الصفحة الرئيسية > الأخبار > الأولى > موريتانيا: الاستفتاء يهز المعارضة ويقسمها بين مشاركين ومقاطعين له

موريتانيا: الاستفتاء يهز المعارضة ويقسمها بين مشاركين ومقاطعين له

الاثنين 5 حزيران (يونيو) 2017


أكدت مصادر داخل منتدى المعارضة الموريتانية أمس أن المنتدى وهو أكبر تجمع للأحزاب والنقابات والشخصيات المرجعية معارض لنظام الرئيس ولد عبد العزيز، يمر حالياً بهزات وخلافات بسبب المواقف المتباينة من الاستفتاء الذي دعت السلطات المرتاحة لخلافات معارضيها الحالية، هيئة الناخبين للمشاركة فيه يوم الخامس عشر يوليو/تموز المقبل.
وكان مجلس الوزراء قد استدعى الناخبين، في اجتماعه قبل الأخير، لاستفتاء في 15 تموز/يوليو 2017 على مشروع القانون الدستوري المتضمن مراجعة المادة الثامنة من دستور 20 تموز/يوليو 1991، ومشروع القانون الدستوري المتضمن مراجعة بعض أحكام دستور 20 تموز/يوليو 1991.
وأوضحت المصادر نفسها «أن المنتدى يجد صعوبات في الاتفاق على موقف موحد من الاستفتاء حيث تتبنى بعض أطرافه موقف المشاركة بينما ترى أطراف أخرى أن المقاطعة هي أحسن موقف تتبناه المعارضة إزاء هذا الاستفتاء المربك».
ورغم إجماع أطراف المنتدى المعارض على رفض الاستفتاء والتعديلات الدستورية المعروضة خلاله، فإن هذه الأطراف منقسمة بخصوص المشاركة فيه أو مقاطعته.
ولحسم هذا الخلاف طلبت رئاسة المنتدى من جميع الأحزاب والكتل السياسية الناشطة في المعارضة موافاتها عاجلاً بموقفها من الاستفتاء، مشاركة أو مقاطعة، وبناء على ذلك سيتم اتخاذ موقف موحد سيكون اتخاذه ولادة صعبة حسب ما أكده لـ «القدس العربي» أمس مصدر قيادي في المنتدى.
وقد أكدت مصادر داخل حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (محسوب على الإخوان)، وحزب اتحاد قوى التقدم، وهما حزبان رئيسيان في المعارضة، أن قيادتي الحزبين تدعمان مقاطعة الاستفتاء بشكل تام، وهما يضغطان على بقية أطراف المنتدى للخروج بموقف مقاطع موحد يجعل نسبة المشاركة ضعيفة وبالتالي يبرز فشل الاستفتاء.
وفي مقابل هذا الموقف المقاطع تتبنى أحزاب العهد الوطني للديمقراطية والتنمية «عادل»، واللقاء الديمقراطي الوطني، وحزب الحركة من أجل إعادة التأسيس، وكتلة المواطنة، موقف المشاركة في الاستفتاء والتصويت بـ «لا» من أجل إسقاط التعديلات الدستورية من داخل العملية الانتخابية نفسها.
ويرى أنصار المقاطعة أن الأحزاب الداعية للمشاركة مخترقة من طرف السلطات وهي تعمل لصالح المشاركة التي ستعطي للاستفتاء شرعية مع أن نتيجة الاستفتاء معروفة مسبقاً وهي التصويت ب «نعم» نظراً لتحكم السلطات في العملية برمتها.
وسبق لمنتدى المعارضة أن دعا في وقت سابق أنصاره للمشاركة في الإحصاء التكميلي ذي الطابع الانتخابي، وذلك من أجل إظهار وزنه سواء قاطع أو شارك مصوتاً بـ «لا».
وينتظر أن يعلن المنتدى خلال الأسبوعين المقبلين موقفه النهائي من الاستفتاء وهو الموقف الذي يجمع المراقبون على أنه سيكون منح حرية الاختيار لجميع الأطراف حفاظاً على تماسك المنتدى في هذا المنعطف العصيب.
ولا يستبعد مراقبون مطلعون على خفايا هذا الشأن أن تسعى الأطراف المؤيدة للمشاركة إلى جر السلطات نحو حوار وطني يعيد الأمور إلى بدايتها ويفتح للحكومة فرصة التراجع عن الاستفتاء الذي بدأ الحماس لتنظيمه يهدأ لأسباب كثيرة في مقدمتها ضعف المشاركة في الإحصاء الإداري التكميلي للناخبين، والأزمة المالية الداخلية التي تجعل صرف ستة مليارات أوقية في عملية الاستفتاء بذخاً وتبذيراً لا داعي له. ويؤيد هذا ما نقلته صحيفة «تقدمي» الآنية واسعة الاطلاع أمس عن مصادر في اللجنة المستقلة للانتخابات أكدت أن اللجنة ستتقدم قريباً بطلب للسلطات بتأجيل الاستفتاء على الدستور بشهر أو شهرين عن الموعد المحدد له.
وحسب المصادر فإن اللجنة المستقلة للانتخابات غير جاهزة لتنظيم عملية اقتراع على الدستور المقترح في الأجل الذي حددته الحكومة. وفي تحليل للموقف من الاستفتاء أكد محمد الأمين ولد الفاضل القيادي في منتدى المعارضة «أن نقاشاً قوياً يحتدم حاليا داخل فسطاط المعارضة، فهناك من يرى بأن المشاركة في الاستفتاء هي الخيار الأفضل، وهناك من يرى بأن خيار المقاطعة هو الأفضل».
وقدم ملاحظات حول المواقف المتباينة أولاها «أن مقاطعة الانتخابات أو الاستفتاءات ليست هدفاً في حد ذاته، كما أن المشاركة ليست هدفاً في حد ذاته، فالمقاطعة والمشاركة في أي انتخابات تبقى في النهاية مجرد وسيلة لتحقيق أهداف ومكاسب سياسية محددة، كما أن أي مقاطعة للانتخابات لا تصاحبها أنشطة احتجاجية لإرباك العملية الانتخابية ستبقى في النهاية مجرد قرار عبثي بلا جدوى، وأن أي مشاركة في الانتخابات لا يمتلك أصحابها القدرة على انتزاع مكاسب انتخابية ستبقى هي الأخرى مجرد قرار عبثي بلا جدوى».
وأكد الفاضل «أن موقف المعارضة سيبقى صائباً إن هي أجمعت على المقاطعة أو إن هي أجمعت على المشاركة، لكن الخطأ سيحصل عندما لا يكون هناك إجماع على قرار واحد، وفي هذه الحالة فإن المسؤولية عن ذلك الخطأ تتحملها الأقلية سواء كان قرارها المقاطعة أو كان المشاركة.»
وشدد على التأكيد بأن «مشاركة المعارضة في الاستفتاء ستضعها في موقف سياسي محرج، وذلك لأنها ستشارك في استفتاء كانت تصفه وإلى وقت قريب بأنه استفتاء غير دستوري؛ فبأي حجة ستبرر المعارضة التي ترفع شعار الدفاع عن الدستور، مشاركتها في استفتاء غير دستوري؟».
«إن مشاركة المعارضة في الاستفتاء، يضيف الفاضل، سيعتبرها النظام تشريعاً للاستفتاء وللحوار الأحادي الذي لم تشارك فيه المعارضة، والتي يفترض بأنها غير معنية أصلاً بمخرجاته، أما عن إيجابيات المشاركة في الاستفتاء فإنها تتمثل في أن المشاركة قد تمكن المعارضة من إظهار حجم الرفض الشعبي للاستفتاء، كما أنها قد تتيح لها الفرصة بأن تراقب العملية الانتخابية، وأن تحول إلى حد ما دون التزوير الواسع ودون ملء صناديق الاقتراع ببطاقات «نعم».
وخلص محمد الأمين الفاضل إلى «أن السؤال الأهم الذي يجب أن يطرح في هذا المقام هو هل المعارضة في وضعيتها الحالية أكثر قدرة على إرباك العملية الانتخابية أم أنها أكثر قدرة على انتزاع مكاسب من العملية الانتخابية، فإذا كانت أكثر قدرة على إرباك العملية الانتخابية فإن المقاطعة ستكون هي الخيار الأفضل، أما إذا كانت أكثر قدرة على تحقيق مكاسب انتخابية، فإن المشاركة في هذه الحالة ستكون هي الخيار الأفضل».
ويعد مدونون سياسيون ناشطون في شبكات التواصل حاليا لإطلاق منصة الكترونية آنية مخصصة لنقاش وتحليل قضايا التعديلات الدستورية وفرض التناوب السلمي على السلطة في منتصف العام 2019.
وحددت المنصة خيارات ستعرض على الجمهور منها أن يقاطع المنتدى والتكتل الاستفتاء المنتظر، أو أن يُسمح لأحد الأحزاب المعارضة للتعديلات الدستورية بالمشاركة في الاستفتاء على أن يضع المنتدى والتكتل مناضليهما تحت تصرف الحزب المشارك للمساهمة في عملية المراقبة وفي كشف وتوثيق ما سيتم من عمليات التزوير، وبذلك تكون المعارضة قد جمعت في الوقت نفسه بين إيجابيات المقاطعة وإيجابيات المشاركة.

المصدر : «القدس العربي»