الصفحة الرئيسية > رأي > السياحة في الإسلام وكيفية تنميتها

السياحة في الإسلام وكيفية تنميتها

الاثنين 23 كانون الثاني (يناير) 2012


بقلم أمل مهدي

عند الحديث عن مفهوم السياحة فى المنظور الاسلامى فلابد اولا من ايراد الايات التى ذكر فيها لفظ السياحة في القرآن الكريم وهى ثلاثة مواضع :

قوله تعالى (السائحون الراكعون الساجدون) التوبة:112·

وقوله تعالى: (فسيحوا في الأرض أربعة أشهر) التوبة:2·

وقوله تعالى: في النساء الصالحات (عابدات سائحات) التحريم:5·

يقول الإمام القرطبي يرحمه الله: أن مادة السياحة تدل على أن أصلها الذهاب على وجه الأرض كما يسيح الماء·(1)

السياحة في اللغة

يقصد بها السير والانتقال من مكان إلى مكان آخر داخل الدولة أو الإقليم أو العالم بغرض تحقيق إشباع معين لا يدخل فيه العمل أو الحرب أو الإقامة الدائمة كما يخرج منه أيضاً الإقامة بغرض العبور· يقال: ساح فلان في الأرض يسيح سياحة وسيوحاً وسيحاناً·

فهو الشخص المنتقل في البلاد لغرض الرزق أو العلم أو العبادة أو للتنزه أو للاستطلاع والبحث والكشف·(2)

دعوة الإسلام إلى السياحة المشروعة

والسياحة بهذا المعنى أمر مشروع ومحمود لا يمنعه الدين بل يأمر به ويشجع عليه فقد تكررت دعوة المولى سبحانه: لعباده بالمشي في مناكب الأرض للتأمل والتدبر والتفكر في ملكوته وصنعه جل وعلا، وكذا النظر إلى آثار الأمم السابقة للوقوف أمام عظمة الخالق ومافعله بالظالمين وأقره للصالحين من خير واستقرار وأمان والقرآن الكريم يوضح لنا ذلك في الآيات التالية:

قوله تعالى: (أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم ولدار الآخرة خير للذين اتقوا أفلا تعقلون) يوسف:109·

وقوله تعالى: (قال انظروا ماذا في السموات والأرض وماذا تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون) يونس:101·

وقوله تعالى: (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون) النور:55·

وقوله تعالى: (قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين) الأنعام:11·

والهدف الحقيقي من السياحة في الإسلام

يهدف الإسلام الحنيف من وراء دعوته للسياحة وهي السير في أرض الله تعالى للتأمل والعظة واستخلاص الدروس والعبر ورحلات الصحابة رضوان الله عليهم والتابعين والسلف الصالح للجهاد والتجارة والأغراض العلمية طبقت شهرتها الآفاق· وكذلك أخبار الرحالة المسلمين مثل:ابن بطوطة وابن جبير والإمام الشافعي الذي قال: إن في الأسفار خمس فوائد هي: تفريج هم واكتساب معيشة وعلم وآداب وصحبة ماجد·

ومن أقواله أيضاً في شأن السياحة والحض عليها أبيات يقول فيها يرحمه الله:

سافر تجد عوضاً عمن تفارقه

وانصب فإن لذيذ العيش في النصب

إني رأيت وقوف الماء يفسده

إن ساح طاب وإن لم يجر لم يطب

والأسد لولا فراق الغاب ما افترست

والسهم لولا فراق القوس لم يصب

والتبر كالترب ملقى في أماكنه

والعود في أرضه نوع من الحطب

ففي هذه الأبيات يحرض الإمام على السفر والرحلة ففيها من الخير ما فيهما حيث يتعرف الإنسان إلى الآخرين وربما يكونون خيراً ممن يعرفهم ويفارقهم وفيها النصب والكد والتعب الذي يجعل للحياة طعماً مقبولاً طيباً ثم يسوق أمثلة من الواقع الملموس والشاهد المحسوس(3) حكم السياحة في الإسلام

والسياحة لها أشكال وأنواع كثيرة نذكر منها ما يلي:

. سياحة التأمل والمشاهدة·

. سياحة جغرافية من أجل اكتشاف الكون حول الإنسان للاستفادة والانتفاع·

. سياحة الترفيه والترويح عن النفس كما قال (روحوا القلوب ساعة وساعة)·

. السياحة الثقافية لمشاهدة المعالم التاريخية الحضارية·

. السياحة الفكرية الإيمانية للأماكن المقدسة والبقاع الطاهرة·

. السياحة العلاجية من أجل الاستشفاء·

ومن فوائد السياحة

والسياحة لها فوائد كثيرة أهمها ما يلي:

. تكميل النفس وتعليمها·

. مشاهدة آثار الأمم السابقة للعظة والاعتبار·

. مشاهدة الآثار الإسلامية والاطلاع على السياحة الإسلامية البيئية·

. إبراز المميزات الخاصة لكل دولة إسلامية بحيث تجعل منها وجهة سياحية متميزة·

. إبراز مدى غنى الإرث التاريخي والحضاري والثقافي للدول الإسلامية·

أهمية السياحة الاقتصادية والدعوة إلى إقامة صناعة سياحة إسلامية

ومما لا يدع مجالاً للشك أن السياحة هي صناعة مهمة لها تأثير اقتصادي ودور مهم في زيادة فرص العمل ومصدر رزق مهم فضلاً عن أنها حوار إنساني بين الناس والحضارات ويمكن أن تسهم في إبراز الوجه الحضاري المشرق للإسلام والمسلمين وتنمي التقارب البنَّاء بين المسلمين وغيرهم من الأمم وهناك الكثير من دول العالم العربي والإسلامي حباها المولى عز وجل طبيعة خلاَّبة وكنوزاً إسلامية كثيرة ومناخاً مستقراً طوال العام، وحيث إن الإسلام يدعو إلى تشجيع السياحة المشروعة كما بينا سلفاً·

الأمر الذي يستدعي من الرجال المخلصين في هذه الدول من المهتمين بشؤون السياحة السعي الجاد إلى إقامة صناعة سياحية كرافد من روافد الدخل القومي الذي يسهم في تنمية موارد تلك الدول مما يعود على شعوبها بالخير الوفير·

الضوابط المطلوبة في مجال السياحة

وحتى تكون السياحة إلى بلاد المسلمين مأمونة المخاطر محققة الهدف المنشود فلابد من وضع الضوابط الخلقية لهذه الاتصالات وذلك على النحو التالي:

أولاً: واجبنا نحو السائح:

من واجبنا نحو السائح الأجنبي العمل على حمايته وتوافر أمنه واستقراره خلال مدة زيارته وهذا المبدأ دعا إليه التشريع الإسلامي الحنيف·

لقوله تعالى: (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه) التوبة:6·

ومن السنة الحديث الشريف: الذي رواه البخاري وأبوداود والترمذي عن أم هانئ بنت أبي طالب أنها قالت للنبي : إن ابن أمي علي يريد أن يقتل رجلاً أجرته ـ ابن هبيرة ـ فقال (قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ)·

هذا مع الأخذ بمقتضى الحذر والتيقظ وخصوصاً إذا كان الزائر عدواً·

ومن الواجب أيضاً أن يكون هناك دعاة يجيدون اللغات المختلفة وبخاصة الدينية كمرشدين لتعريف السائحين بحقيقة الإسلام وإظهار الوجه الحقيقي للإسلام كدين تسامح وسلام وعدالة وذلك من أجل تحريره من الشبهات المنسوبة إليه ظلماً·

عدم التعاون مع السائحين على فعل المنكر

التعامل مع السائحين بصورة الإسلام المشرقة لينقلوها إلى غيرهم عند عودتهم إلى بلادهم·

ثانياً: واجب السائح نحونا

وعلى السائح الأجنبي الالتزام التام بأحكام الإسلام واحترام القيم والعادات والتقاليد الإسلامية في البلد >محل الزيارة< فلا يدخل أماكن العبادة المحرمة عليه شرعاً وأن يلتزم بالاحتشام في الملبس ولا يدعو إلى منكر أو القيام بأي عمل ضد الإسلام والمسلمين وعلى شرطة السياحة التعاون مع الجهات المعنية بشؤون السياحة لتقديم جميع الإرشادات اللازمة للسائح في هذا المجال ومتابعة تنفيذها والترحيل الفوري للمخالف وذلك حتى يتحقق الأمل من إقامة سياحة إسلامية ·

ان الاسلام فى جوهره دين يبعث على الراحة والسكينة ولا يدعو للانغلاق مطلقا بل يدعو للعبادة ويدعو ايضا للترويح عن النفس بالشكل الذى يليق بالظوابط الشرعية والالتزام الاخلاقى .

أمل مهدي