الصفحة الرئيسية > الأخبار > الأولى > موريتانيا توطّن وظائف الصيد لمكافحة البطالة

موريتانيا توطّن وظائف الصيد لمكافحة البطالة

الأحد 23 نيسان (أبريل) 2017


تسعى الحكومة الموريتانية إلى توطين الوظائف وحصرها بأبناء الدولة، في قطاع الصيد التقليدي الذي يحظى بدعم حكومي كبير، حيث تسمح السلطات للعاملين فيه بصيد الرخويات والأسماك السطحية واستغلال مناطق محظورة على سفن الصيد الصناعي.

وتعوّل الحكومة على ما اُصطلح عليه باسم "ﻣﺮﺗﻨﺔ" (حصر القطاع لصالح الموريتانيين فقط) ﻃﻮﺍﻗﻢ ﺍﻟﺼﻴﺪ التقليدي لتوفير فرص عمل للمواطنين ومنع استقدام العمالة الأجنبية التي تسيطر على القطاع، وحماية الثروة السمكية من النهب.

وقامت الحكومة مؤخرا بطرد آلاف الصيادين من السنغال وغامبيا، الذين كانوا يعملون في قطاع الصيد التقليدي، مما أدى إلى ارتفاع أسعار السمك محليا نتيجة نقص العرض.

وبدت أسواق السمك الموريتانية شبه خالية على غير عادتها، حيث فضل الكثير من التجار التوقف عن العمل إلى حين استقرار الأسعار التي تضاعفت مباشرة بعد منع القوارب الأجنبية وكذا البحّارة السنغاليين والغامبيين من العمل على القوارب الموريتانية في المياه الإقليمية.

ويقول بائع السمك في سوق العاصمة محمد أدو، إن قرار مرتنة قطاع الصيد التقليدي انعكس سلبا على العاملين بالقطاع والمرتبطين به من تجار وعمال وحمالين. وأضاف لـ "العربي الجديد" أن إيقاف عمل البحارة الأجانب سواء كانوا يعملون على قوارب صيد موريتانية، أو يستخدمون قواربهم الخاصة، ضاعف أسعار السمك، ما أفضى إلى إحجام المستهلكين عن شرائه.

وأشار إلى أن النقص في قوارب الصيد بعد توقيف البحارة الأجانب، مقابل قلة الصيادين المحليين ونقص الخبرة في أوساطهم ينذر بخسائر كبيرة لتجار السمك والناقلين والحمالين ورجال الأعمال المرتبطين بالقطاع.

وكانت مئات القوارب الأجنبية تصطاد في المياه الموريتانية مقابل دفع رسوم بسيطة لخزينة الدولة، إلى أن قررت السلطات منع الوافدين من العمل في قطاع الصيد التقليدي وقصره على الموريتانيين فقط.

كما أطلقت الحكومة عددا من البرامج الرامية إلى إصلاح سوق العمل ورفع نسبة الموريتانيين العاملين بقطاع الاتصالات والتنقيب عن المعادن والصيد الصناعي والإنشاءات، وفرضت غرامات على الشركات الأجنبية التي توظف الأجانب أكثر من المواطنين.

وتؤكد تقارير وزارة الصيد أن مرتنة قطاع الصيد التقليدي وفرض نسبة من العمالة المحلية على شركات الصيد الصناعي، أفضيا إلى تزايد القوة العاملة من المواطنين، حيث يتجاوز تعداد العمالة المحلية في قطاع الصيد بنوعيه التقليدي والصناعي 20 ألف عامل.

قرار مفاجئ
ويرى مراقبون أن مرتنة مهنة الصيد التقليدي لم تتم بشكل تدريجي لتجنيب القطاعات المرتبطة به تأثير غياب آلاف العاملين بالقطاع، خاصة أن البلاد تعاني من حاجز ثقافي يتعلق بطبيعة الموريتاني، فهو العربي البدوي الرعوي وليس الصياد المقبل على الاستثمار في الصيد.

وينحصر العمل في قطاع الصيد على شريحة الزنوج الأفارقة الذين حصلوا على الجنسية في فترة الستينيات.

ويطل البلد على واحد من أغنى الشواطئ عالميا على امتداد 700 كيلومتر يوفر منطقة صيد خالصة تقدر مساحتها بـ 234 ألف كيلومتر مربع، إضافة إلى جرف قاري عريض 39 ألف كيلومتر مربع.

وتتميز هذه المنطقة بوفرة وتنوع مواردها السمكية ذات الجودة التجارية العالمية، حيث توفر أكثر من 600 نوع من الأسماك، من ضمنها 200 نوع ذات قيمة تجارية مهمة، وفق مهنيين.

وتقدر الكميات الممكن اصطيادها بنحو 1.8 مليون طن سنويا.

ويساهم قطاع الصيد بشكل هام في التنمية الاقتصادية بموريتانيا، من خلال العائدات المعتبرة التي يوفرها. وحسب إحصاءات رسمية فإن القطاع أدخل العام الماضي 70 مليار أوقية (200 مليون دولار) لميزانية الدولة، وهو ما يشكل 20% من مداخيل التصدير.

ضعف التأهيل
ويقول المهندس والخبير البحري إبراهيم ولد محمد الأمين، إن قانون اقتصار ﺍﻟﺼﻴﺪ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻴﻦ ﺍﻟﻤﻮﺭﻳﺘﺎﻧﻴﻴﻦ، ﻳﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﻋﺎﻡ 2012، لكن لم يتم تطبيقه إلا مؤخرا بهدف امتصاص البطالة خاصة في صفوف الشباب من خلال العمل في قطاع مهم يساهم في تحقيق الأمن الغذائي.

ويوضح الخبير أن توطين الوظائف في قطاع الصيد التقليدي لم يتم وفق خطة تدريجية، ما أثر بشكل واضح على أسعار السمك وإنتاجية القطاعات المرتبطة به، خاصة أن العقلية البدوية أعطت البحر ظهرها وتوجهت للصحراء، ما جعل الموريتاني ينشأ مزارعا ومنمّيا وحتى تاجرا، لكن ليس صيادا بطبعه.

ويرى أن قرار مرتنة القطاع كان يستوجب توفير سفن الصيد والزوارق التقليدية وتأهيل آلاف الصيادين وتشجيع عمل الشباب الموريتاني في مجال الصيد التقليدي على مدى سنوات حتى يكون مستعدا لملء فراغ الصيادين الأجانب الذين تم ترحيلهم فغادروا بسفنهم وزوارقهم وبقي قلة من الصيادين المحليين على الشاطئ دون سفن.

ويدعو ولد محمد الأمين، إلى تشجيع مهنة الصياد التقليدي وإدخال إصلاحات جوهرية في القطاع وفتح باب التأهيل في المدن الداخلية، حيث ترتفع نسبة البطالة وتحفيز الشباب، خاصة في المجموعات ذات الصلة بالبحر على العمل في القطاع بتصميم برامج تدريبية وتأهيلية تواكب هذه المرحلة.

المصدر : "العربي الجديد"