الصفحة الرئيسية > الأخبار > مجتمع > "أسواق رحالة" تواكب تحركات البدو شرق موريتانيا

"أسواق رحالة" تواكب تحركات البدو شرق موريتانيا

الأحد 10 شباط (فبراير) 2013


تنتشر في مناطق الشرق الموريتاني أسواق من نوع خاص تبعا لحياة البدو الرحل التي يعيشونها إلى يومنا هذا، حيث تنتقل الأسواق أسبوعيا من قرية إلى أخرى، فلا يوجد سوق في مكان واحد، فالأسواق متنقلة والتجار ينقلون بضائعهم وتجارتهم على مدار أيام الأسبوع إلى حيث يقام السوق.

لا أحد بالضبط يعرف متى بدأت هذه التقاليد، فحتى المسنون في السوق المركزي في مدينة باسكنو يقولون إنهم عرفوا وهم صغار الأسواق وهي بطريقتها المتنقلة، مؤكدين أن الأمر لا يحمل أي "غرابة".

ويستدرك أحد المسنين في حديث لـ"العربية.نت" من حانوته في سوق باسكنو قائلا: "قد نكون شهودا على تاريخ افتتاح سوق جديد في مكان جديد، لكن دون أن نعرف متى بدأ هذا التقليد، بالتأكيد عمره يصل إلى عدة قرون".
سوق أسبوعية ومشقة كبيرة

تختص كل منطقة من مناطق الشرق الموريتاني بأسواقها الأسبوعية، حيث يتم توزيع أيام الأسبوع بين القرى والمدن، وفي يوم كل مدينة يتنقل تجار المدن والقرى الأخرى ببضائعهم وحيواناتهم إلى هذه المدينة، وفي اليوم الموالي إلى المدينة الأخرى، وهكذا دواليك.

ويقول أحد مسني سوق باسكنو، ويسمى محمد محمود ولد المقاري، في تصريح "للعربية.نت" إنه كان شاهدا على افتتاح سوقها الأسبوعي، وتحديد موعده يوم السبت قبل 42 سنة، وذلك في شهر يناير من العام 1970.

ولد المقاري هاجر وهو شاب من منطقة الوسط الموريتاني (تكانت) إلى منطقة الشرق الموريتاني، ويبدو أن الأجواء التجارية استهوته فاستوطن المدينة.

يتذكر ولد المقاري – وهو في نهاية عقده السابع- حاكم المقاطعة الذي أشرف على افتتاح أول سوق في المدينة، وتفاصيل الحفل البسيط الذي أقيم بتلك المناسبة، وأول عمليات البيع التي عرفها السوق الجديد.

تدور الأسواق في منطقة باسكنو في مساحة تتجاوز 200 كلم، ويبدأ أسبوعه بسوق باسكنو يوم السبت، فقرية صغيرة تسمى العدالة يوم الأحد، فمدينة فصالة أقصى الشرق يوم الاثنين، ثم قرية انبيكت الأحواش يوم الثلاثاء، وقرية بنكو يوم الأربعاء، وقرية آغور يوم الخميس، وقرية "امبره" الصغيرة والتي يوجد بجانبها مخيم اللاجئين الماليين يوم الجمعة، وتعود الكرة مرة أخرى من حيث بدأت من مدينة باسكنو.

يستخدم "التجار الرحل" وسائل نقل شتى لمواكبة هذه الأسواق، ويجد سكان البدو فيها ضالتهم، حيث توفر البضائع وشتى الحاجيات قريبا من مضارب الخيام، سواء كان الانتجاع داخل الأراضي الموريتانية، أو تطلب الدخول إلى الأراضي المالية.

أبو بكر ولد محمد الشيخ أحد التجار الشباب العاملين في الأسواق المتنقلة يقول "للعربية.نت" إنه يقطع ببضاعته أسبوعيا حوالي 200 كلم، يتوقف في كل سوق، ويعرض بضائعه، كما يتشري بضائع وينقلها إلى سوق في الجهة الأخرى من المنطقة، مؤكدا أنه يجني أرباحا كبيرة من هذه التجارة.

ويضيف ولد محمد الشيخ أنه يستخدم في تنقلاته مختلف وسائل النقل، من السيارة إلى العربة، وحتى على الأرجل أحيانا في حال كانت السوق قريبة.
فوائد عديدة

التاجر إطول عمرو ولد محمد يقول "للعربية.نت" إن طريقة الأسواق الرحالة تمنح التجار فرصا عديدة للربح، كما تمنح السكان والبدو فرص الحصول على البضائع والحاجيات قريبا من أماكن سكنهم دون الحاجة للتنقل بعيدا، وكذا تسويق حيواناتهم قرب المضارب.

ويضيف ولد محمد أن التجار يجدون فرصا كبيرة في اختلاف الأسعار من منطقة لأخرى، وفي توفر المواد وندرتها من مكان لآخر، فأحيانا يتشري أحدهم قطيعا من الماشية من مكان ويبيعه بسعر مضاعف عدة مرات في مكان آخر، كما يجد إحدى المواد بسعر رخيص على الحدود المالية، ويبيعها داخل الأراضي الموريتانية بسعر مجز.

وعن أهم البضائع التي يتم تداولها في الأسواق الأسبوعية يقول ولد محمد: "هناك بضائع تأتي إلى موريتانيا من مالي وهي أساسا علف الحيوانات، والذرة، والخضروات والفواكه، وبعض المعلبات، أما البضائع التي تصدر من موريتانيا إلى الأسواق المالية فهي السكر وأنواع البسكويت، إضافة للزيت، والملابس والقماش وغيرها، فيما تختلف تجارة الحيوانات من موسم لآخر، حيث إن أسعارها غير مستقرة".

ويجمع التجار على أن تقليد "الأسواق الأسبوعية الرحالة" يشكل أهم مورد اقتصادي لعدد كبير من سكان المناطق الشرقية الموريتانية، كما أن الوسيلة الاقتصادية الأهم في المنطقة، والآلية الأولى في التبادل التجاري بين مختلف المناطق، والسبيل الأوحد لحصول آلاف سكان البدو على حاجياتهم اليومية من ضروريات وكماليات.

المصدر : «العربية»