الصفحة الرئيسية > الأخبار > الأولى > موريتانيا: هل سيفتح حوار لتهدئة الأوضاع أم سيستمر التأزم والتراشق بين (…)

موريتانيا: هل سيفتح حوار لتهدئة الأوضاع أم سيستمر التأزم والتراشق بين الموالاة والمعارضة؟

السبت 12 تموز (يوليو) 2014


تقبل موريتانيا حاليا على مأمورية رئاسية ثانية منبثقة عن انتخابات رئاسية مثيرة للجدل اعتبرها أنصار الرئيس الفائز محمد ولد عبد العزيز انتخابات عادية شارك فيها الشعب وفشلت فيها المقاطعة وزكاها المراقبون، بينما تعتبرها المعارضة «انقلابا انتخابيا» سيعمق الأزمة ويزيد من تحكم الرئيس وطائفته في تسيير الشأن العام.

ومع أنه لا وجود لمؤشرات تدل على حدوث تغييرات في المشهد السياسي لما بعد الانتخابات عن مشهد ما قبلها، فإن مراقبين يعتبرون أن ما تضمنته برقيات تهنئة كل من الرئيس الفرنسي ورئيس اللجنة الأوروبية، من حث للرئيس الفائز محمد ولد عبد العزيز، على التفاهم والتحاور مع معارضيه، كفيل بجعل الرئيس يتجه بعد تنصيبه في الثاني آب/أغسطس المقبل نحو محاولة لجر المعارضة إلى حوار ما.

ويرى المراقبون «أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز لن يضره بعد أن أمن لنفسه مأمورية رئاسية ثانية، فتح حوار مع المعارضة على أساس إعادة الانتخابات النيابية والبرلمانية وإجراء إصلاحات في المنظومة السياسية بما يحقق هدفين أحدهما له وهو التخفيف من الحضور البرلماني لجماعة الإخوان التي تتوفر على ثاني كتلة في البرلماني الحالي، والثاني هدف للصف المعارض ويتمثل في إتاحة الفرصة للمعارضة الراديكالية للعودة للبرلمان.

وسينجم عن تحقيق هذين الهدفين، حسب المراقبين، نوع من التوازن الضروري بحيث يكون للمعارضة صوتها المسموع في البرلمان وللرئيس صلاحياته الواسعة التي يضمنها له الدستور القائم على النظام الرئاسي.

وبخصوص آفاق ما بعد الانتخابات في موريتانيا اختلفت آراء محللين استجوبهم مندوب «القدس العربي» حيث يرى المختار ولد عبد الله مسؤول الإعلام في حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم «ألا وجود لأية مشكلة ولا أية أزمة في موريتانيا لا قبل الانتخابات ولا بعدها».

ويتوقع ولد عبد الله أن «يستمر المسار الذي بدأ عام 2008 بالمزيد من العمل المتقن لبناء موريتانيا دولة القانون ودولة الحريات التي شهد لها العالم بالتقدم عربيا، ولوضع لبنات جديدة في صرح البناء الديقراطي المتواصل».

وعكسا لذلك يرى الحسين ولد محنض المحلل السياسي الشهير والمدير الناشر لصحيفة الأمل الجديد» أن الأزمة السياسية في موريتانيا ستتواصل وسيزداد الاحتقان، وستنضاف للإشكالات السياسية التي كانت مطروحة، بعد الانتخابات، إشكالات جديدة».

ويؤكد «أن الآفاق ستكون قاتمة لأن المترشحين الحاليين للرئاسة يعبر كل واحد منهم عن لون من ألوان المجتمع مما يجعل الهزائم المتوقعة ستنعكس نفسيا على المجموعات العرقية، وهنا يتجلى خطر غياب الطبقة السياسية التقليدية واستبدالها بالقبيلة والجهة».

ويجزم ولد محنض «بأن أطراف المشهد السياسي لا بد أن يتجهوا من جديد للحوار وإلا فالمجهول سيكون هو سيد الموقف».

ويتابع «لكن الجديد أن أي حوار سياسي لا بد أن يمر بمراجعة الانتخابات السابقة بما فيها الانتخابات الرئاسية ثم البلدية والبرلمانية لأن هناك عوامل ذاتية قائمة بينها عامل السن الطارد لبعض المرشحين، ولن يعترف هؤلاء المعارضون، إذا فتح حوار جديد، بالانتخابات ولن يقبلوا باعتمادها والبناء عليها».

ويرى موسى ولد حامد رئيس تحرير صحيفة «بلادي»،»أن موريتانيا بعد الانتخابات هي نفسها موريتانيا الآن حيث التأزم السياسي والاحتقان الشديد».

ويتوقع «أن يلجأ نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز، كعادته، لافتعال حدث كبير يشغل به الرأي العام عن الانتخابات؛ وقد يكون ذلك الحدث حل حزب الإسلاميين الذي يعتبره الكثيرون أمرا ما زال مطروحا، وقد تصل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية حدا يفجر الوضع ويربك الوضع العام في البلد».

ويؤكد عبد الله ولد عبد الحي الأمين التنفيذي لحزب»حاتم» المعارض»أنه من غير الممكن التنبؤ بما سيحدث لأن الرئيس محمد ولد عبد العزيز لا يحكم بمعطيات ثابتة فهو يحكم بطريقة بهلوانية لا تعتمد على أي شيء».

وحول الآفاق يقول الشيخ سيد أحمد ولد حيده رئيس منظمة شباب حزب التكتل المعارض «أن التكهن بمستقبل موريتانيا بالغ الصعوبة في ظل حكم عسكري مافيوي».

ويضيف «مقاطعة الانتخابات التي نجحت لحد كبير ستجعل الداعمين للجنرال داخليا أو خارجيا في مواجهة مكشوفة مع القوى الديمقراطية الوطنية وهو ما قد ينجم عنه لا قدر الله حالة من الفوضى تستهدف سلم واستقرار البلاد، وستكتمل حالة اللادستورية التي تشهدها موريتانيا حيث ستنضاف مؤسسة الرئاسة المنتخبة خارج الشرعية الإجماعية إلى المؤسسات الأخرى غير الشرعية كالبرلمان بغرفتيه والمجلس الدستوري، وهي الوضعية التي لا يمكن الخروج منها إلا بإجماع وطني فالشعب الموريتاني لن يقبل العيش بصورة مستمر تحت نير الديكتاتورية العسكرية».

هكذا تبدو موريتانيا اليوم ثلاثة أسابيع قبل تنصيب رئيسها لمأمورية ثانية ؛ فرغم أن ظاهر الأمور طبيعي وعادي فالجميع أغلبية ومعارضة، يساوره قلق حول ما ستؤول إليه الأمور في بلد يمر بصعوبات سياسية واقتصادية واجتماعية داخلية جمة، وتحيط به أزمات تحمل في ثناياها مخاطر كثيرة.

عبد الله مولود
«القدس العربي»