الصفحة الرئيسية > الأخبار > الأولى > مهرجان ثقافي بموريتانيا ينتشل مدنا تاريخية من عزلتها

مهرجان ثقافي بموريتانيا ينتشل مدنا تاريخية من عزلتها

الأحد 19 كانون الثاني (يناير) 2014


تنتظر المدن التاريخية في موريتانيا المهددة بالاندثار من حين لآخر، فرصة تنظيم المهرجانات التراثية للتنبيه على وضعها، وحثّ المعنيين على إنقاذ تراثها وتاريخها، هذا ما حاولت مدينة "ولاتة" فعله أيام تنظيم مهرجان المدن القديمة الذي شكل فرصة لإعادة الاعتبار للمدن التاريخية ودراسة السبل لانتشالها من الضياع الذي كانت تتوارى فيه خلال العقود الماضية.

ويأتي اختيار مدينة "ولاتة" التاريخية لتنظيم الدورة الرابعة من المهرجان اعترافا بمكانتها العلمية وإشعاعها الثقافي الذي عرفته مع الفتح الإسلامي، فكانت بموقعها الجغرافي الإستراتيجي مركزا للقوافل التجارية، ولثرائها العلمي محجة للعلماء، وبعمقها الحضاري وإشعاعها الفكري قبلة للمفكرين والمؤرخين.

واليوم تغرق هذه المدينة العريقة في عزلة قاتلة، وتعاني من واقع مرير من النسيان والتهميش بعد أن هجرها كثير من أبنائها ليبقى بين جدران ما تبقى من بناياتها آلاف المخطوطات التي حفظت ثروة نادرة من المعارف الإنسانية.

ويسعى مهرجان المدن القديمة الذي ينظم دوريا بمدن شنقيط ووادان وتيشيت وولاتة، وهي المدن الموريتانية القديمة المصنفة ضمن التراث العالمي إلى نفض الغبار عن التراث الموريتاني في المدن القديمة وتعزيز مساهمتها في التنمية ورد الاعتبار للتراث المعماري وللثقافة الموريتانية في مدن تاريخية أصبحت مهددة بالانقراض.

وتميز المهرجان هذا العام بتنظيم عدة فعاليات ثقافية وفنية ومعارض للمخطوطات والمنتجات التقليدية والألعاب التراثية التي تهدف إلى إبراز التراث المادي وغير المادي لهذه المدن، وشكلت الأمسيات الثقافية التي تناولت تاريخ مدينة ولاتة عبر وصلات غنائية وقصائد شعرية محور فعاليات الدورة الرابعة للمهرجان.
فك العزلة

وكشفت وزيرة الثقافة لالة بنت الشريف، أن الحكومة تسعى إلى استعادة هوية مجتمع الصحراء وربط الصلة بين ماضيه المجيد وحاضره ومستقبله الواعد وفك العزلة عنه، مضيفة أن مدينة ولاتة استفادت خلال هذه الدورة من إنجاز بنية تحتية في مجال المياه والصحة والمباني الإدارية، كما استفادت من توزيع كميات معتبرة من المواد الغذائية.

وأشارت أن المهرجان هذه السنة خصص في احتفالية تراثية نحو 76 مليونا للفائزين في الأنشطة الثقافية والرياضية المختلفة للمهرجان كمسابقة القرآن الكريم والحديث الشريف والرماية التقليدية وسباق الهجن وجلسات الشعر الشعبي.

وأكد الرئيس محمد ولد عبد العزيز الذي قام بزيارة للمركز التاريخي للمدينة، والذي يضم مكتبات قديمة ومركز محمد يحيى الولاتي ومكتبة الشيخ سيدي محمد الكنتي وعددا من الكنوز الثقافية الهامة، أن استعادة مدينة ولاتة لدورها التاريخي المجيد ومكانتها العلمية الرفيعة يتطلب تكاثف الجهود من أجل تحقيق تنمية متكاملة من شأنها أن تنهض بالمدينة وساكنتها من خلال التوظيف الأمثل لما تمتلكه من إمكانيات سياحية واقتصادية وعلمية.

وتميز المهرجان بمعرض للمنتوجات التقليدية والآلات المصنوعة محليا عكست إنتاجية سكان المدن القديمة، كما أظهرت الخصوصيات التي تتمتع بها كل مدينة، وعلى وجه الخصوص مدينة ولاته، مما أثار إعجاب الضيوف والمشاركين الذين أعطوا بحضورهم المتميز بعدا حيويا لهذا المهرجان، فدعوا إلى دعم الصناعة التقليدية وتشجيعها، وتقديم العون لسكان المناطق القديمة.

وشكل معرض المخطوطات والكتب القديمة الذي أقيم على هامش المهرجان فرصة للتعريف بكنوز المخطوطات الموريتانية التي يعود تاريخها لمئات السنين، كما شكل مناسبة للتنبيه إلى المخاطر التي تتعرض لها المخطوطات الموريتانية المبثوثة في منازل الموريتانيين، وأطلق المعهد الموريتاني للبحث العلمي نداء لملاك المكتبات الخاصة بالسماح لخبراء المعهد بحفظ المخطوطات بشكل ملائم، و"رقمنتها" لتكون في خدمة الباحثين والدراسين.

المصدر : "العربية"