الصفحة الرئيسية > رأي > الشنقيطي وتلوناته الأخوانية: كيف تغير موقفك من موريتانيا خلال ساعات

الشنقيطي وتلوناته الأخوانية: كيف تغير موقفك من موريتانيا خلال ساعات

الاثنين 3 أيلول (سبتمبر) 2012


بقلم: حمد المزروعي

’الباحث’ الموريتاني ’الموضوعي’ يمدح لنا ’القيادة الرشيدة’ للرئيس الموريتاني في رحلة ذهب أمير قطر، ويذم رئيسه في رحلة إياب الأمير. الحقيقة لا تبدو مهمة لديه. فـ’الأجير’ لا يرى إلا مصلحة رب العمل. يريدنا اليوم أن نصدق ’موضوعيته’ في حكمه على الأخوان في الإمارات.

الكاتب الموريتاني محمد بن المختار الشنقيطي، الباحث بكلية الدراسات الإسلامية التابعة لمؤسسة قطر للتربية والعلوم تنمية المجتمع، ظاهرة تستحق الاهتمام. أول ما تتوقعه من "باحث" هو الرصانة. الباحث ينظر إلى الأمور بترفع البعيد عن اللغو والمتبصر بالأبعاد.

هذا إذا كان باحثا جادا. أما أن يكون "باحثا" عن الفرص، وخصوصا تلك التي تسترضي منْ يدفع له نهاية الشهر، فالأمر يختلف. والأسوأ هو أن يجتمع البحث عن الفرص والإيمان بأيدلوجية تدعي شيئا وتفعل آخر كما هي أيدلوجية الأخوان.

لفت الشنقيطي نظري إليه وهو يمعن بالهجوم على بلدي الإمارات ملصقا بها ما ليس فيها من اتهامات. لا يهم، من وجهة نظر "باحثنا" هذا ما تحققه دولة الإمارات من انجازات يتلقفها المحبون بالإعجاب وتثير حسد الموتورين. ما يهمه هو نصرة "أخوانه" ممن بايعوا مرشده على الولاء.

يريد الشنقيطي أن يبدو موضوعيا. ويحاول، عن طريق سيل التغريدات التي يطلقها على تويتر، أن يقول أن دافعه هو "مظلومية" المعتقلين من الأخوان. وبما أنه من موريتانيا وأن لا مصلحة له في الظاهر أن يخوض في مثل هذا الشأن المحلي الإماراتي إلا قول "الحق"، فأن علينا أن نقتنع ببراءة مقاصده.

لنضع جانبا خلفية "باحثنا" الشنقيطي. شيء مثل العمل لدى زعيم الأخوان في اليمن عبدالمجيد الزنداني لسنوات يشير، بين ما يشير، إلى الخلفية الأخوانية لـ"باحثنا". المافيا الأخوانية لا تسمح للمريدين من الشباب بالاقتراب من العرابين إلا بعد تمحيص. و"باحثنا" نال الثقة بما يكفي لانتقاله لاحقا إلى مقر القيادة العامة لحركة الأخوان العالمية في قلبها النابض في الدوحة.

أقول نضع هذا جانبا، ونرصد عقيدة "الأجير" الذي يقول ما يمليه صاحب العمل حتى لو نطق بالشيء وعكسه خلال ساعات. ما يرضي صاحب العمل هو الأساس، وليس الرصانة البحثية أو الوازع الأخلاقي بحدوده الدنيا.

قرر أمير قطر الذهاب إلى نواكشوط وحمل في حقيبته رزمة مشاريع تبين أن الهدف منها هو مقايضتها بالسماح لحركة الأخوان المسلمين بأن تعمل بحرية في موريتانيا. غضب الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز من التدخل الصارخ للشيخ حمد في شؤون بلاده وعاقبه فورا بأن جعله يحزم حقائبه ويغادر بلاده دون مراعاة الحد الأدنى من البروتوكولات.

"الأجير الباحث" كان حاضرا إعلاميا في الحالتين: في رحلة الذهاب يهلل، وفي رحلة الإياب يذم.

لنقرأ ما قاله لجريدة "العرب" القطرية في رحلة الذهاب. (أنظر الصفحة الثانية في الصحيفة من خلال هذا الرابط).

"اشاد الكاتب الموريتاني محمد بن المختار الشنقيطي، الباحث بكلية الدراسات الإسلامية التابعة لمؤسسة قطر للتربية والعلوم تنمية المجتمع، بالعلاقات التي تجمع كلا من قطر وموريتانيا، خاصة في الآونة الأخيرة التي عرفت عددا من الزيارات الرسمية والمبادرات، وفتح آفاق تعاون أرحب في العديد من المجالات بين البلدين."

"وقال الشنقيطي في تصريح لـ «العرب» في سياق الزيارة التي قام بها أمس حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى إلى موريتانيا: إن ما يميز العلاقات بين قطر وموريتانيا هو قوتها وحرصها على أن تزيد بهذه العلاقات إلى الأمام في ظل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى، والرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز، كما تكشف عن حرص سمو الأمير على إيلاء عناية خاصة بكل قضايا الأمة والبلدان العربية والإسلامية، وبخاصة ما يتعلق بمجال التنمية وتحقيق الاستقرار بمختلف أشكاله."

التصريح، كما يفصح النص، كتب قبل أن يعرف "الأجير" أن الزيارة انتهت بشكل كارثي دبلوماسيا. "القيادة الرشيدة" للرئيس محمد ولد عبدالعزيز كانت موجودة طالما أن الرئيس الموريتاني سيستقبل "صاحب العمل" ويحتفي به وينفذ ما يطلب منه.

لنقرأ ما كتبه "الأجير" بعد رحلة الذهاب. ولأنه كان كريما بالشتم والتعريض برئيسه، فسننتقي القليل من مقاله الموسوم "عزيز ومسارات النهاية". (هذا رابط المقال).

 "من سوء حظ الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز أنه تسلل إلى سدة الحكم في ظلمة فجرٍ عربي شفَّاف... وشتان بين متستر بغسق الليل المقبل، ومن يطارده نور الفجر المطل. وتعاني سلطة عزيز – إلى جانب سوء التوقيت- من جوانب ضعف في البناء وفي الأداء ستكون أحسن عون على التخلص منها، وإحلال سلطة مدنية ديمقراطية محلها."

 "عزيز استهلك هذا الجانب من قوة سلطته وفتوتها في فترة قياسية، بارتجاله وسوء اختيار رجاله، وبسوء صنيعه السياسي والمالي في الداخل، وضعف تقديره في بناء الأحلاف والصداقات في الخارج."

 "استعداده للاضطلاع بمهمة وظيفية لصالح دول جنوب أوربا الخائفة من تنظيم القاعدة ومن الهجرة السرية، مقابل أموال يكتنزها ثمنا للدم الموريتاني المراق على صفحات الصحراء."

 "تفاقم الأزمة الاجتماعية والاقتصادية في موريتانيا، وتوالي النهب في ظل حكم عزيز بشكل لا حياء فيه ولا مجاملة."

 "لكن الجدب في المواهب القيادية لدى عزيز لا يكفي وحده لضمان التغيير الديمقراطي في موريتانيا."

 "أن يدفع ضيق الأفق الذي اشتهر به عزيز، وخوفه من مظاهر الخطر المحدقة بكل دكتاتور عسكري في العالم العربي اليوم، إلى الهروب إلى الأمام."

 "أن يفهم عزيز – وهو عسير الفهم - أن الحكم المدني الديمقراطي أصبح أمرا لا مناص منه، فيبادر إلى نهب ما يستطيع نهبه من المال الحرام قبل أن تدهمه عاصفة التغيير، ثم يلملم متاعه قبيل الانتخابات الرئاسية القادمة، ويتخلى عن السلطة طوعا معلنا عدم ترشحه."

... والكثير الكثير من هذا.

هذا هو "باحثنا" خريج الجامعات الأميركية وهذه هي موضوعيته. القيادة الرشيدة صارت عسر فهم، والعمل على بناء معطيات بلده موريتانيا تحول إلى نهب للمال الحرام.

أمانة، لم يشذ الشنقيطي عن "مدرسة الأخوان للنفاق" في قطر. سبقه إليها كبير العرابين القرضاوي صاحب الغزل الشهير في حب بشار الأسد حينما كان مرضيا عنه في الدوحة، وصاحب الإفتاء بهدم أركان حكمه ما أن غضب عليه الشيخ حمد.

لعل وصف "أجير" سيكون هنا مديحا للشنقيطي.

حمد المزروعي

كاتب من الإمارات

المصدر : ميدل ايست أونلاين