الصفحة الرئيسية > الأخبار > الأولى > حرب شد أعصاب بين موريتانيا والمغرب مع صمت رسمي مطبق

حرب شد أعصاب بين موريتانيا والمغرب مع صمت رسمي مطبق

الخميس 21 أيلول (سبتمبر) 2017


في ظل صمت رسمي مطبق لحكومتي نواكشوط والرباط، تتواصل منذ أيام حرب شد أعصاب هنا وهناك مادتها الأساسية إشاعة غير مؤكدة عن نية موريتانيا غلق معبر الكركرات المنفذ المغربي الوحيد نحو أفريقيا والاستعاضة عنه بفتح معبر مع الجزائر.

ونفى مصدر موريتاني فضل عدم ذكر اسمه أمس لـ «القدس العربي»، هذه الإشاعة معتبرا «أنها تدخل ضمن الحرب الإعلامية المتواصلة بين الجزائر والمغرب».

وقال «إذا تتبعت مصدر هذه الإشاعات تجده مواقع إعلامية تتبع للمخابرات المغربية والجزائرية، وحكومتنا لن تنجرف وراء هذه التسميمات، ولن نقبل الخروج من موقع الحياد ولن نتخلى عن الدفاع عن مصالحنا».

وكان موقع «ألجري بتريوتيك دوت كوم» أول من تحدث قبل أسبوع عن قرار السلطات الموريتانية غلق معبر الكركرات الحدودي والاستعاضة عنه بمعبر حدودي مع الجزائر قريب من تندوف»، مؤكدا «أن هذا القرار سيحرم المغرب من التواصل مع أفريقيا السوداء عبر الأراضي الموريتانية».

ولم تصدر من الجانب الموريتاني أي إشارة لغلق المنفذ الحدودي مع المغرب، كما حدث في يوليو/تموز الماضي عندما قررت السلطات الموريتانية غلق الحدود البرية مع الجزائر لأسباب أمنية شرحتها وزارة الدفاع الموريتانية في بيان رسمي.

ومما ينفي إشاعة غلق الحدود أن حركة نقل الأشخاص والبضائع لم تتوقف على مستوى معبر الكركرات الذي يعتبر معبرا استراتيجيا ليس للمغرب وموريتانيا بل بالنسبة للسنغال ومالي المجاورتين.

وأكدت مصادر تجارية في سوق الخُضَر المركزي بنواكشوط أمس لـ «القدس العربي»، «أن سيارات النقل المغربية من الكركرات تصل كل يوم وكل ليلة حاملة شتى أنواع الفواكه والخُضَر والتوابل للأسواق المغربية». وفي غياب خط بحري بين موريتانيا والمغرب، فإن معبر الكركرات يشهد كل يوم عبور شاحنات مغربية نحو الأراضي الموريتانية، تقل تجهيزات صناعية وكهربية وصحية مختلفة.

ويقول محمد ولد سيدي ناشط في مجال الترانزيت في منطقة الكركرات «لن تستغني الحكومتان الموريتانية والمغربية بل ولا دول غرب أفريقيا عن معبر الكركرات لأهميته التجارية الكبرى». ويستبعد محللون موريتانيون اتخاذ موريتانيا قرار غلق لمعبر الكركرات نظرا لاعتماد الأسواق الموريتانية على المنتوجات المغربية ذات الأسعار المعقولة. وتستفيد الخزانة العامة الموريتانية من دخل عبور مركز الكركرات حيث تدفع الشاحنة (زنة 25 طنا) ضريبة عبور تصل إلى 2000 أورو.

واستغرب مسؤول في اتحاد أرباب العمل الموريتانيين الحديث عن الاستعاضة بمعبر حدودي مع الجزائر عن معبر الكركرات قائلا: «لا يمكن استيراد أي شيء من الجزائر عبر منفذ بري نظرا لبعد المسافة ولعدم أمن المنطقة، بينا يعتبر منفذ الكركرات الحدودي قريبا ومؤمنا».

وأكد المحلل السياسي المغربي كريم الدويشي، في مقال نشره مؤخرا تحت عنوان «موريتانيا والمغرب نحو الانفصال»: إن هذا الملف حساس، فمعبر” الكركرات” هو المعبر الحدودي البري الوحيد بين المغرب ودول أفريقيا جنوب الصحراء، وهو ذو أهمية اقتصادية حاسمة، إذ تمر عشرات الشاحنات التي تنقل البضائع المغربية إلى بلدان الساحل عبر هذه المدينة الحدودية».

وقال: «طلبت موريتانيا من الجزائر التعجيل بفتح طريق تندوف الزويرات، الذي يمكن أن يكون طوقا يربط بين ميناء وهران والبلدان الواقعة جنوب الصحراء الكبرى، مضيفا قوله: «كل هذه المبادرات هي استفزازات حقيقية للمغاربة، ولأن نواكشوط لم تتبن خطا متوازنا في توجهاتها منذ وقت طويل بخصوص جارتيها، الجزائر والمغرب، بسبب جرأتها العمياء، فإن هذا الأمر لن يؤدي إلا إلى تهديد التوازن الإقليمي في المنطقة».

وكانت الجزائر وموريتانيا قد قررتا في الدورة الثامنة عشرة للجنة العليا المشتركة الجزائرية – الموريتانية، التي انعقدت في ديسمبر / كانون الأول الماضي في العاصمة الجزائرية، إنشاء معبر حدودي بينهما للرفع من التبادل التجاري وتطوير حركة النقل بين البلدين.

وقال رئيس الوزراء الجزائري «إنه سيتم العمل على فتح معبر حدودي بين موريتانيا والجزائر لتسهيل حركة الأشخاص والسلع ومضاعفة التبادل التجاري، وأكد سعي البلدين إلى إقامة مشروعات في مجالات تكنولوجيا الإعلام والاتصال والتجارة والفلاحة والصيد البحري.

وأوضح أن الإمكانات الهائلة المتوفرة في البلدين والفرص العديدة للتكامل والشراكة تجعل الطرفين يتطلعان إلى المزيد من فرص الشراكة والتعاون.

ويأتي الحديث عن إغلاق معبر الكركرات في خضم توتر كبير مزمن للعلاقات بين موريتانيا والمغرب، كان آخر مظاهره ما أشيع عن رفض موريتانيا قبول حميد شبار المعين من طرف الحكومة المغربية في 25 حزيران/ يونيو الماضي سفيرا للمملكة لدى موريتانيا خلفا للسفير الراحل عبد الرحمن بن عمر».

وتشهد العلاقات بين المغرب وموريتانيا توترا سياسيا منذ سنوات، كان من بين نتائجه أن الحكومة الموريتانية لم تعين سفيرا جديدا في المغرب بعد تقاعد السفير السابق محمد ولد معاوية سنة 2012، حيث أرجع مراقبون الأمر إلى توتر غير معلن في العلاقات بين البلدين، في ظل غياب مبررات أخرى وبدأ توتر العلاقات بين البلدين الجارين في الظهور إلى العلن منذ قيام نواكشوط سنة 2011 بطرد مدير وكالة المغرب العربِي للأنباء من البلاد، وأمهلته 24 ساعة لمغادرة أراضيها، وهو القرار الذي اعتبره المغرب آنذاك، غير ملائم.

وعرفت العلاقات الموريتانية المغربية منذ نهاية 2015 توترًا كبيرًا حين قامت موريتانيا برفع علمها فوق مباني مدينة الكويرة التي يعتبرها المغرب جزءًا من ترابه وتصاعد هذا التوتر بعد اتهامات وجهتها الأوساط المغربية للحكومة الموريتانية بنزوعها في نزاع الصحراء من الحياد الى دعم مواقف جبهة البوليساريو.

المصدر : «القدس العربي»