الصفحة الرئيسية > الأخبار > مجتمع > موسم جني التمور يجسد متانة العلاقة بين الإنسان والنخلة في موريتانيا

موسم جني التمور يجسد متانة العلاقة بين الإنسان والنخلة في موريتانيا

الاثنين 25 حزيران (يونيو) 2012


يستعد الموريتانيون لموسم جني التمور في نخيل واحات منطقة أدرار وهو الموسم الذي يعرف محليا باسم «الكيطنة» حيث يرتفع الاقبال على الاصطياف بالواحات وقرب مزارع النخيل للاستفادة من التمور والبلح والاستمتاع بالتجمعات العائلية والحياة البرية في ضيعات النخيل. ويعتبر موسم “الكيطنة” من أهم المواسم السياحية والشعبية في موريتانيا حيث تنشط فيه الحركة السياحية الداخلية

يهجر الموريتانيون مدنهم باتجاه الواحات المخضرة والبوادي القريبة من ضيعات النخيل، يسترجعون مظاهر وطقوس الحياة والعادات المختلفة التي كانت تتضمنها دورة حياة أسلافهم، فرغم عاديات الزمن بقيت علاقة الموريتاني وثيقة الصلة بالحياة البرية على غرار حياة أسلافهم لا سيما في هذا الموسم حيث تجتمع العوائل في جلسات مسامرة ومؤانسة تحت ظلال عشرات الألوف من أشجار النخيل.

ومن لم يسعفه الحظ للسفر والاستمتاع بهذا الموسم يلجأ الى الأسواق التي بدأت باستقبال بواكير محصول التمور، لشراء الرطب والتمر من مئات الدكاكين والبسطات التي تعرض سباطات وعراجين البلح وصناديق التمر بطريقة جميلة ملفتة للأنظار، وتعرف اسواق التمر حركة بيع كبيرة لاسيما ان موسم الرطب يتزامن هذا العام مع إهلالة شعبان ورمضان، حيث يفضل الكثير من الموريتانيين شراء كميات كبيرة منه وتخزينها لاستهلاكها في رمضان وفصل الصيف.

فاكهة الصيف

ويقول التاجر محمدو ولد لغظف إن التمر يعتبر فاكهة الصيف بالنسبة للموريتانيين حيث تتزين الموائد بأنواعه طيلة فصل الصيف ويقدم مع الوجبات الرئيسية وفي فترات الظهيرة والعصر وما بعد العشاء، ويؤكد أنه رغم منافسة المستورد لا يزال التمر المحلي وخاصة الرطب يحتفظ بمكانته مستدلاً بذلك بنفاد الكميات التي تعرض منه في الأسواق في وقت قياسي.

ويوضح أن محصول هذه السنة يانع وذو جودة عالية فرغم انحصار الأمطار فقد ساهم ري ضيعات النخيل في رفع جودة وكمية محصول التمور للموسم الحالي، ويضيف أن جودة التمر بصفة عامة ترتبط بالعناية التي تجدها النخلة والأجواء المناخية التي عاشتها الواحة أثناء فترة نمو الثمار.

ويشير الى ان زراعة النخيل لا تحتاج إلى مهارة خاصة، لكن عملية القطف تحتاج الى خبرة ومهارة لأن الثمار في مرحلة النضج تكون حساسة وتحتاج الى طريقة مناسبة للقطف، اما بإنزال الأعراش حتى لا ترتطم بالأرض، او قطف الثمار الرطبة أو هز العزوق لتسقط الثمار الناضجة على الأرض.

ويؤكد أن موسم التمور يوفر سنوياً فرص عمل كثيرة للشباب ويشكل مصدر رزق اساسي بالنسبة لشريحة مهمة من المزارعين والتجار، فالتمر هو أكثر الأغذية التي تستهلك في موريتانيا، ويشير الى أن التجار والموردين يطلقون اسماء مشاهير عالم الفن والسياسة والمجتمع على انواع التمور لتحفيز المستهلكين على شرائها بكميات كبيرة، ففي كل موسم يطلق التجار العنان لخيالهم للبحث عن أكثر المشاهير إثارة للجدل من أجل اطلاق اسمه على أجود التمور وأغلاها.

منافسة المستورد

ويستمر موسم “الكيطنة” طيلة فصل الصيف ويبلغ ذروته في شهر اغسطس حيث يوافق ذروة موسم قطف التمور وطرح محصول جميع واحات النخيل المنتجة، ورغم جودة التمر المحلي وتوفر انواع مختلفة منه إلا انه يعاني من صعوبات في تصنيعه وتعبئته وتسويقه.

كما أثر توالي سنوات الجفاف واجتياح الجراد والتصحر وزحف الرمال وشيخوخة الأشجار على انتاج الواحات وجودة التمور المحلية، وهو ما جعل انتاجها يتراجع في السنوات الأخيرة متأثرا بالأحوال المناخية وجودة المنتج المستورد.

وبالتزامن مع موسم “الكيطنة” تنظم موريتانيا مهرجانات خاصة للتمور بمدن تجكجه واطار وشنقيط تشمل تنظيم أماس ثقافية وترفيهية ومعرض كبير للتمور وفعاليات لإحياء الموروث الشعبي المرتبط بثقافة الأودية والواحات الواحة والعادات والتقاليد المتوارثة حول النخيل والتمور.

وتغطي واحات النخيل في منطقة أدرار مساحة تقدر بـ 1876 هكتارا أي ما يقارب نسبة 50% من مساحات النخيل في البلاد، ويقدر عدد واحات الولاية بحوالي 53 واحة موزعة في مقاطعات أطار وشنقيط ووادان وأوجفت، تنتج في مجموعها سنويا حوالي 13 ألف طن من أجود أنواع التمور.

في ظل المنافسة القوية من التمور المستوردة وضعت الحكومة مجموعة من البرامج لتحسين خبرة الواحاتيين وتأطيرهم ودعم سكان الواحات وترقية وتطوير ادائها الاقتصادي، وتحسين ظروف الانتاج والتسويق.

المصدر : «الاتحاد» الاماراتية