الصفحة الرئيسية > الأخبار > الأولى > موريتانيا: المعارضة تدعو إلى صون حرية الإعلام وتؤكد أنه مكسب لا رجعة عنه

موريتانيا: المعارضة تدعو إلى صون حرية الإعلام وتؤكد أنه مكسب لا رجعة عنه

الثلاثاء 31 تشرين الأول (أكتوبر) 2017


أعادت المعارضة الموريتانية أمس طرح قضية إغلاق القنوات الفضائية الخاصة، ودعت «للحفاظ على حرية الإعلام باعتباره أهم مكسب يحققه الشعب الموريتاني حتى الآن».
وأوضحت المعارضة الموريتانية في بيان وزعته أمس «أن شركة البث الإذاعي والتلفزيوني الموريتاني أقدمت قبل أكثر من أسبوع، على قطع بث جميع القنوات المستقلة لتحرم الموريتانيين قاطبة من هامش التنوع في الساحة الإعلامية الذي يعتبر مكسبا ناضل أكثرهم للحصول عليه ولا شك أنهم متمسكون به.»
«إن إرادة التحكم من طرف الدولة في الفضاء السمعي البصري، تضيف المعارضة، تبدو جامحة من خلال ممارستها لسلطتها وهو ما تجلى من خلال احتكار خدمة البث، حيث ترفض الشركة أن تتعامل أية تلفزة محلية مع شركة أجنبية تبيع الخدمة عينها، فهناك من يعرضها بثلث التكاليف التي تفرضها الشركة الوطنية، أي نحو 6 ملايين أوقية 17.000 دولار) لثلاثة أشهر بدل 21 مليون أوقية (60 ألف دولار)، تفرضها الشركة الوطنية».
وانتقدت المعارضة الموريتانية في بيانها دور صندوق الدعم العمومي للصحافة، فأكدت «أن هذا الصندوق، لا يشكل رافدا حقيقيا يسهم في تحمل القنوات لمصاريف تشغليها الباهظة فهو عبارة عن 200 مليون أوقية (571 ألف دولار)، موزعة بين الصحافة الإلكترونية والورقية والمرئية. كما انتقدت تأخر صدور قانون الإشهار مبرزة في بيانها «أنه أعد أصلا لمساعدة وسائل الإعلام الناشئة لكنه لم ير النور إلا في مجلس الوزراء الأخير 16/10/2017 برغم أنه موجود على مكتب الوزير المعني منذ سنة 2004، وقد منعت وسائل الإعلام من الإشهار بقرار من الرئيس»، حسب تعبير المعارضة.
وأكد منتدى المعارضة «انطلاقا من هذه الحقائق فإنه يعتبر محاولة تربح الدولة بما فرضته من رسوم وضرائب أحيانا على قنوات ناشئة محدودة الموارد، أمر غير معقول ولا يمكن إلا أن يكون سيفا مسلطا عليها كلما رأت الحكومة حاجة لاستخدامه وهو ما حصل مؤخرا.»
وأعن المنتدى المعارض «وقوفه الحازم مع القنوات الخاصة حتى تتجاوز محنتها وحتى تراجع الحكومة الآليات التي تتحكم الدولة عبرها في هذه القنوات، حفاظا على أهم مكسب تنعم به موريتانيا وهو حرية الإعلام».
وكان الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز قد أكد في تعليق أخير له على قرار الإغلاق «أن قرار الإغلاق يخص القنوات وشركة البث»، مضيفا «أنه ليس قرارا حكوميا وإنما هو إجراء يخص الشركة المعنية بالبث».
وقال «لا دخل للحكومة في هذا الموضوع، فمؤسسة البث مؤسسة لها خدماتها ورسومها».
وأكد المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة أكبر تجمع معارض، في بيان آخر له حول الموضوع «أن حرية الإعلام هي واحدة من المكاسب المهمة التي حققها الشعب الموريتاني بفعل نضالاته وتضحياته، وأن هذا الشعب لن يقبل أبدا بالتنازل عن هذا المكسب المهم».
«إن محاولة السلطة، يضيف البيان، التربح عن طريق شركة البث من مؤسسات إعلامية تعاني من أزمات مالية بدلا من دعم تلك المؤسسات ليعد من التصرفات التي تشي بجشع السلطة الحاكمة والتي لا تفكر إلا في جمع المزيد من المال على حساب مواطنيها».
«إن غلق القنوات الحرة، تضيف المعارضة، ليس إلا خطوة أخرى تأتي بعد سلسلة من الخطوات التي اتخذتها السلطة الحاكمة ضد عدد من الشيوخ والنقابيين والصحافيين، والتي تهدف في مجملها إلى تكميم الأفواه وإلى القضاء على المكتسبات التي حققها الشعب الموريتاني في مجال حرية الرأي وبناء دولة ديمقراطية، وهو الشيء الذي لن نقبل به أبدا في المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، ولن يقبل به الشعب الموريتاني وكل قواه الحية». وتطالب شركة البث الإذاعي والتلفزي القنوات الفضائية الخاصة في موريتانيا بديون يبلغ مجملها مليار أوقية موريتانية (نحو ثلاثة ملايين دولار).
وأكدت شركة البث الإذاعي في توضيح نشرته أمس «أن تعليق خدمة بث بعض التلفزات التجارية ضمن الباقة الموريتانية على القمر الصناعي عرب سات بدر 4، يأتي بعد حملة تحصيل بدأها البث الإذاعي والتلفزيوني الموريتاني لاستيفاء جزء من مستحقاته على هذه المؤسسات التي أصبحت عائقا كبيرا لتنمية الشركة بل لاستمرارية خدمة البث العمومي الذي تتولى تأمينه».
«وقد بدأت هذه الحملة، يضيف البيان، بالرسالة التي وجهتها المؤسسة في 19 أكتوبر 2016 لزبنائها لتحسيسهم بضرورة تسديد نسبة ضئيلة من الديون المستحقة عليهم مع إمكانية إعادة جدولة الباقي في أقساط مريحة».
وأوضحت الشركة «أنه بعد التأكد في 11 مايو 2017، من عدم الاستجابة للرسالة السابقة أصدر البث الإذاعي والتلفزي إشعارا بتعليق خدمة بث التلفزات التجارية وككل مرة يؤكد مسيرو هذه القنوات اعترافهم بديون الشركة وبجودة الخدمات المقدمة لهم معربين عن عدم قدرتهم على تسديد المستحقات في الوقت الراهن ومطالبين بمهلة إضافية».
«وعند نهاية المهلة الثانية، يضيف البيان، قام البث الإذاعي والتلفزيوني وبالتحديد يومي 19 و20 سبتمبر 2017 الماضيين، بإجراء سلسلة لقاءات مع مسيري كل قناة على حدة وتم إطلاعهم على حجم المستحقات وعزم الشركة تطبيق إشعار التعليق السابق مع الإبقاء على المبلغ ذاته (نسبة ضئيلة من المتأخرات في 30 يونيو 2016) أي ما يعادل ثلاثة فواتير ربع سنوية في المتوسط من أصل 20 فاتورة»، وقد حُدد منتصف نهار الثلاثاء 17 أكتوبر 2017، (الساعة 12:00) آخر موعد لتطبيق إشعار التعليق وذلك طبقا للعقود الموقعة والمراسلات المذكورة.»
ويدق المشرفون على الإذاعات والقنوات الموريتانية الخاصة، منذ فترة ناقوس الخطر للتو إزاء ما يعتبرونه بداية «احتضار الإعلام السمعي البصري الخاص في موريتانيا الذي أقرت الجمعية الوطنية الموريتانية قانون تحريره يوم 3 يوليو/تموز 2010 منهية احتكار الدولة لمجال البث الإذاعي والتلفزيوني، ومحولة الإعلام الحكومي إلى «إعلام عمومي».
فقد توقفت إذاعات «نواكشوط الحرة» و«موريتانيد» و«صحراء ميديا» الخصوصية عن البث بينما تحاصر المصاعب المالية القنوات والإذاعات الخاصة الأخرى.
وعرض الصحافي البارز الحسن ولد مولاي علي مدير إذاعة «التنوير» الحرة في تدوينة له تحت عنوان «إنجاز يحتضر!!»، الأزمة التي يواجهها القطاع الخاص السمعي البصري، فأكد «أن تحرير الإعلام السمعي البصري في موريتانيا، أتاح، برغم ما اكتنف العملية برمتها من ارتجالية وقصور وتقصير، تعددية فريدة لا عهد للمجتمع بها منحت المتلقي خيارات متعددة، والأهم من ذلك أنها مكنت الجميع من التعبير باللغات التي يحسنونها، عن مواقفهم وآرائهم المتعلقة بالبلد وأهله، ماضيه، وحاضره ومستقبله فضلا عن أن هذا التحرير منح الواجهة الديمقراطية لبلدنا مصداقية ووجاهة عز نظيرها في ديمقراطيات العالم الذي ننتمي إليه، كما منحنا موقعا متقدما في حرية الصحافة والإعلام، طبقا للتصنيفات المعتبرة».
«لكن القطاع السمعي البصري الخصوصي، يضيف ولد مولاي علي، واجه منذ اليوم الأول مشاكل بنيوية حقيقية، تمثلت في إعراض المستثمرين عن الولوج إليه، الأمر الذي اضطر الحكومة إلى الاستنجاد ببعض التجار المقربين لإنقاذ الموقف، واضطرها أخيرا إلى منح رخص أخرى لعدد من الهواة، ولما لم يكن من الوارد أن تجنى الأرباح من المؤسسات الإسمية الوليدة، خاصة مع ضيق السوق، وغياب القانون المنظم للإعلان التجاري، وغيبة الدعم العمومي للقطاع، ورد المستثمرون من التجار أيديهم في أفواههم، فلم يجدوا بدا من التوقف عن الإنفاق بلا».
وقال «انتظار رأي الحكومة فيما قدم إليها هو سيد الموقف، يضيف ولد مولاي علي، وعسى ألا يطول هذا الانتظار كثيرا، فقد بدأت مؤسسات القطاع تتساقط، تباعا، كأوراق الخريف، وهي خسارة لأطراف العملية – جميعا – يمثلها تهاوي مكتسبات غالية أخذت منا الكثير الكثير».
يذكر أن تحرير الفضاء السمعي البصري في موريتانيا مر بمطبات كثيرة قبل أن يصادق البرلمان الموريتاني يوم 3 تموز/يوليو 2010 على القانون رقم: 2010-045، القاضي بتحريره وذلك في جلسة شهدت نقاشات ساخنة لمضامين القانون بين ممثلي الأغلبية والمعارضة داخل البرلمان.
وأعدت حكومة الرئيس السابق علي ولد محمد فال مشروع قانون تحرير الفضاء السمعي البصري عام 2006، وتم عرضه لأول مرة على البرلمان في عام 2008، في عهد الرئيس السابق سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله حيث وافق عليه مجلس النواب، وتحفظ مجلس الشيوخ على بعض مواده، وبقي مشروع القانون رهين محبسه إلى أن أقره البرلمان عام 2010 بشكل نهائي، تحت ضغوط ومطالبات وإلحاحات القوى الإعلامية والسياسية.

المصدر : « القدس العربي»