الصفحة الرئيسية > رأي > بومية ولد بياه.. رجل حركة إخوان المسلمين الأشهر في موريتانيا

بومية ولد بياه.. رجل حركة إخوان المسلمين الأشهر في موريتانيا

الأربعاء 1 آب (أغسطس) 2012


بقلم : سيدي محمد بن جعفر

لاكت الألسن اسمه مذ كانت حركة إخوان المسلمين في موريتانيا لم تثغر بعد ، كان مع قلة تحاول إيقاد ضوء في أنفاق مظلمة ومتعرجة بين ماض شعب عزلته الصحراء الموحشة عن دورة التاريخ قرونا، وبين حاضر مبهر لا تملك من وسائل فهمه سوى الانفعال والـتأثر ، وحاضر يتسع ضوءه لكل فكر سوى إسلام وافد لا أحد سمع عنه ، لا أحد يريده في بلد اختار ساكنته بمحض إرادتهم الانسجام مذ قرون وفق منهج ثلاثية النسخة المرابطية المتمثلة في المالكية ،و الأشعرية ، والجنيدية، المتكيفة مع خصوصيتهم البدوية الفريدة.

عرف هذا الركن من بلاد البيظان ستينيات القرن الماضي نشؤ الدولة المركزية التي ورثها ، عن الاحتلال الفرنسي بإدارة جد مغَربة ، في رحلة البحث عن الذات كانت أفكار صاحب القامة الشامخة ،(عبد الناصر) نبراسا لكل من يكتب من الشمال إلى اليسار ، فباركت غالبية نخب البيظان نهجه التحرري ، حيث وجدوا في فكره القومي ضالتهم وهم المنسيون منذ حقب، بعد الضربة المؤلمة (نكسة 1967] لذلك المشروع وجد البعض في الاستنارة بالتحرر القادم من الصين بغيتهم لمواجهة إدارة الدولة الحديثة ،التي هي فرنسية الهوى والمنزع ، لم يكن للإسلام المرابطي حضور في المشروع الجديد سوى تلك الجملة التي تتلى للتعريف بالبلد، "الجمهورية الإسلامية" وبخطى خجولة كانت الأمة تبحث عن ذاتها ، فتسلل في حين غفلة من الجميع على ما يبدو فكر إخوان مصر إلى هذه الربوع ، وكانت بداياته الأولى في النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي، أنشأ نواته شباب متحمس لبعث أمته المتمسكة بدينها ، التحق بتلك الثلة ولما تكمل عامها الأول الأستاذ بومية ولد بياه فدخل التنظيم شاب فاعل ،طموح و قيادي مسلح بسلاح العصر (العلم) الذي يحتاجه كل مشروع نهضوي.

أجل محظري سليل جهابذة التدريس والفتيا ، صقلت قريحته مناهج التدريس المعاصر بأدوات التحليل والتنقيح والفهم الصحيح لتحمل مسؤوليات الأمة ،قبل به الذين سبقوه إلى وضع اللبنة الأولى للحركة قائدا وإن لم يحمل الاسم تواضعا و لما يمتلك من خصال جعلته الأكثر تضحية، والأكثر حنكة ، انطلق قطار حركة إخوان موريتانيا في بحر من الصراعات ، والتناقضات ، والتحالفات، أصحاب ذاك التوجه حديثو عهد بها ، وليست مسبوقة في تراثهم الذي يبحثون له عن مكانة بين صراع أفكار الأمم المتغلبة والناضجة في هذا المجتمع البكر. لكم أن تتصوروا كم كانت المهمة مستحيلة ؟وكم كانت الأرضية غير صالحة لهذه النبتة ، المُحاربة حتى من داخل بعض الأوساط المحظرية التي هي الوحيدة القادرة على تزكيتها اجتماعيا وفقهيا.

انطلقت قاطرة إخوان موريتانيا وكان ولد بياه نبراسهم في تلك الأنفاق المظلمة والمطبات السياسية القاتلة ، صمد بهم كثيرا ، ونجح في تجنيبهم الكثير من المهالك ، ورويدا رويدا بدأ عودهم يشتد، وبدأت عقولهم تستنير ، وبدءوا يتكيفون مع مستجدات العصر ومصطلحاته، إنهم من بعيد قادمون، غرباء عن تراث مجتمعهم الديني.

ظل اسم ولد بياه يشنف الآذان في حقبة ثمانيينات وتسعينيات القرن الماضي، كان حاضرا حين كان الجل المكاثر اليوم غائبا، صمد بهم وعَرف بهم وتكتم عليهم وحافظ على بيضتهم ، وتتالت الأيام وتسارعت الأحداث وأطل زمان غير زمان الذل والتخفي أجل اطل زمان يسهل فيه أن يكون الكل بطلا وقائدا ، فقد ذهب الخوف ، في بدايات هذا العصر كان ولد بياه على موعد مع من أردوا منه حليفا مدجنا ، ولما استعصي كادوه، ولم يأته من أقصى المدينة رجل يحذره ، فأصبح لزاما عليه في تلك الظروف أن يتأسي بسنن الأصفياء فخرج من المدينة خائفا يترقب، وحط رحاله بعيدا وبدأ فصلا جديدا من فصول النضال متمثلا في إحياء سنة الأجداد "بث العلم" في أقرب الأقطار من مكان مهبط الوحي ( الكويت) واختار منهج أسلافه في التدريس فدرس المتون المحظرية بالطريقة العصرية لأبناء المترفين فاستساغوا منهجه وأعاد للشيخ "الشنجيطي" سمعته العلمية في مناطق سمعت عنهم الكثير ولم ترى منهم ما يشف الغليل.

بعد ما يقارب العقدين عاد ولد بياه إلى وطنه في أوج انتصارات حركة إخوان المسلمين في منطقة إفريقيا العربية، ولولا أن فكر جاهد الكافر "فقط"المتجذر في نفوس الجزائريين أوقف زحفهم، ولولا أن حلفاء "الناتو" من إخوان ليبيا خذلوا لكان عرب إفريقيا كلهم تحت حكم "البنائين" في هذا الجو جاء بومية وأعلنها صراحة دعما للرئيس الموريتاني الذي طرد سفير اليهود، و فتح إذاعة للقران الكريم وعلومه بمدرسيين "شناجطة"، وشرع في طباعة مصحف برواية أهل المدينة المنورة، وبخط أيدِ " شنجيطية"، وأعاد الاعتبار إلى قتلة كبولاني (المقاومة) المنسيين ، ورفع من جديد راية مقاومة الفساد في هذه الربوع المنكوبة .
كان لافتا التقديم الباهة الذي نٌشر به خبر دعم ولد بياه للرئيس على صفحات مواقع من ٌيفترض فيهم أنهم مَدينون له بالكثير ، وأن له ابوًة على بعض قادتهم المعاصرين، وإمرة على بعض شيوخهم الحاضرين.

سيدي محمد بن جعفر