الصفحة الرئيسية > رأي > في موريتانيا: انقلاب وشيك!
في موريتانيا: انقلاب وشيك!
الأحد 17 آذار (مارس) 2013
بقلم : حماه الله ولد السالم
تآكلت وبسرعة لافتة شعبية الرئيس الحالي، أو في الحقيقة سلطة العسكريين، بمن فيهم الرئيس العسكري المُنتخب ديمقراطيًا. لكن الأخطر من كل ذلك هو تراجع ثقة الموريتانيين في حُكّامهم، وهم في الحقيقة عدة رجال أبرزهم الرئيس نفسه، لكنهم في الحقيقة خلفه ومعه وحوله، وبعضهم مختف لا يظهر، لكنهم جميعًا حاكمون ومحكوم عليهم بنتائج سياساتهم وسياسة رئيسهم المُنتخب.
عنصر الثقة بين الحاكم وشعبه هو أهم دعائم الاستقرار وهيبة الدولة وفاعلية ما تقوم به سلطتها.
وعندما تتراجع ثقة الناس في حُكّامهم، تتقلص مساحة فاعلية الدولة، حتى وهي تقوم بالمفيد والمنجزات الحيوية.
عنصر الثقة في السلطة هو في جوهره معنوي قبل أي شيء، ولذلك فهو وثيق الصلة بالنفسية الجماعية، مرتبط بالحدس الشعبي الذي يلتقط مؤشرات الفشل والسقوط حتى لو كانت ضعيفة أو بعيدة الغور.
يقول الحكماء: إن هناك أمرين مُحيّرين لم يُعرف لهما تفسير: معرفة الحُكّام لطبائع رعيتهم، وشعور الرعية بما يخفيه الحاكم حتى في أحلامه!
لم يعد الموريتانيون يبالون بما يرونه في بلادهم حيث كل شيء قميئ ورديئ ومُغبر وقاسٍ، لكنهم شديدو الحساسية تجاه التفاهة والوقاحة.
لقد بات الموريتانيون يشعرون بالمرارة من "الفضائح" السياسية والمالية التي تطفو على السطح بين الفينة والأخرى، في تصاعد مخيف، لا يوازيه إلا تراجع ثقة المواطنين في حكومتهم وحكامهم، بل وزهدهم في كل ما تقوله وتفعله تلك السلطة.
لقد بدأ الموريتانيون يعبرون في أحاديثهم العامة، العلنية والمفتوحة والمكررة، عن مرارة وكره ما يجري من ممارسات مقززة في المؤسسات العامة وآخرها المؤسسة العسكرية التي كشف القدر للتو عن فضيحة مدوية طالت أموالها وبطريقة تمس هيبة المؤسسة وكرامتها وقد تمتد إلى مؤسسات أخرى حساسة هي الأخرى وأقل حساسية والحبل على الجرار.
كشفت الفضيحة المالية في الجيش عن أن المال العام، وفي أكثر المؤسسات انضباطًا وخطرًا، عرضة للتلاعب والنهب، والأخطر من ذلك للتدخل الزبوني من السلطة ولصالح أزلامها من المدنيين والعسكريين على السواء.
لقد تبيّن ولو بعد حين، أن دار ابن لقمان في موريتانيا هي نفسها، النظام يتعامل مع المؤسسات العامة وأموالها ومنسوبيها ومواردها بذات العقلية الزبونية بل وبطرق أكثر فسادًا ورداءة.
لقد كنت مثل الكثيرين نعتقد أنه مع مخاطر عسكرة السلطة المنتخبة، فإن النظام الحالي قلل من فرص نهب المال العام وأنجز شيئًا في الماء والطرق يبقى للأجيال، لكن الممارسات البنيوية الضارة والمسيئة للدولة والمجتمع، يبدو كما لو عادت وبصورة أشنع وأقوى زبونية وإن على نطاق أضيق تبعًا لخارطة الزبونية الجديدة.
إذا لم يتدارك من يهمهم الأمر ما يجري، ويقدموا تفسيرا مقنعًا للمجتمع، فإن مسار التدهور والانحطاط في ثقة الناس في النظام بل وفي الدولة سيتجه إلى أعلى المنحنى، وقد يهبط فجأة في شكل انهيار عام أو فوضى عارمة قد تكون انقلابًا من نوع جديد في موريتانيا، لكنه انقلاب يقوم به الجميع من الموريتانيين المدنيين وغير المدنيين على سلطة العصابة المستبدة والفاسدة ما قد يفضي إلى ميلاد جديد أو فوضى عارمة.
ولله الأمر من قبل ومن بعد.
حماه الله ولد السالم
كاتب موريتاني