الصفحة الرئيسية > الأخبار > الأولى > الرئاسة الموريتانية بين تمسك النظام ومقاطعة المعارضة
الرئاسة الموريتانية بين تمسك النظام ومقاطعة المعارضة
الاثنين 9 حزيران (يونيو) 2014
تستعد موريتانيا لتنظيم انتخابات رئاسية في الـ21 من الشهر الجاري، ويرى عدد من المراقبين للساحة السياسية في هذا البلد، أن نتائجها تكاد تكون محسومة لصالح الرئيس الحالي محمد ولد عبدالعزيز، فيما يراهن النظام الحاكم على الوصول إلى نسب مشاركة عالية تمكنه من الخروج من مأزق المقاطعة الذي اتخذته أغلبية الكتل التاريخية للمعارضة.
وتحاول الحكومة الموريتانية الدفاع عن مصداقية الانتخابات وسلامة الظروف التي ستكتنف الاقتراع المقبل، مؤكدة على أن انتخابات 2009 كانت شرعية وأن نتائجها سليمة، وذلك حسب التقارير الصادرة عن الجهات الدولية والمحلية التي قامت بمراقبة الانتخابات. في حين أن المعارضة (سواء أحزاب أو تكتلات حزبية وجبهات) تصر على أن النظام القائم قد زور فعلا الانتخابات الماضية وأن تحالفا معينا بين قيادات في الجيش وبعض رؤوس الأموال وسياسيين قد أدى إلى صعود محمد ولد عبد العزيز. ومن أبرز من يدافع على وجهة نظر الحكومة وزير الاتصال محمد ولد محم الذي يعمل بجهازها. فيما أكد زعماء المعارضة في تجمعات شعبية مخصصة للمقاطعة، أن “الانتخابات المقبلة مجرد مهزلة لا قيمة لها ولن تؤدي إلا للمزيد من الاحتقان”، مؤكدين على أن الانتخابات الماضية كانت مزورة، وأن النظام يبحث عن إعادة تموقعه من جديد، وهو ما أشار إليه المعارض محفوظ ولد بتاح في أكثر من مناسبة.
المقاطعة لن تؤثر على نسب المشاركة
انتقد وزير الاتصال والعلاقات مع البرلمان الموريتاني، سيدي محمد ولد محم، قرار المقاطعة الذي تتبناه المعارضة، مؤكدا، “أنه على الطرف المعارض أن يقدم التبريرات لقرار المقاطعة” الذي هو، حسب قوله، "قرار خاطئ سبق أن أضر بمجتمعات أخرى".
وأعلن ولد محم، “أن الرئيس محمد ولد عبدالعزيز، أعطى تعليماته للحكومة وإلى كافة المصالح الإدارية، بعدم استخدام الممتلكات العامة المنقولة والثابتة خلال الحملة الانتخابية المقبلة، وبضرورة التزام الإدارة بالحياد التام وبقائها على مسافة واحدة من كافة المترشحين”.
وأكد الوزير الموريتاني، “عدم وضوح قرار المقاطعة الذي اتخذته أحزاب المعارضة، حيث أن من ضمنها من شارك في الانتخابات البلدية والنيابية الأخيرة والتي تنظم في نفس الظروف التي ستنظم فيها الانتخابات الرئاسية المقبلة”، متسائلا، “هل معايير الشفافية تقلصت عما كانت عليه؟ وهل استجد شيء في المنظومة الانتخابية جعلها أسوأ مما كانت عليه؟”.
وقال، “إن الرد على مقاطعي الانتخابات كان يهدف لتذكيرهم بنسبة المشاركة في الانتخابات النيابية والبلدية الأخيرة، والتي بلغت 75 بالمئة رغم مقاطعة المعارضة لها”.
وأكد الوزير ولد محم، “أن النسبة المرتفعة للمشاركة في الانتخابات الأخيرة، تؤكد بأن الشعب الموريتاني يرفض المقاطعة ولا ينسجم مع مساعي المعارضة الهادفة إلى شيء واحد هو إرباك المشهد السياسي، والسعي إلى ارتهان البلد لأغراض شخصية لا تخدم الصالح العام”.
وشدد الوزير الموريتاني القول، على أن “الانتخابات الرئاسية ستجري في وقتها تحت إشراف هيئة مستقلة تماما”، موضحا، “أن معايير الشفافية الدولية متوفرة فيها”، ومرحبا، “بأية جهة وطنية أو دولية تريد أن تراقبها”.
وقال وزير الاتصال سيدي محمد ولد محم، إن الوزراء المدعوين لمهام الحملة الرئاسية القادمة، سيغادرون وظائفهم على أن يتولى نوابهم إدارة تلك الوزارات، فيما يواصل الوزراء الذين لم يتم تكليفهم بأية مهام (خلال الحملة الانتخابية) عملهم بصفة عادية كوزراء يخدمون الوطن.
وأكد ولد محم على أن المعارضة تحاول حاليا ارتهان البلد لأغراضها الشخصية، مضيفا، أن الانتخابات القادمة مفتوحة للجميع من أجل مراقبتها، مجددا تأكيده على استمرار “رغبة في الحكومة في الحوار”.
وأضاف وزير الاتصال والعلاقات مع البرلمان، أن ما تحقق على المستوى الأمني خلال المأمورية الأولى لرئيس الجمهورية محمد ولد عبدالعزيز “تجاوز سقف الطموح”، وأضاف، “كنا نواجه الإرهاب في نواكشوط واليوم الإرهاب والإرهابيون يفكرون ألف مرة قبل الاقتراب من الحدود الموريتانية”.
وبخصوص الاحتجاجات وعلاقة السلطة بالمعارضة، قال سيدي محمد ولد محم، إن نظام الرئيس محمد ولد عبدالعزيز، نظام ديمقراطي منفتح على الجميع، واصفا في الوقت ذاته بعض الأطراف المعارضة بـ”غياب الديمقراطية” في أساليبها وممارساتها.
ويضيف وزير الاتصال، تعودت المعارضة على تداول المغالطات ورمي الاتهامات جزافا والنيل الشنيع والدائم من أعراض الناس وذممهم، رغم عجزها عن تقديم أبسط دليل على كل ما صدر عنها خلال السنوات الخمس الأخيرة من اتهامات لم ترق لمستوى إقناع الشعب الموريتاني، الذي أكد عدم تجاوبه مع محاولات التشويش على الانتصارات التنموية التي حقق خلالها المأمورية الأولى لرئيس الجمهورية محمد ولد عبدالعزيز.
كما اعتبر الناطق الرسمي باسم الحكومة أن “ثقافة الانتحار” و”الحرق”، تدخل في إطار الحصيلة السلبية للمعارضة التي أنتجت هذه الثقافة الغريبة على المجتمع، مبرزا أن “الثورة” لا يمكن أن تقوم في بلد لا يوجد فيه سجين سياسي واحد، وظل يحقق باستمرار نموا اقتصاديا حقيقيا، مستنكرا محاولات “دفع الشباب إلى الانتحار” في سبيل وصول البعض إلى كرسي لم يفلحوا في الوصول إليه عبر صناديق الاقتراع.
كما أكد ولد محم على أن الانتخابات الأخيرة، يترتب عنها ضرورة احترام إرادة الشعب التي تم التعبير عنها.
وبخصوص رئاسيات الـ21 من يونيو المقبلة، اعترض وبقوة على ما وصفها بـ”الأحادية”، حيث يشارك فيها خمسة مرشحين، لدى بعضهم ماض سياسي عريق ومعروف، مؤكدا على أنهم يتواجدون في الحكومة وأن غالبيتهم لم يصل إلى مسامعه طلب أي طرف بتأجيل الانتخابات، التي يفترض أن تتم في آجالها الدستورية.
النظام الحاكم اختار ترهيب المعارضة
في خطاب حماسي أمام تجمع شعبي، أكد محفوظ ولد بتاح، رئيس حزب اللقاء الديمقراطي المعارض، “أن النظام الحاكم في موريتانيا جاء حاليا للحكم وبطريقة غير شرعية، فقد أجرى انتخابات 2009 المطعون في شرعيتها، وعندما طالبت الأطراف المعارضة بإجراء انتخابات شفافة ونزيهة من خلال حوار جاد، لم يستجب لذلك، لخوفه من نهج هذا المسلك، لذا خيّر اللجوء إلى منطق استعراض العضلات والقوة”.
وخاطب ولد بتاح المئات من نشطاء المعارضة قائلا، “أنتم تعرفون أن الشرعية لا تستمد إلا من خلال انتخابات شفافة ونزيهة يشارك فيها كل الطيف السياسي، لذا فإن هذا النظام لن يحظى بهذه الشرعية ولن ينال مشاركة هذا الطيف السياسي، التي قد تضفي شرعية على مهزلته الانتخابية هذه المرة كما كان يجري لصالح مختلف الأنظمة العسكرية السابقة، لذا فإن الشعب الموريتاني سيعبر عن رفضه لهذه المهزلة من خلال مسيرة، الرابع من يونيو، التي يهيّئ لها المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة”.
وقال رئيس حزب اللقاء الديمقراطي محفوظ ولد بتاح، إنهم قرروا خلال المنتدى مقاطعة الانتخابات الرئاسية القادمة لأنهم غير مستعدين لما اعتبره “تشريع انتخابات عبثية معلومة النتائج سلفا”.
وأضاف ولد بتاح، أنهم اقتنعوا خلال جلسات الحوار بأن النظام عبثي في قراراته وحواراته، “ولا نريد أن نكون جزءا من انتخابات هزلية تستخف بعقول الشعب الموريتاني تنجم عنها نتائج معروفة سلفا، وهي فوز ولد عبدالعزيز، لذلك قررنا مقاطعة الرئاسيات محملين النظام مسؤولية قيادة البلاد نحو المجهول”.
وقال بتاج، إنه يمثل كتلا سياسية تقودها شخصيات وطنية دخلت معترك السياسة ليس بحثا عن مصالح ولا امتيازات مادية، وإنما من أجل مصلحة موريتانيا والحفاظ على أمنها واستقرارها وحق شعبها في ممارسة الديمقراطية واختيار من يحكمه عن طريق صناديق الاقتراع، مشددا على أنه، “ليس بقوة السلاح وفرض أمر الواقع تسير الدول كما يفعل هذا النظام”، بحسب وصفه.
وأوضح رئيس حزب اللقاء، أن موريتانيا تمر بأزمة خطيرة يتحمل نظام ولد عبدالعزيز مسؤوليتها لوحده، مشيرا إلى أن منتدى الديمقراطية والوحدة جاء للحوار بنية صادقة لإخراج البلاد من أزمتها السياسية غير أن عبثية السلطة وانحصار الرؤية لديها، عجّل بوضع حد لأمل الحصول على وفاق سياسي يفضي إلى انتخابات شفافة ونزيهة.
وأضاف ولد بتاح، “نريد انتخابات شفافة ونزيهة ولا نريد أن نكون وسيلة لشرعنة الأنظمة المستبدة التي طحنت هذا البلد منذ 35 سنة، ونعتبر أن الانتخابات ينبغي أن تكون فرصة حقيقية لفتح صفحة جديدة للتعاطي مع الشأن العام وإيجاد نظام ديمقراطي حقيقي”. وعبّر عن ثقته في مقاطعة تلك الانتخابات بالقول، “لنزع أية شرعية عن المسار الأحادي الذي يحكم تسيير الشأن العام”.
وأشار المعارض الموريتاني، إلى أن نظام ولد عبدالعزيز أحادي واستبدادي رافض للحوار ومتمسك بفرض أجندته الأحادية من خلال تنظيم انتخابات رئاسية لا تتوفر فيها أبسط ضمانات الشفافية والنزاهة، وفق تعبيره.
وأكد ولد بتاح على أن منتدى المعارضة عازم على مقاطعة تلك الانتخابات مقاطعة فعّالة وتنظيم العديد من الأنشطة الميدانية المناوئة لها، من أجل إفشال ما وصفها بـ“الأجندة الأحادية لنظام ولد عبدالعزيز”، وأن يثبت للعالم أن الشعب الموريتاني لا يثق في هذا النظام، وأنه ضد الحكم العسكري الصلف ذي لبوس ديمقراطي بديكور مزيف، على حد قوله.
ورحّب ولد بتاح بإعلان الزعيم مسعود ولد بلخير عن مقاطعة للانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها في الـ21 من يونيو 2014، معتبرا أن ماضي ولد بلخير النضالي ووزنه في الساحة السياسية الوطنية لن يسمحا له بالمشاركة في ما سماها بـ“المهزلة” والمسرحية التي يمثلها النظام ويطلق عليها اسم “انتخابات” من أجل ضمان بقاء ولد عبدالعزيز في السلطة.
وقال ولد بتاح، إن المعارضة لا تخاف صناديق الاقتراع، وهي واثقة من نجاحها في هزيمة ولد عبدالعزيز في حالة ما تم تنظيم انتخابات شفافة، مضيفا أن الأخير هو من يخشى ذلك رغم امتلاكه للسلطة وهيمنته على مقدرات البلاد طيلة ست سنوات من حكمه.
المعارضة الموريتانية تنزل إلى الشارع لتأكيد مقاطعتها للانتخابات الرئاسية
نواكشوط - نظم منتدى الديمقراطية والوحدة المعارض في موريتانيا مسيرة مناهضة للانتخابات الرئاسية تطالب بمقاطعتها مقاطعة فاعلة. وجابت المسيرة أهم شارع في العاصمة الموريتانية نواكشوط، انتهت على مقربة من مباني الحكومة والوزارات. ورفع المتظاهرون (قدر عددهم بالآلاف) لافتات تطالب بعدم المشاركة ورددوا شعارات تصفها بـ”المهزلة”.
وقال رئيس المنتدى الشيخ، سيد أحمد ولد بابا مين، “إن الانتخابات المقبلة ستعمق الأزمة السياسية في موريتانيا وتزيد الأمور توترا”. وذلك في إشارة إلى عمق الأزمة التي تعيشها الطبقة السياسية الموريتانية بين الحكومة والمعارضة، حيث أن المعارضة تعتقد بأن شرعية السلطة الحالية مشكوك في مصداقيتها نظرا لحصول تزوير في الانتخابات السابقة، ولا يحق للرئيس الحالي تجديد ولايته مرة أخرى.
وأضاف رئيس المنتدى، أن “هذه المسيرة أظهرت أن الشعب الموريتاني يرفض أن يساق إلى مسرحية الانتخابات الرئاسية” المقرر إجراؤها في الـ21 من شهر حزيران الجاري، والتي انطلقت الحملة الدعائية لها، مساء يوم الخميس الماضي. ويشارك في الانتخابات خمسة مرشحين أبرزهم الرئيس الحالي المنتهية ولايته محمد ولد عبدالعزيز وثلاثة من أقطاب المعارضة من غير أعضاء المنتدى المعارض وسيدة موريتانية.
وقد انتقد المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة المعارض بموريتانيا، في إطار رفضه لمضايقات النظام لنشاطاته، تفتيش الشرطة لرئيس حزب الاتحاد من أجل التغيير صالح ولد حنن، بمطار نواكشوط أثناء عودته من المغرب بعد جولة له مع الأحزاب المعارضة بالمغرب.
وقال المنتدى في بيان في بيان أصدره قبل يوم من خروج المسيرات الاحتجاجية، الذي يضم قوى سياسية ومدنية معارضة للنظام الموريتاني، إن “ما حدث مع ولد حنن يثبت رغبة النظام الشديدة في المضي قدما بالتضييق على الحريات ومضايقة كل الأحرار الذين يرفضون السير في فلكه، ويعارضون مظاهر الفساد والرشوة والمحسوبية”.
وأكد المنتدى من خلال هذا البيان على أن كل “الخطوات الاستفزازية التي يتبعها النظام الحالي من أجل التضييق على الحريات لن تنجح في ثني الشعب الموريتاني عن الوقوف بوجه سياسة الإقصاء والتهميش التي يصر النظام على إتباعها، والتي لن تؤدى إلا إلى تعميق الأزمة السياسية الراهنة”، حيث لم يتسن الحصول على رد فوري من السلطات الموريتانية على تلك الاتهامات.
وولد حنن، هو قائد المحاولة الانقلابية الفاشلة عام 2003 ضد نظام الرئيس الموريتاني الأسبق معاوية ولد سيدي أحمد الطايع، كما أنه كان نائبا بالبرلمان الموريتاني في الفترة بين 2006 و2013.
وقد ركز المرشحون، ضمن برامجهم التي سيتولون تقديمها في الانتخابات الرئاسية المنتظرة، على تحقيق العدالة الاجتماعية ومزيد دعم المقدرة الشرائية للمواطن وخلق فرص أكثر للعمل، كما أن الجميع يتنافس على استمالة الشباب لهم عبر تقديم وعود للاهتمام بهذه الشريحة في القرى النائية والمدن من أجل دعم النشاطات العلمية والترفيهية والتركيز على فتح مجالات أخرى للعلوم والمعرفة.
المصدر : صحيفة العرب