الصفحة الرئيسية > رأي > الاضطرابات في مالي: ما سر اتهام موريتانيا بإذكاء الحرب؟

الاضطرابات في مالي: ما سر اتهام موريتانيا بإذكاء الحرب؟

الأحد 5 شباط (فبراير) 2012


بقلم : الرسول ولد الخال

يبدو أن صحيفة L’AUBE (الشروق) المالية نصف الأسبوعية، تسعى ـ بأي ثمن ـ إلى تحميل النظام الموريتاني مسؤولية ما يحدث في شمال مالي.

ذلك أن هذه الصحيفة، وفي العديد من أعدادها الصادرة مؤخرا، خرجت بعناوين عريضة من قبيل: "الأدلة التي تورط ولد عبد العزيز" أو " أية لعبة يلعبها ولد عبد العزيز؟". وفي مختلف المقالات يجتهد محللو نصف الأسبوعية المذكورة ـ دون جدوى ـ في محاولات إظهار تورط موريتانيا بشكل مباشر في الاضطرابات التي تهز مدن ميناكا، تاساليت، آغيلهوك، آندرهابوكان وليري بشمال مالي.

إن تحامل هذه الصحيفة بشكل مسعور ضد بلادنا وقادتها لا يمكن استيعابه، خاصة وأنها معروفة بقربها من النظام الحاكم في مالي؛ وهو النظام الذي عمل دائما ـ على غرار نظام الرئيس ولد عبد العزيز ـ على تعزيز أواصر الأخوة والتعاون الضاربة في جذور التاريخ بين البلدين. يجب أن لا يغيب عن أذهان هيئة تحرير هذه الصحيفة أن هذا النوع من الحملات النارية يقوض التفاهم ويذكي التوترات بين شعبي البلدين الشقيقين.. ولعلنا نتذكر الدور الهدام الذي لعبته الصحافة على ضفتي نهر السنغال، أثناء النزاع المؤلم بين موريتانيا والسنغال سنة 1989..

وغني عن التذكير بأن قضية الطوارق والعرب في مالي سبقت بكثير وصول الرئيس محمد ولد عبد العزيز إلى السلطة. فمنذ بداية ستينيات القرن الماضي، برزت حركات تمرد في شمال دولة مالي الناشئة آنذاك، خاصة في منطقة آدرار المالية. ومن هنا فالأمر يتعلق بمطالب انفصالية ليست وليدة اليوم ولم تكن لموريتانيا أية أطماع في التدخل في الشؤون الداخلية لجيرانها.

صحيح أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز لا يساوم في ملف محاربة الإرهاب، لكنه أيضا من أحرص قادة شبه المنطقة على التمسك بسياسة حسن الجوار، ومدافع قوي عن الاندماج الإفريقي عموما، والاندماج بين دول شبه المنطقة على وجه الخصوص.

إن القول بأن النظام الموريتاني يذكي الحرب بهدف الوصول إلى إنشاء دولة في آزواد، تكون حاجزا بينه وبين تنظيم القاعدة في بلاد الغرب الإسلامي، هو نوع من الخيال العلمي.

فموريتانيا أعدت إستراتيجية طموحة لمحاربة الإرهاب والجرائم العابرة للحدود، أعطت نتائج جيدة؛ أغاظت الناقمين عليها في الداخل والخارج؛ وبالتالي فهي لا تحتاج إلى زعزعة استقرار مالي لتكسب حربها ضد الإرهابيين الذين نجحت في اجتثاثهم من قواعدهم الخلفية وألحقت بهم هزائم نكراء متلاحقة.

ثم إن اتهام بلادنا بالتواطؤ مع أحد الأطراف الفاعلة في أحداث مالي لمجرد أن آلاف الماليين الهاربين من المعارك وجدوا ملجأ في مدننا الحدودية ، خاصة فصاله، ينم عن إرادة واضحة لتسميم علاقات الانسجام وحسن الجوار الضاربة في جذور التاريخ بين الشعبين المالي والموريتاني. فإذا كانت موريتانيا قد استقبلت هؤلاء اللاجئين فذلك لأسباب إنسانية محضة.

وحسب التحقيقات التي أجريناها، لا يوجد أي جريح مالي في أي من مراكزنا الصحية، عكسا لادعاءات صحيفة L’AUBE المالية التي تتحدث عن تكفل سلطاتنا بالعديد من الجرحى الطوارق.

ومن المفارقات أن بلدانا أخرى مجاورة لمالي، خاصة الجزائر والنيجر، استقبلت هي الأخرى على أراضيها أفواجا لا تقل كثافة من هؤلاء اللاجئين، دون أن يثير ذلك نفس التعاليق الملتهبة ونفس التحامل المفعم بسوء النية.

الحقيقة أنه بعد فشلهم الذريع في إيهام المجموعة الدولية بطرحهم القائل بأن من يقاتلون الجيش المالي هم متمردون مرتبطون بالقاعدة في المغرب الإسلامي، بدأ كتاب مقالات L’AUBE ومن يقفون وراءهم يبحثون عن كبش فداء.

وبدلا من المساعدة في إيجاد حل عادل ونهائي لمشكلة تخص السياسة الداخلية التي لا تعني غير الماليين، اختاروا لفت انتباه رأيهم العام بالتهجم على موريتانيا ونظامها. وأقل ما يمكن قوله بهذا الخصوص هو أن هذا الهروب إلى الأمام لا تقود إلى أي شيء...!

الرسول ولد الخال
رئيس المركز الموريتاني للاتصال والدراسات