الصفحة الرئيسية > الأخبار > اقتصاد > موريتانيا: إجمالي الثروة 60 مليار دولار وضعف في إنتاج النفط واحتياطات (...)

موريتانيا: إجمالي الثروة 60 مليار دولار وضعف في إنتاج النفط واحتياطات ضخمة من الغاز

الأحد 12 تشرين الأول (أكتوبر) 2014


قدرت دراسة اقتصادية ومالية فنية صادرة للتو عن البنك العالمي، «إجمال ما تملكه موريتانيا من ثروة، بمبلغ يتراوح بين 50 إلى 60 مليار دولار أمريكي».
وتضمنت الدراسة المحررة تحت عنوان « الموارد الطبيعية في خدمة مستقبل دائم» والتي توصلت «القدس العربي» بنسخة منها، مجموعة من المؤشرات الإقتصادية الجمعية المستقاة عبر تحقيقات قيم بها وفقا لمنهجية البنك الدولي.
وتساعد الدراسة الخاصة، حكومة موريتانيا بتوفير قياس سليم لاحتياطات ثروتها من حيث الكم، وبالحصول على صورة واضحة لآفاق مداخيلها المستقبلية.

تسارع في وتيرة النمو

وحسب الدراسة، فإن معدل النمو السنوي الحقيقي لموريتانيا لم يكن يتجاوز منتصف العقد الماضي 4٪ في المتوسط، وفي عام 2006 ارتفعت وتيرة النمو ووصلت إلى 11٪ بفعل زيادة صادرات الموارد الطبيعية، وواصلت هذه الوتيرة ارتفاعها المطرد حتى عام 2013.
ويجد تسارع معدل النمو في عام 2006 تفسيره، في انطلاقة الإنتاج النفطي على مستوى الحوض الرسوبي لموريتانيا بالرغم من أن معدلات الإستخراج قد تدهورت جذريا، أشهرا بعد بدئها بفعل المصاعب الفنية.
فرصة إرتفاع أسعار الصادرات
وبصورة عامة فإن المؤشرات الإقتصادية الموريتانية واصلت تحسنها بفعل إنطلاقة إستغلال مناجم الذهب والنحاس وبفعل الإرتفاع الكبير لأسعار الحديد في الأسواق الدولية.
فلم تؤثر التهديدات الأمنية داخل البلاد، على عزائم شركات الإستكشاف الوطنية والأجنبية. ويمنح مجلس الوزراء الموريتاني كل شهر رخص تنقيب واستكشاف جديدة لهذه الشركات، حيث تجاوز عدد الرخص الممنوحة حتى الآن للشركات الأجنبية 200 رخصة.
ويعود تاريخ البدء في الإستغلال الصناعي لمناجم حديد موريتانيا إلى عام 1960 بتمويل من البنك الدولي والحكومة الفرنسية وتجمع «ميفرما» لإستغلال الحديد.

توسيع طاقة إستخلاص الحديد الخام

وتعتبر الشركة الموريتانية للصناعة والمناجم «اسنيم»، المالك الأكبر والمستغل الوحيد لمناجم الحديد الموريتاني وذلك بحجم إنتاج يناهز 1.1 مليون طن، وهي تملك حق احتكار استغلال مناجم الحديد الموريتاني إلى عام 2020.
وتنص برامج توسعة الإنتاج الحالية على زيادة الطاقة الإستخلاصية للحديد لحدود 25 مليون من السنة الحالية لعام 2018، ولحدود 40 مليون طن مع آفاق 2020.
وتقوم شركة «اسنيم» بنشاط اجتماعي كبير، وهي تساهم في عدة أعمال كبرى بينها التوسعات المينائية وتوسعات سكك الحديد ومشاريع المواصلات؛ وهي توفر 10 آلاف مركز عمل دائم وموسمي.
وستتسع قدرات التصدير الموريتانية من الحديد عبر اتفاقات شراكة مبرمجة مع عدد من الشركات العالمية، وعبر مجموعة من مشاريع البنى التحتية الهامة من بينها إنشاء مسار بحري للإنتاج يربط بين الشاطىء ومراكز المعالجة بمدينة الزويرات شمال موريتانيا.
وتعتبر موريتانيا ثاني أكبر مصدر لخامات الحديد على مستوى القارة الإفريقية بعد جنوب إفريقيا.
وتتوفر موريتانيا على إحتياطات ضخمة محققة من الحديد الخام ما جعل حجم صادراتها قابلا لأن يتضاعف لعقود مقبلة.
ودخلت الشركة السويسرية «أكستراتا»السوق الموريتانية مؤخرا عبر اتفاقية وقعتها مع شركة «اسنيم».

صادرات الذهب والنحاس

وبالإضافة للحديد، تصدر موريتانيا أيضا الذهب والنحاس وقد بيعت 200 ألف أونصة ذهب وحوالي 45 ألأف طن من النحاس خلال عام 2012.
وتحتكر شركات دولية شعبة إستخلاص الذهب في موريتانيا، ومن أبرز هذه الشركات شركة «كنروس غولد» الكندية التي بدأت نشاطها عام 2007 والتي توظف 1500 عامل محلي.
وفي البداية بلغ إنتاج الذهب سنويا 11 ألف أونصة إلا أنه ارتفع بعد ذلك لأكثر من 22 ألف أونصة في عام 2010، وينتظر أن يتجاوز ضعف هذا العدد بعد عام 2016 تبعا لتطورات أسعار الذهب في الأسواق.
وتطبق شركة «كينروس تازيازت» سياسة مسؤولية إجتماعية هامة هدفها إستثمار 10 ملايين دولار كل سنة لصالح مشروعات لفائدة السكان المحليين بينها مراكز تأهيل فنية ومراكز صحية ومشاريع لتوفير ماء الشروب.
وبعكس خامات الحديد فإن محتويات خامات الذهب ضعيفة جدا (غرام واحد للطن) مما يجعل تكاليف الإستغلال أكبر.
وفيما يخص النحاس فلإن استغلال مناجمه قد بدأ عام 2006 من طرف «شركة مناجم نحاس موريتانيا»، وبلغت مستخلصات النحاس أواخر عام 2009 حوالي أربعة ملايين طن. وتوظف «شركة مناجم نحاس موريتانيا» 1500 عامل وتنتج 4 آلاف طن من النحاس كل شهر.

الإلتحاق بركب الدول المنتجة للنفط

تؤكد الدراسة أن موريتانيا التحقت بركب الدول المنتجة للنفط عام 2006، وتبلغ إحتياطاتها النفطية المؤكدة والمتوقعة حوالي 600 مليون برميل وهو إحتياط هام غير أنه أقل من التوقعات الأولى وهو أقل بكثير من إحتياطات الدول الأخرى المنتجة للنفط بمن فيهم مصدرو النفط على المستوى الإقليمي مثل جمهورية التشاد.
واكتشف حقل «شنقيط» وهو أول حقل يكتشف، عام 2001 تلاه حقل «بندا» المكتشف عام 2002 ثم حقلا «بليكان» و»اتيوف» المكتشفان في عام 2003، ثم حقل «تفت» المكتشف عام 2004، ثم حقل «فوكون» المكتشف عام 2005؛ وهناك حقول أخرى اكتشفت أخيرا.
وتتوفر موريتانيا على ثلاث مناطق نفطية أساسية هي منطقة الحوض الساحلي ومنطقة «تاودني» التي تغطي مساحة بين موريتانيا ومالي تعادل مساحة إسبانيا، والثالثة منطقة الحقول النفطية البحرية.
ولم يتم مع الأسف التأكد من الإحتياطات الإجمالية ولا من الطاقة الإنتاجية لهذه المناطق؛ ويعتبر معدل استخراج النفط حاليا ضعيفا إذ لا يتجاوز 8 آلاف برميل لليوم.
وساهم استخدام التقنيات المتطورة في الرفع من إسهام هذا القطاع في الإقتصاد الوطني الموريتاني (العائدات الجبائية، الرواتب، الصادرات).
ويمثل النفط حاليا 3٪ من الناتج الداخلي الخام وهو ما يعادل 160 مليون دولار.
ويتوفر صندوق العائدات النفطية مستهل 2014، على 100 مليون دولار.

بدايات الإنتاج وإقبال كبير

بدأ إنتاج النفط الموريتاني في ظرفية خاصة من تاريخ البلد، فقبل بدئه بأشهر وفي آب/أغسطس 2005 أنهى انقلاب عسكري حكم الرئيس معاوية ولد الطايع الذي دام 21 سنة.
وقد أبرمت الإتفاقيات ووضعت التحضيرات الأولى لتسيير القطاع النفطي في ظل مرحلة سياسية غير مستقرة شهدت عزلا وتبديلا كثيرا لمسيري هذا القطاع، وهذا ما جعل دقة المعلومات الخاصة بالقطاع وجدواه غير مكتملة.
وفي السنوات الأخيرة دخل عدد كبير من كبريات شركات النفط العالمية السوق الوطنية الموريتانية بينها شركات «أجيب» و»موبيل» و»شيل» و»أكسون».
وتواصل شركات دولية أخرى نشاطها في القطاع بينها «توتال» و»تولوو ويل» و»ريبسول» و»شاينا ناشيونال بتروليوم كوربوريشن».

احتياطات الغاز الضخمة

وتم الإعلان مؤخرا عن اكتشافات هامة للغاز الطبيعي، وحسب التوقعات فإن احتياطات الغاز ذات وفرة في المنطقة الجنوب وعلى مستوى الشاطىء البحري.
ويجري العمل حاليا لتنفيذ مشروع ضخم لتثمين الغاز في المجال الكهربائي وهو ما سيضاعف طاقة إنتاج الغاز.
ويتوقع أن تصدر الكهرباء المولدة من الغاز نحو جمهوريتي مالي والسنغال المجاورتين، كما أن الكهرباء المولدة من الغاز، ستخفض على المستوى المحلي وبشكل ملموس، تكاليف الكهرباء وستوفر الكهرباء لسكان الحضر بنسبة 50 بالمائة.
وسينجز مشروع تثمين الغاز في المجال الكهربائي بتمويل من البنك الدولي والوكالة الدولية لضمان الإستثمارات، ويتوقع أن يتكمل إنجازه أواخر عام 2015.

شروط الإستفادة

تؤكد دراسة البنك الدولي»أن الإستفادة من الإحتياط الغازي الكبير لموريتانيا في مواجهة تحديات التنمية والحد من الفقر، مرتبط بالطريقة التي سيسير بها هذا الإحتياط، وبحسن تدبير واستثمار الموارد المالية التي سيدرها».
وتشير الدراسة إلى أن «الحكومة الموريتانية قد سجلت تقدما كبيرا في مجال تحسين الحكامة والشفافية في قطاع الإستخلاص المعدني، كما أنها تساير بشكل تام ضوابط مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية».
إنها معلومات مفرحة بالنسبة لموريتانيا، تضيف الدراسة، فإذا ما حظيت هذه الموارد، بتدبير وتسيير رشيدين فإنها ستؤدي لتدفق ثابت للدخل من شأنه إذا رافقته سياسيات مناسبة أن يوصل المجتمع الموريتاني لمستويات من الرفاه، كما سيوصل الأجيال القادمة إلى مستويات مهمة من العيش الهنيء.

عبد الله مولود
«القدس العربي»