الصفحة الرئيسية > الأخبار > سياسة > موريتانيا: الحزب الحاكم يرد على المعارضة ويصف مواقفها بالإفلاس والإخفاق

موريتانيا: الحزب الحاكم يرد على المعارضة ويصف مواقفها بالإفلاس والإخفاق

الأحد 31 أيار (مايو) 2015


بعد موجة التفاؤل التي رافقت مؤخرا توجه أطراف المشهد السياسي الموريتاني نحو الحوار، انقلبت أجواء المشهد يوم أمس رأسا على عقب، حيث اندلعت حرب بيانات بين الحزب الحاكم ومنتدى المعارضة، كما أعلن رئيس حزب «تمام» المعارض اعتزاله العمل السياسي موجها انتقاداته للجميع.
وإضافة لمفاجأته الكبيرة باعتزال الدكتور الشيخ ولد حرمة رئيس حزب «تمام» والوجه المعارض البارز للسياسة، انشغل الرأي العام الموريتاني أمس، ببيان شديد اللهجة رد فيه الحزب حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم على بيان المعارضة الأخير الذي انتقد جولات الرئيس الموريتاني في الداخل.
وأكد الحزب الحاكم في بيانه «أن منتدى المعارضة قرر للأسف، أن لا يستفيد من سجل المعارضة الحافل بالإخفاقات، ومن أساليبها غير الجدية في التعاطي مع القضايا التي تهم الوطن والمواطن، فها هي المعارضة تعاود الكرة في محاولة يائسة للتشويش على زيارة رئيس الجمهورية من خلال «البيان الفضيحة» الذي أصدرته يوم 29 أيار/مايو الجاري».
وأضاف البيان «قصة معارضة المنتدى مع زيارات الرئيس بدأت من الحوضين، ويبدو أنها مستمرة لتكشف شيئا فشيئا عن حقيقة «منتدى» منهار، نذر نفسه لمناهضة كل عمل إصلاحي يسهم في ازدهار البلاد وتحسين ظروف شعبها».
«كان أول اعتراض تقدم به المنتدى على زيارة الرئيس، يضيف الحزب الحاكم، هو أنها استمرار «للزيارات الكرنفالية التي تثقل كواهل المواطنين في الداخل من دون أن تساهم في حل مشكلاتهم»، على حد تعبير المنتدى، وسرعان ما تهاوى هذا الاعتراض أمام حقيقة أن الزيارات الرئاسية الحالية تختلف عن ما كان مألوفا لدى الأنظمة السابقة، وأنها مكرسة بالفعل للاطلاع ميدانيا على الأوضاع التي يعيشها السكان وعلى العقبات التي قد تواجهها خطط إنجاز المشاريع التنموية القاعدية في شتى مجالات الحياة ودراسة سبل التغلب عليها، وأن نتائجها تنعكس إيجابيا وبشكل ملموس على التنمية المحلية في المناطق المزورة».
وأشار بيان حزب الاتحاد إلى «أن المنتدى لجأ لترويج ما فحواه أن للزيارات هدفا غير معلن يتمثل في «تهيئة الظروف لتعديل دستوري»، وحين قطع الرئيس الشك باليقين حول هذه المسألة وتبين أن تعديل الدستور هو مطلب لبعض أطراف المعارضة، تفتقت عبقرية «المنتدى المنهار» عن اكتشاف غريب من نوعه يفسر الزيارات الرئاسية «برغبة الحكومة في تشجيع بيع وقود السيارات»….! وحين لم يعط هذا الاكتشاف الصدى المطلوب، واصل المنتدى تخبطه قبل أن يستقر رأيه مؤقتا في بيانه الجزافي شكلا ومضمونا – على أن الهدف من زيارات رئيس الجمهورية هو «الظهور بمظهر الرئيس المحتضن من طرف شعبه والمعبر عن إرادته».
«هذا، يضيف البيان، هو الخطاب الجديد القديم الذي طلع علينا به منتدى المعارضة في «بيانه الفضيحة»، تلك المعارضة التي خنقتها العزلة وحولها الإفلاس واليأس إلى «ورم» مهمته تشويه الجسد الوطني وشغله في مهاترات جانبية لا تخدم سوى ثلة من المتباكين على عهود القهر والفساد».
وأكد الحزب «أن هناك فرقا كبيرا بين مشروعين متناقضين: مشروع فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبدالعزيز الذي يستثمر من أجل النماء والازدهار والأمن، من جهة، ومشروع منتدى المعارضة الذي يستثمر في المعاناة والبؤس والفوضى وإعادة إنتاج سيناريوهات الترعيب والتنفير والتشكيك، على شكل اسطوانات مشروخة تعيد تكرار نفسها».
وكان الدكتور الشيخ المختار ولد حرمة وهو النجل الأكبر للوجه الوطني الموريتاني الكبير أحمدو حرمة بابانا قد أعلن في هذا الخضم، عن «ترجله السياسي» في بيان وزعه أمس وانتقد فيه أوضاع موريتانيا مؤكدا «أن «النخب» العسكرية المتعاقبة ظلت منذ انقلاب العاشر تموز/يوليو 1978، وحدها الفاعل الميداني في عمليات «التغيير»، التي لم تقترب من الجوهر ولو في الخطابات النمطية المترهلة.. بينما ظلت النخب السياسية – والاستثناء قائم بالطبع – نخب تطبيل أو عويل.. تزمير أو تحذير، تحصيل أو تبذير، تخدير أو تجمير.. نخب مقاعد ومحاصصات، وحوارات مجتزأة كأنها تجري داخل الجيوب، وكان أداؤها السياسي أكثر عالة على البلاد منه مصلحة لها.. يستوي في ذلك الموالي والمناوئ».
وقال «فلا الموالي استطاع التغيير من الداخل، وجذب مقود النظام إلى مناطق إبحار مأمونة تنمويا واجتماعيا وسياسيا، ولا المعارض أبدل بقطيعته التامة للنخبة العمودية التي بيدها عقدة التغيير، انتشارا أفقيا، يمكن من خلق رأي عام قادر على تجاوز مرحلة الولاء الغرانيتي «للدولة الفرد».. تلك الدولة التي لا نحتاج شمعة لنتبين الشروخ العميقة في أرضية مركبها المتآكل».
وأوضح ولد حرمة «أن إحدى نتائج هذا الواقع المزري، هي وجود نخب الموالاة السابقة في معارضة اليوم، ونخب معارضة الأمس في موالاة اليوم.. ليس هذا من قبيل تبادل الأدوار، بل إنه تبادل أثواب فحسب.»
«في مثل هذه الأجواء، يضيف الدكتور حرمة، يكون من الطبيعي تماما الوصول إلى خلاصة مفادها أن «المرقعات السياسية» لن تستر واقعا قميئا تتخبط فيه أجيال الحاضر والمستقبل.. فالمرقع يتنافر ولا يتجانس، يبلى ولا يستجد».
«في موريتانيا اليوم، وإلى حين، يضيف ولد حرمة، لا يتحرك إلا «بندول الدوامة».. حشد مكرر وخطاب مكرر.. أزمة مشخصنة في بلد الأفق الوحيد المفتوح فيه هوّ أفق الانغلاق الذي يزداد هواؤه تلوثا يوما بعد آخر، ولا أقول ذلك نتيجة قصر نفس أو تعب عن النضال، أو خيبة أمل شخصية، بل لشعوري أن الوطن يخسر بالضعف كل لحظة وهو يبتعد عن سكة الإنقاذ، أحرى الحل الصحيح لمتلازمة الانهيار المعيشي والقيميّ، الذي يتخبط فيه مجتمعنا، كما تتخبط الفراشات بين ألسنة الجحيم».
وخلص رئيس حزب «تمام» إلى القول بأنه «توصل إلى قناعة راسخة مفادها أن التغيير الإصلاحي في موريتانيا، بواقعه الاجتماعي والسياسي الحالي، الملوث والمتكلس، لن يحصل دون إرادة واعية موفقة ومشاركة حاسمة ومؤسسة من الجيش.. وإلى أن تتهيأ الظروف لذلك.. فلا تروق لي المشاركة في «حفلة النفق المغلق، فمن لا يملك «روح دبابة» لن يتجاوز دور المهرج في محاولة «التغيير».
واعتبارا لهذا أعلن الدكتور المختار ولد حرمة «اعتزاله العمل السياسي»؛ مؤكدا «أن البعض لن يفهم حق الفهم دوافعه الحقيقية لـ»الترجل السياسي» في هذه المرحلة، تلك الدوافع التي لا تعدو «كونه ليس مستعدا للمشاركة، لا تمثيلا ولا فرجة، في مسرح عرائسي عبثي يكرر ذاته على مدار العقود».

عبدالله مولود

«القدس العربي»