موريتانيا: الحوار يترنح للشهر السادس وزعيم معارضة الوسط يحتج على تغييب مجموعته

ما يزال الحوار السياسي بين نظام الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز والمعارضة الجادة يترنح للشهر السادس، وتعترضه مطبات غير مرئية، فكلما اقترب هذا الحوار من الانعقاد أوقفته عوارض وحالت دون انطلاقته عوائق.
فبينما كان المفروض أن تتسلم الأغلبية بواسطة الوزير الأمين العام للرئاسة مولاي الأغظف يوم الخميس الماضي ممهدات المعارضة للحوار من طرف وفد شكل لهذه المهمة، أرجئ هذا اللقاء التمهيدي في آخر لحظة لأجل غير مسمى.
ولم تتضح لمراقبي هذا الملف، أسباب هذا الإرجاء فثمة من يقول بأن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز غير راض عن مستوى الوفد الذي شكلته المعارضة لتلسيم الممهدات ويرى في تركيبة الوفد سخرية منه ويلمس فيه عدم جدية خصومه السياسيين، ومن قائل بأن الأغلبية قررت تغيير تشكيلة وفدها لتنزله لمستوى يتلاءم مع مستوى وفد المعارضة.
لكن المهم في كل هذا أن الحوار الذي يرى فيه الموريتانيون وسيلة مثلى لإخراج بلدهم من حالة التجاذب، قد أرجي لموعد غير معروف وأصبحت وسائل الإعلام المحلية تتحدث عن برودة في حماس الرئيس للحوار.
وحسب الأوساط المقربة من الحزب الحاكم فإن الرئيس الموريتاني يريد من المعارضة الجلوس على طاولة الحوار بلا ممهدات وبلا شروط مع الالتزام بمناقشة كل شيء وبتطبيق كامل للمخرجات مهما كانت.
أما أوساط المعارضة فتؤكد أنها متمسكة بالحوار الجاد المخرج من الأزمة، وبأن لها شروطا سهلة تريد من الرئيس ولد عبد العزيز، اتخاذ قرارات بشأنها قبل بدء الحوار إظهارا لحسن النية وللجدية.
وحسب هذه المصادر فإن المعارضة تخشى أن يكون هدف الرئيس هو تنظيم حوار صوري موجه للاستهلاك الخارجي هدفه أن يجد الرئيس حجة يتحجج بها أمام الرأي العام الدولي لتسويغ حكمه للبلاد بمؤسسات تشريعية وتنفيذية وقضائية تكاد تكون ذات لون واحد.
وفيما شكل قرار التأجيل صدمة للجميع ازداد طين المشهد السياسي بلة حيث دخل على الخط رئيس البرلمان السابق مسعود ولد بلخير زعيم معارضة التناوب السلمي التي يطلق عليها المراقبون هنا «معارضة الوسط».
فقد هاجم ولد بلخير في خطاب مطول أمام نشاط سياسي لحزبه يوم الأحد تغييب مجموعة الأحزاب المشكلة للمعاهدة والتي كانت، حسب قوله، «أول من جنح للحوار وضحى من أجل الحوار».
وقال ولد بلخير وهو معارض له كاريزما قوية في الساحة «ما كنت أرغب في الكلام عن الحوار الذي يمهد له الآن بين الحكومة والمنتدى حتى لا أشوش عليه لكن تغييب أحزاب المعاهدة جعلني أتكلم وأنتقد هذا المسعى».
وقال لقد قررت الأغلبية والمنتدى التلاقي لتسليم الممهدات وهذا دال على أنهم ينوون إجراء حوار فيما بينهم وبدون إشراكنا، ويبدو أنهم قد نسونا، ومن يريد أن ينسى التحالف وينساني أنا مسعود ولد بلخير، أو ينسى المعاهدة فذلك دليل على أنه غير منشغل بمصلحة موريتانيا ولا يريد الحوار ولا الوفاق».
وأضاف «.. أخذوا فكرة مبادرتي التي كانت سبب تقاربهم ويسعون الآن لتجاوزي.. هذا ليس مناسبا ولن نقبله أبدا»، حسب تعبيره.
وأكد أنه «كان على الوزير الأمين العام لرئاسة الجمهورية المكلف بالحوار أن يطلب من أحزاب المعاهدة الحضور لمناقشة الوثائق التي جاءت من مختلف الأطراف، وإذا كان مولاي ولد محمد الأغظف قد فهم أن مبادرتي هي سمسرة بين الأغلبية والمنتدى ففهمه ذاك فهم خاطئ لأنني لست قواداً، ولست سمسارا».
وهاجم ولد بلخير بلهجة غاضبة نظام الرئيس محمد ولد عبدالعزيز، وقال «إن مستوى تحكم الرئيس في كل شيء وتمكنه من القيام بما يحلو له، وصل إلى مراحل قياسية.
وقال «الجميع يعرف أننا معارضون ونعارض محمد ولد عبدالعزيز».
وأوضح أن «تقاربه مع محمد ولد عبدالعزيز ليس لأن فمه قد ملئ مالا ليصمت عن كلمة الحق، وإنما هو تقارب من أجل موريتانيا، فمحمد ولد عبدالعزيز سيرحل، وسيرحل من يحكم بعده، كما رحل من كان يحكم قبله».
وردا على من ينتقده بالتخلي عن نهجه المعارض قال ولد بلخير «لا يمكن لأحد أن يزايد علينا في المعارضة والنضال، ولا يمكن أيضاً أن يزايد علينا في طول اللسان والمشاغبة، ولكننا فضلنا لموريتانيا طريقاً ثانياً حتى نخرج بها من 55 عاماً من البؤس والظلم ومن أجل أن نبنيها على أسس العدل والمساواة».
وأعلن أنه لا ينكر أنه يطالب بتعديل الدستور لمصلحة من تقدمت سنهم عن العمر المحدد في الدستور للترشح للرئاسة مضيفا أنه «يجب العمل لوضع دستور يكون الرئيس فيه محل مساءلة حقيقية من طرف الشعب، ويكون من الممكن فيه تقديم الرئيس للمحاكمة، ويمنع الرئيس من القيام بكل ما يحلو له كما يجري الآن، وكما كان يحدث في السابق».

عبدالله مولود
«القدس العربي»