الصفحة الرئيسية > الأخبار > سياسة > موريتانيا: انقسام داخل المعارضة يحول دون لقاء مع الحكومة لترتيب الحوار

موريتانيا: انقسام داخل المعارضة يحول دون لقاء مع الحكومة لترتيب الحوار

الاثنين 9 تشرين الثاني (نوفمبر) 2015


أكد مصدر مطلع في منتدى المعارضة الموريتانية «أن المعارضة توجد حاليا في وضعية انقسام داخلي بسبب اختلافها حول القبول بلقاء بين رئيس المنتدى المعارض والوزير الأمين العام للرئاسة. وهو اللقاء الذي شكل موضوع مهاتفة الأسبوع الماضي بين الطرفين طلبت الحكومة أثناءها استئناف التفاوض مع المعارضة من حيث توقف قبل شهرين».
وأوضح المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه في تصريح خاص لـ«القدس العربي» أن رئيس حزب التكتل، أحمد ولد داداه وهو أبرز وجوه المعارضة الموريتانية، يقود مجموعة سياسية داخل منتدى المعارضة ترفض أي لقاء مباشر مع الحكومة قبل أن ترد الحكومة كتابيا على ممهدات المعارضة التي سلمت للحكومة أثناء مفاوضات سابقة، والتي تتضمن تطبيق الحكومة لمجموعة إجراءات تسميها المعارضة «إظهار الجدية وتأسيس الثقة»، بينها حل كتيبة الأمن الرئاسي، وفتح وسائل الإعلام العمومية أمام المعارضة، وإطلاق سراح الموقوفين الذي تعتبرهم المعارضة سجناء سياسيين وتعتبرهم الحكومة سجناء حق عام.
ولم يستبعد المصدر «أن ينقسم المنتدى المعارض إلى مجموعتين ترفض إحداهما، بزعامة ولد داده، أي لقاء قبل الرد المكتوب، وتقبل الأخرى بإجراء لقاء استكناه للنوايا بين رئيس المعارضة، أحمد سالم بوحبيني، والوزير الأمين العام للرئاسة، مولاي ولد محمد الأغظف، بدون التنازل عن الرد المكتوب».
وأشار لألمانيا إلى «أن الموقف سيتضح في نهاية مشاورات ستظهر نتائجها اليوم بين الرئيس أحمد ولد داداه وقادة المنتدى المعارض. فإذا لم يتنازل ولد داداه عن موقفه الرافض للقاء فإن المنتدى سينقسم لمجموعتين إذ سيضطر «حمائم» المنتدى» للسماح لرئيسه بمقابلة أمين عام الرئاسة الذي ينتظر منذ أيام رد المعارضة على طلب استئناف التفاوض».
وكان محمد جميل منصور، رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح (الاتجاه الإسلامي)، قد أكد في تصريحات صحافية أمس «أن المعارضة اتفقت على وثيقة للحوار قدمتها للنظام والرأي العام، وتنتظر رد النظام ومؤشراته لتناقشها. وإذا رأت أن المؤشرات تؤكد جدية النظام، فكل أحزاب المنتدى مستعدة للانتقال إلى مرحلة الحوار العلني والرسمي، وهذا موقف إجماعي بين المعارضة الآن».
وأوضح «أن موريتانيا تمر بأزمة شديدة وكل المحاولات السابقة لم تخرج البلد من أزمته. وفاقم من ذلك إقدام النظام على هذا الحوار – المهزلة، الذي لم يقنع به أصحابه والمشرفين عليه فسموه جلسات تمهيدية».
وقال: «في الفترة الأخيرة بدأت بعض الاتصالات من السلطة بالمنتدى، وهو ما يؤكد فشل السلطة في مسارها الأحادي الذي كانت تسير فيه، وما كان يقوله المنتدى هو الأساس الصحيح للحوار، ونحن في المعارضة نتعامل مع تلك الاتصالات بحذر ونراقب ونحلل لنرى هل ستضيف هذه الاتصالات جديدا أم ستكون كسابقتها».
«فالأحزاب السياسية في المنتدى»، يضيف ولد منصور، «بل ومختلف أقطابه يرون أن الحوار بديل طبيعي عن الاحتمالات الأخرى التي قد تودي بالبلد إلى مسارات كارثية. لكن هذا الحوار لا ينبغي أن يكون متعجلا ولا مبتسرا، بل حوارا وطنيا بين متخالفين حول قضايا مختلف عليها سعيا إلى الوصول إلى حل نهائي للأزمة المتفاقمة».
وعن الشروط التي يراها النظام نتائج للحوار يجب أن تكون بعده لا قبله قال محمد جميل منصور «إن المعارضة لم تقدم شروطا بل طلبت ممهدات للثقة ورأيا لاستعادة الثقة، وله أن يقدم رأيه أيضا لنبني بذلك جسر ثقة، وهو ما لا يتوفر الآن بيننا وبين النظام».
وبخصوص وحدة أقطاب المنتدى المعارض قال: «الأهم أن المعارضة تناقش وتتفق على خلاصات توافقية، أما أن بين الأحزاب آراء متعددة وربما داخل كل حزب آراء متخالفة فهذا طبيعي، لكن الضابط الأساسي هو النقاش والوصول إلى رأي توافقي.»
وحول دوافع نظام الرئيس ولد عبد العزيز للحوار قال ولد منصور: «لا يظهر من النظام اندفاع نحو الحوار، توجد محاولة لكسب الوقت ومحاولة لتفريق المعارضة، ويوجد سعي إلى إقامة «كرنفال» لن تكون المعارضة جزءا من حفلته الاستعراضية.»
وضمن الأصوات الرافضة للحوار، والتي أضحت الآن مسموعة هنا وهناك، دعا حزب العمل والوحدة الوطنية في بيان شديد اللهجة أمس «جميع الأحزاب السياسية المعارضة وفئات الشعب الموريتاني إلى رفض المشاركة في الحوار مع النظام الحالي والمطالبة باستقالته واسترجاع المال العام المنهوب ومراجعة تسيير النظام الذي أوصل الدولة إلى حافة الانهيار».
وأضاف حزب العمل «أن دور الأحزاب السياسية وهيئات المجتمع المدني والزعامات الدينية ينبغي أن يرتكز أساسا على تأمين الشعب الموريتاني من مخاطر الانجراف والانزلاق نحو اللاَّ أمن، الذي يمثل السلاح الأول والأوحد للنظام القائم، جراء جرائمه المتعددة». وعليه، يضيف البيان، «فإن التلويح بما أسموه «الحوار الوطني « غير وارد في هذه المرحلة ويستوجب طرح أكثر من سؤال، حول ماذا ينبغي أن نتحاور عليه؟ أيقبل النظام القائم باسترجاع الأموال العامة المنهوبة؟ أم مراجعة الصفقات المشبوهة؟ أم الاستقالة الحقيقية وإرساء نظام رقابي، حيادي لتنظيم انتخابات رئاسية سابقة لأوانها؟ أي شيء من ذلك لن يحدث وبالتالي يكون قبول المعارضة بمنتداها ومعاهدتها ووفاقها مجرد تواطؤ مع النظام كما العادة في السابق ضد مصالح الوطن والمواطن وإعطاء النظام نفسا جديدا لمواصلة الاحتكار والتسلط».
ودعا الحزب «إلى الوقوف في وجه هذه التحديات والحيلولة دون انجراف الوطن إلى الفوضى والدمار وذلك من خلال العمل المشترك بين مختلف مكونات الشعب وتوجهاته السياسية لاستئصال الأسباب الكامنة وراء خلق هذا الواقع المأساوي، والمطالبة بإطلاق سراح الحقوقيين المسجونين ظلما وعلى رأسهم بيرام ولد الداه ولد اعبيد ومعاونوه ورفاقه».
كل هذه المواقف تؤكد حدة التجاذب الذي يطبع المشهد السياسي الموريتاني منذ أشهر إذ يسعى نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز لجر المعارضة نحو حوار يتمخض عن أجندة سياسية تمكنه من تحقيق هدفين: أولهما تقوية نظامه، الذي يمر بمرحلة ضعف، والثانية حل مشكلة الاستخلاف في نهاية مأموريته الحالية الأخيرة حسب نص الدستور.
ومقابل هذا تمتنع المعارضة الجادة من الدخول مع النظام في حوار لا يحقق لها أهدافها ويكون النظام هو المستفيد الوحيد منه. لذا تفضل المعارضة أن تترك نظام ولد عبد العزيز يتآكل وألا تمنحه حوارا يكون له طوق نجاة، مع توجيهها الاهتمام نحو انتخابات 2019، مركزة في هذا الصدد على أن يغادر الرئيس ولد عبد العزيز السلطة في نهاية مأموريته وأن يتحاور الجميع بعد ذلك لضمان دخول موريتانيا نحو عهد ديموقراطي جديد ينتخب فيه رئيس مدني غير مدعوم من أجهزة الدولة ويتكرس فيه التناوب السلمي على السلطة.

«القدس العربي»