الصفحة الرئيسية > الأخبار > الأولى > زين العابدين ولد الحضرمي: اقتصاد موريتانيا يتعافى

زين العابدين ولد الحضرمي: اقتصاد موريتانيا يتعافى

الخميس 30 آذار (مارس) 2017


أكد الخبير البارز وأستاذ الاقتصاد في المعهد العالي للمحاسبة بنواكشوط، زين العابدين ولد الحضرمي في مقابلة مع "العربي الجديد" أن اقتصاد موريتانيا مقبل نحو التعافي رغم التقشف.

وهنا نص المقابلة:

 كيف تقيمون الوضع الاقتصادي الموريتاني؟

بالأرقام نلاحظ نوعا من التباطؤ الاقتصادي لموريتانيا من 2009 إلى 2015، ما انعكس على مؤشر النمو الذي ظل في حدود 5% للسنة الثالثة على التوالي، وتراوح مؤشر نمو الناتج القومي الخام بين 2% و3.1% للقطاعات غير الصناعية بسبب انهيار في أسعار المواد الأولية خصوصا سعر الحديد الخام أحد ركائز الاقتصاد الموريتاني، وتراجع سعر الحديد عالمياً من 128.5 دولارا للطن عام 2012 إلى 55.2 دولارا في 2015. كما تأثرت أيضا مداخيل الاحتياطي من العملة الصعبة نتيجة لهذه المعطيات.

وتكشف المؤشرات الرسمية أن الدين العام بلغ 93.3% من الناتج القومي الخام والتضخم أصبح في حدود 2.8% عام 2015 مقارنة بنحو 5% عام 2014 بعد السيطرة الحكومية عليه عبر سياسة تقشف وترشيد النفقات العمومية.

 لماذا لا ينعكس النمو على نسب الفقر والبطالة التي تزداد كل عام؟

بالنظر إلى مشكلة البطالة، يلاحظ أن حاملي الشهادات أغلبهم من تخصصات أدبية وعلوم إنسانية في حين أن البلد بلد صناعي واقتصاده بحري ومنجمي، هذا الثالوث يضم أعمدة الاقتصاد الموريتاني ومن بمقدوره امتصاص نسب البطالة.

والتدريب والملاءمة مع سوق العمل مشكلة سياسات متراكمة وعملية طويلة المدى، ولا شك أننا منذ 2009 نلاحظ تراجعا ملموسا للبطالة من 36% إلى نسبة 15% 2016.
وإذا استعرضنا مشروع برنامج "أمل" بتكلفة 21 مليار أوقية (الدولار يساوي 350 أوقية) نجد أنه افتتح حوالي 1483 دكانا ومحلا تجاريا ووظف 2400 من حاملي الشهادات.

وتشير الدراسات إلى أن كل دكان من هذه الدكاكين، يغطي ما يربو على حاجيات 200 أسرة يوميا من المواد الغذائية الأساسية، وهذا ضمن سياسات أخرى لمحاربة البطالة تقوم بها الوكالة الوطنية لتشغيل الشباب.

 لكن التقييم النهائي لاستراتيجية محاربة الفقر 2001 - 2015 أكد فشلها فوضعت الحكومة استراتيجية النمو 2016 إلى 2030 فما رأيك؟

إن فشل الاستراتيجية له مبررات واضحة، فكما أسلفت، إن موريتانيا شهدت تغييرات سياسية وأمنية وتحديات أيضا حوّلت الأولوية الحكومية من محاربة الفقر إلى المحافظة على كيان الدولة. أما اليوم فنحن أمام موريتانيا جديدة من حيث المنشآت الهيكلية التي تصلح لبنة لتنمية اقتصادية مهمة.

 لماذا عجزت الحكومات المتعاقبة عن وضع الاقتصاد على الطريق الصحيح؟

المتابع للرسم البياني لمؤشرات الاقتصاد الموريتاني يلاحظ تذبذب المنحنى من 1960 سنة الاستقلال عن المستعمر الفرنسي حتى 1978 تاريخ استلام العسكر للسلطة حتى 1991 تاريخ الانفتاح السياسي إلى حد ما، ووضع دستور مدني إلى 1996 حيث انتهاج الاقتصاد سياسة ليبرالية منفتحة ثم الانغلاق حتى 2005 حين دخلت البلاد انسدادا في الأفق السياسي وما تخلله من اضطرابات أمنية ومحاولات انقلابية.

وبين 2005 و2007 دخلنا مرحلة انتقالية بعد انقلاب عسكري تميزت بمحاولة لترميم الجسم السياسي والوطني والنسيج القومي بإعلان عن مصالحات وطنية، لكن غاب عن هذه الفترة رؤية اقتصادية واضحة وإصلاحات مع تدفق المعونات آنذاك لدعم المسلسل الديمقراطي المعلن عنه في حينها. ثم دخلت البلاد مرحلة مخاض لأول تجربة ديمقراطية، مع سياسة صارمة في محاربة شرسة للفساد.

 هل استفادت موريتانيا من تسهيلات الإقراض بشروط ميسرة من صندوق النقد الدولي؟ وهل هذه الشروط عقّدت الوضع الاقتصادي الموريتاني؟

أعتقد أن شروط صندوق النقد الدولي جاءت في ظرف حساس اقتصاديا وتمثلت في رفع الدعم عن سعر المحروقات وزيادة لسعر الكهرباء 30% والغاز بنسبة 60% بالتزامن مع هبوط كبير لأسعار خام الحديد. لكن في 2017 صرنا نلمس المبررات لهذه الشروط وهذه السياسة الحكومية.

 تعوّل البلاد على أداء القطاع الزراعي لزيادة النمو، فلماذا لم تدعم الحكومة هذا القطاع بشكل كاف؟

توجهت الحكومة الموريتانية برؤية جديدة لهذا القطاع واستحدثت وزارة الزراعة، وفصلت التنمية الريفية عنها وجعلتها في قطاع البيطرة كوزارة هي أيضا مستقلة من أجل دمج الثروة الحيوانية داخل الدورة الاقتصادية، ورغم الجهود الحكومية إلا أنها لا تكفي، وأرى أن إعادة هيكلة منظومة التمويل ستساهم في غربلة فاعليات القطاع.

 ماذا تقترحون للخروج من المأزق الاقتصادي والاجتماعي ولو تدريجياً؟

أظن أن موريتانيا تسير اقتصادياً بوتيرة بطيئة، لكن المهم أن نسير في الاتجاه الصحيح، فالتحديات الاقتصادية كبيرة ويجب أن تكون السياسات على قدر التحدي، كما على الحكومة وضع خطط وبرامج واقعية لزيادة النمو والحد من الأزمات المعيشية.

المصدر : "العربي الجديد"