الصفحة الرئيسية > الأخبار > مجتمع > مزارعو موريتانيا يكافحون للهروب من مصيدة الديون

مزارعو موريتانيا يكافحون للهروب من مصيدة الديون

الخميس 24 كانون الثاني (يناير) 2013


كانت كمية الأمطار معقولة في معظم أنحاء موريتانيا في عام 2012، مما خلق آمالاً بموسم حصاد جيد. ولكن حتى في عام جيد، لا يستطيع المزارعون إنتاج حبوب تكفي لأكثر من خمسة أشهر (معظم صغار المزارعين ينتجون كميات أقل من ذلك بكثير) ويدخل غالبيتهم عام 2013 مثقلاً بالديون المتراكمة على مدار السنوات السابقة جراء عقود من الأزمات الدورية. وكانت التقديرات تشير إلى أن ثلث سكان موريتانيا (700,000 نسمة) سيتعرضون للجوع في عام 2012 (قدرت بعض الدراسات عددهم بنحو مليون نسمة)، في حين يعاني 12 بالمائة من الأطفال الذين تم تقييمهم من سوء التغذية الشديد.

وعلى الرغم من أن الوضع في العام الماضي كان أسوأ بكثير مما كان عليه في السنوات السابقة، لكن الأزمة لم تكن مفاجئة. وأكد سيدي محمد، نائب مدير لجنة الأمن الغذائي ذلك قائلاً: "إننا نواجه أزمات كل عام هنا في موريتانيا". وقالت ساندرين فلامون، رئيسة مكتب منظمة العمل ضد الجوع الأسبانية (ِACF-Spain) في العاصمة نواكشوط: "حتى لو كان الحصاد معقولاً، فإن الطيور والحشرات ستأكل جزءاً منه، والمخزون لن يغطي احتياجات الناس حتى موسم الحصاد المقبل. لا يمكنك حتى التحدث عن المخزون في معظم الحالات لأن الناس لا يملكونه بالفعل". والجدير بالذكر أن الموريتانيين يستوردون 70 بالمائة من الحبوب التي يستهلكونها كل عام. وأضافت فلامون أن كل الأسر الضعيفة سوف تشعر بآثار أزمة 2012 في عام 2013. الديون هي "المشكلة الكبرى".

وأفاد عمر كين، مسؤول البرامج في منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، التي تساعد المزارعين على إعادة بناء مخزوناتهم من خلال توزيع البذور والأدوات على الأسر الضعيفة، أن "المشكلة الكبرى هنا هي الديون". وقال اشموت هاراباس في قرية ثيروث، التي تبعد 12 كيلومتراً عن كايدي في منطقة غورغول جنوب موريتانيا، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن القرويين فقدوا 70 بالمائة من الحمير وثلث الأغنام والماعز وربع الأبقار في العام الماضي. وأضاف قائلاً: "لم نتمكن من شراء طعام لهم. بعنا بعضها واشترينا طعاماً للآخرين، ولكن ذلك لم يكن كافياً". وأخبر شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) قائلاً: "سوف نذهب إلى أي مكان لاقتراض المال أو الحصول على الأشياء التي نحتاج إليها [البذور والعلف الحيواني والغذاء] عن طريق الائتمان".

ويسدد المزارعون القروض التي يحصلون عليها بأسعار فائدة تصل إلى 200 بالمائة. وفي شهر ديسمبر الماضي، عندما تحدثت شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) إلى هاراباس، لم يكن المزارعون قد بدؤوا الحصاد، لأنهم كانوا ينتظرون فرصة للزراعة في السهول الفيضية بمجرد هدوء مياه النهر - مع ذلك، فإن هذا العام أفضل من العام الماضي. وأضاف قائلاً "في العام الماضي لم نزرع شيئاً على الإطلاق". ولا يزال القرويون يشعرون بآثار العام الماضي. وكشف عن يديه الخشنتين قائلاً: "نحن نعمل بجد، ولكن بطوننا لا تزال فارغة". وقد باع المزارعون حيواناتهم المتبقية العام الماضي لجمع المال اللازم لشراء الغذاء، ونجوا بفضل مساعدة وكالات الإغاثة. وعندما سُئل هاراباس عن أهم ما يحتاجون إليه، كانت القائمة طويلة: "نحن بحاجة إلى مضخة وطعام وبذور وأسمدة ولقاحات للحيوانات ..." بنوك الحبوب فارغة ويساعد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة القرويين على إنشاء بنوك الحبوب في جنوب موريتانيا منذ عدة سنوات، كما يعمل مع 428 لجنة إدارية، ولكن مريم ساخو، رئيسة مكتب البرنامج في كايدي أخبرت شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن النظام كثيراً ما ينهار والناس غارقون في ديونهم، ولا يوجد شيء يمكن تخزينه في البنك. وقال اشموت هاراباس، عضو لجنة إدارة الحبوب في ثيروث، أن بنك الحبوب في القرية خاو. من جهته، قال كين أن وكالة الائتمان الوطنية حاولت شن حملة على ما تعتبره ثقافة المديونية قبل عدة سنوات، وإنشاء الاتحاد التعاوني الزراعي في محاولة للسيطرة على الوضع. وأضاف كين، الذي كان مجتمعاً مع الجمعية الوطنية للتنمية الريفية (SONADER) في ذلك الوقت، خلال حواره مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن العديد من تعاونيات المزارعين "لا تستطيع الحصول على ائتمان إلا إذا كان سجلها ناصعاً، وقد اضطرت للحد من أحجام حقولها وبيع حيواناتها". وقال أحد النقاد أن الجمعيات بدلاً من أن تسيطر على الدين، خصخصته فقط، وأصبح المزارعون مديونين لتجار القطاع الخاص والمحلات التجارية، بدلاً من ذلك. وتمنح المنظمة الحكومية التي تتولى الإقراض (UNCASEM) فترات سداد قصيرة عند الحصول على قروض، وهذا يعني أن الكثير من المزارعين يضطرون للسداد بمجرد اكتمال الحصاد، عندما تكون الأسعار لا تزال منخفضة. وقال أيضاً: "نحن [الفاو] نقول لا تقترضوا. بيعوا الماعز بدلاً من ذلك، ولكن لا أحد يريد أن يبيع حيواناته. إنهم يفضلون الاستدانة لأن الحيوانات بمثابة التأمين عندهم". وأفاد بوكان مبودي، الذي يرأس منظمة الإقراض في روسو بالقرب من حدود السنغال، أن المنظمة تتقاضى فائدة تتراوح بين 10 و12 بالمائة على القروض، وأن 67 بالمائة من عملائها يسددون قروضهم. هذا الرقم أفضل بكثير مما كان عليه في الماضي، عندما كان أقل من نصف المقترضين يسددون قروضهم. وتناقش الحكومة الموريتانية حالياً إنشاء صندوق تأمين لصغار المزارعين، ولكن حتى إذا تم إنشاؤه، فلن يكون ذلك قبل عدة سنوات. وهذا لا يترك سوى خيارات قليلة للمزارعين، حيث أوضح مبودي أن "الشيء الوحيد الذي يمكنك القيام به هو إنتاج المزيد في هذا الوضع الصعب،" مشيراً إلى أن لجان التنمية الإقليمية تستثمر بشكل استراتيجي أكثر من أجل تطوير القطاع الزراعي. أين يذهب المال؟ وهاراباس هو أحد الرجال القليلين الباقين في ثيروث، فقد رحل كل الرجال الآخرين تقريباً للعثور على عمل في المدن. وقد اختفى العديد من هؤلاء الرجال تماماً، والبعض الآخر يرسل 5,000 أوقية (16 دولاراً) كل بضعة أشهر، وفقاً للقروية خاديا مايسيا، وهي أم لخمسة أطفال وعضوة في جمعية الحدائق التعاونية في القرية. وقد أعطت منظمة العمل ضد الجوع الأسر الضعيفة هنا 48 دولاراً شهرياً لمدة خمسة أشهر، ثم 30 دولاراً خلال الشهور الثلاثة التالية. وقالت مايسيا لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "أنفقنا كل شيء على الغذاء".

(إيرين)