغم من النفي الرسمي وشبه الرسمي للظاهرة، وعلى الرغم من صدور قانون تحريم العبودية سنة 1981، وبالرغم من موافقة الحكومة الموريتانية في سنة 2007، بشكل متخاذل وينقصه الصدق، على سن قانون يجرم الممارسات الإسترقاقية».

وتحدث الميثاق عن الجانب الديموغرافي فأكد» أن الحراطين مع كونهم يمثلون ما يناهز 50 بالمائة من مجموع سكان البلد، لا يزالون الفئة الأكثر تهميشا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا».
وتوقف عند ما أسماه «الغياب الملاحظ للحراطين من أسلاك التوظيف بالقطاعين العمومي وشبه العمومي نتيجة السياسات المعتمدة من طرف الدولة الموريتانية التي هي ريع خاص وحصري لعصابات الفساد المميزة من ناحية تكوينها الاجتماعي»، منتقدا «إقصاء الممثليات الدولية في موريتانيا هي الأخرى، لأطر الحراطين حيث لا تكاد توظف أي كادر أو حتى عامل بسيط من هذه الشريحة».

وقدم الميثاق إحصائيات ومقارنات لواقع الحراطين في أجهزة الدولة فأوضح أنه «على مستوى غرفتي البرلمان لا يوجد سوى أقل من عشرة برلمانيين حراطين من أصل 151 منتخبا على مستوى هاتين الغرفتين، فيما استقر متوسط «وزيرين» من الحراطين في الحكومات الموريتانية المتعاقبة خلال الثلاثين سنة الأخيرة».

وحسب الميثاق فلم «يحصل الحراطين إلا على واحد من أصل 13 واليا، وما بين 1 إلى 2 رئيس بعثة دبلوماسية من أصل 35؛ وما بين 3 إلى 4 مدراء عامين لمؤسسات عمومية من أصل 140».
واقترح الميثاق «مباشرة تشاور وطني موسع وفي أقرب الآجال، من أجل إنجاز عقد اجتماعي حقيقي مبن على قاعدة الانتماء المشترك لأمة موحدة على أسس ضمان الحرية لكافة المواطنين والمساواة الفعلية فيما بينهم، مع اتخاذ إجراءات عاجلة وفورية لصالح المحرومين والمهمشين في البلد، ثم مباشرة التحضير لعقد مؤتمر وطني حول العدالة الاجتماعية المبنية على الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للمواطن في دولة القانون». وأكد الواقفون وراء الميثاق «أن هدفهم الوحيد هو تحقيق الحق والحقيقة لمفهوم المواطنة الحقة المبنية على إشاعة العدالة الاجتماعية وتجسيد الحرية والمساواة بين المواطنين وتشييد الوحدة الوطنية على أسس سليمة وراسخة، ناجعة ومستديمة، عملا بمبدأ المصارحة قبل المصالحة».

عبدالله مولود

«القدس العربي»