الصفحة الرئيسية > الأخبار > الأولى > خطاب الرئيس محمد ولد عبد العزيز بمناسبة الذكري ال 51 للاستقلال

خطاب الرئيس محمد ولد عبد العزيز بمناسبة الذكري ال 51 للاستقلال

الأحد 27 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011


نواكشوط (موري ميديا) — وجه الرئيس محمد ولد عبد العزيز خطابا بمناسبة الذكري ال 51 للاستقلال الوطني، استعرض فيه إنجازات الحكومة خلال هذه السنة.

نص خطاب الرئيس :

«تحتفل بلادنا غدا بالذكرى الحادية والخمسين للاستقلال الوطني المجيد، ويسرني، بهذه المناسبة السعيدة، أن أهنئ كل فرد من أفراد شعبنا، متمنيا للجميع دوام الصحة والسداد.

مواطني الأعزاء،
لا يسعني، بهذه المناسبة العظيمة، إلا أن أترحم على أرواح شهداء المقاومة الوطنية ومن سار على نهجهم من الذين ضحوا بدمائهم الزكية في ساحات الشرف، دفاعا عن موريتانيا وحرية أبنائها وكرامتهم.

إن ذكرى استقلالنا الوطني، التي نقف لها اليوم وقفة إجلال واعتزاز، تشكل فرصة ثمينة لاستلهام ماضي أمتنا المجيد وتأمل حاضرها المبدع واستشراف مستقبلها الواعد، كما تشكل فرصة لمراجعة الذات وشحذ الهمم لمسايرة عالم يتغير بوتيرة أربكت شعوبا برمتها، فتزعزع أمنه او ضعفت لحمتها الوطنية وانهارت اقتصادياتها.

لقد بذلت السلطات العمومية -طوال السنة الحالية- جهودا حثيثة لتعزيز مكتسبات الإصلاح وتوسيع دائرتها لتشمل، من بين مجالات حيوية أخرى، ضبط الحالة المدنية وتطوير آليات الممارسة الديمقراطية وعصرنة قطاع الصيد البحري ومراجعة منظومتنا التربوية.

فعلى الرغم من وضعية اقتصادية دولية غير مواتية، حتى بالنسبة للدول الأكثر ثراء، وبفضل ترشيد المال العام ومحاربة الفساد، واصلت الدولة مجهوداتها الذاتية لتعزيز الأمن وتقوية الوحدة الوطنية ودعم قطاع الصحة وإصلاح التعليم وتشييد البنى التحتية والتخفيف من معاناة الشرائح الاجتماعية الأقل حظا. فتم على وجه الخصوص، الرفع من مستوى جاهزية قواتنا المسلحة وقوات أمننا، الشيء الذي كان له الأثر الإيجابي الكبير على استباق وتحييد بعض التهديدات الأمنية، كما تم تنفيذ خطة شاملة لـتأمين حدود البلاد من خلال استحداث نقاط عبور محددة، وإطلاق عملية التقييد السكاني بشكل مفتوح وشفاف ومجرد.

أما في مجال النفاذ إلى الخدمات الصحية، فتم بناء ثلاثة مستشفيات عامة في مقاطعات عرفات وازويرات واكجوجت، وثلاثة أخرى متخصصة في مجال طب الأم والطفل وأمراض القلب والاونكلوجيا، وإنشاء ثلاث مدارس جديدة للصحة العمومية في النعمة وسيلبابي وروصو، بالإضافة إلى تجهيز العديد من المستشفيات والمراكز الصحية بالمعدات الطبية المناسبة.

وفي مجال التهذيب والتكوين المهني والتعليم الجامعي، تم تأسيس جامعة جديدة للعلوم الإسلامية في لعيون ويتواصل تشييد المركب الجامعي في نواكشوط وإنشاء العديد من المعاهد العليا المتخصصة، بالإضافة إلى مدرسة متعددة التقنيات في نواكشوط ومدرسة للمعادن في اكجوجت ومدرسة للهندسة المدنية في ألاك وثانويات للامتياز ومراكز للتعليم التكنولوجي والفني في الولايات، كما تم تدريب العديد من الشباب في المجال الحرفي وفق احتياجات سوق العمل.
وتواصل الدولة جهودا حثيثة لشق الطرق وترميمها على عموم التراب الوطني، حيث هناك حوالي 1280 كيلومترا من الطرق المعبدة تم تنفيذها بالفعل منذ 2009 أو هي الآن في طور التنفيذ، كما أن هناك أكثر من 1400 كيلومتر من الطرق يجري التحضير لانطلاق العمل في إنجازها.

أيها المواطنون الأعزاء،
على غرار ما تم القيام به خلال السنتين الأخيرتين، فإن الدولة لن تتردد في تحسين الظروف المادية والمعنوية لأفراد الشعب، كلما سمحت الظروف المالية والاقتصادية للبلد بٍذلك، مع إعطاء عناية خاصة للفئات المحرومة.
وفي هذا الإطار، تم استحداث جملة من القوانين واتخاذ بعض الإجراءات، مكنت من التحسين الفعلي لأوضاع المواطنين. و بما أن غياب التخطيط العمراني، يشكل عائقا حقيقيا في وجه التنمية، فقد أشرفت الدولة على تأهيل أحياء الصفيح في نواكشوط، حيث زادت نسبة التنفيذ على 75 في المائة، ووصلت هذه النسبة إلى 95 في المئة في روصو واكتمل تنهائيا في نواذيبو، وانطلقت في كل من كيهيدي وازويرات واكجوجت. وتم تشييد تجمعات حضرية جديدة تستجيب لمتطلبات التنمية كامبيكت لحواش وترمسه، كما بدأ إنجاز تجمع يالشامي وبورات.

وفي سياق مشابه، تتقدم أشغال إعادة تشييد مدينة الطينطان، حيث تم توزيع 8000 قطعة أرضية سكنية وشق 27 كيلومترا من الطرق المعبدة وإنشاء 22 منشأة عمومية، تتعلق بالتعليم والصحة والماء والكهرباء وغيرها.
وعلى صعيد آخر، تواصلت "عملية التضامن 2011" وتمت مراجعة نظام المعاشات إنصافا للمرأة الموريتانية وللموظفين الذين تقاعدوا قبل سنة 2006، كما تم تعميم بعض العلاوات ورفع سن الاكتتاب في الوظيفة العمومية إلى أربعين عاما، و دمج العديد من الكفاءات الشبابية في الوظيفة العمومية وفي القطاعين الإنتاجي والخدمي.

وفيما يخص توفير الماء الشروب للمواطنين، تم تنفيذ مشروع آفطوط الساحلي مما مكن من حل مشكل الماء الشروب في نواكشوط، ويجري العمل على تنفيذ مشروعين آخرين لا يقلان أهمية، أحدهما مشروع بحيرة اظهر في ولاية الحوض الشرقي الذي سيزود النعمة وتمبدغه وعدل بكرو وتجمعات سكانية أخرى بالماء الشروب، ومشروع آفطوط الشرقي الذي سيغطي حاجيات مثلث الأمل انطلاقا منسد فم لكليته.

ونظرا للخصوصية الاستراتيجية لقطاع الزراعة، الذي شهد تسيبا منقطع النظير خلال الحقب الماضية، بذلت الدولة جهودا كبيرة لتنظيمه، حيث أسست شركة للمعدات الزراعية وارتفعت نسبة مردودية الحملة الزراعية بحوالي 39% مقارنة بمعدل السنوات العشرة الماضية. وتم تسييج 1000 كيلومتر لحماية مناطق الزراعة المطرية ،كما تم توزيع كميات كبيرة من البذور والأسمدة علي المزارعين، واستصلحت 1324 هكتارا خصصت ل 125 من حملة الشهادات العاطلين عن العمل، بطريقة شفافة.

إن العناية بالبيئة تشكل ضمانا لاستدامة الموارد الزراعية والرعوية وتنميتها، وفي هذا الإطار،تم إنشاء صندوق للبيئة وتشجير مئات الهكتارات في الولايات الداخلية، و يتواصل تنفيذ مشروع حماية مدينة نواكشوط من زحف الرمال، كما تواصلت عمليات البذر الجوي ومد الخطوط الواقية من الحرائق.

أيها المواطنون الأعزاء،
سعيا من الدولة إلى تنشيط الدورة الاقتصادية، تم تأسيس شركتين للنقل البري والجوي، حيث تزاولان مهامهما بانتظام. كما تمت العناية بقطاع الطاقة الكهربائية، فتم توسيع شبكة توزيع الكهرباء وإنارة جميع أحياء مدينة نواكشوط بما فيها أحياء الترحيل الجديدة، وأصبحت هذه الشبكة تغطي جميع المدن الرئيسية في البلاد، كما شملت -على وجه الخصوص- الطريق الرابط بين الغايرة وأشرم.

يشكل قطاع الصيد البحري رافدا رئيسيا للاقتصاد الوطني، وسعيا من السلطات العمومية إلى تأهيله، تم تعزيز الرقابة البحرية وفرض احترام فعلي لفترات الراحة البيولوجية ويتواصل بناء مصنع لتحويل الأسماك السطحية إلي منتجات نهائية أو شبه نهائية، بالتعاون مع جمهورية الصين الشعبية.

أما قطاع المعادن، فقد شهد انتعاشا ملحوظا تجسد في حضور مكثف لكبريات الشركات المعدنية العالمية وفي اهتمام متزايد للمستثمرين الوطنيين والأجانب. ومن أجل الرفع من المردودية المالية لمواردنا المعدنية، أصبحت الدولة مساهمة بشكل تلقائي بنسبة 10 في المئة في عمليات الاستغلال، ووصلت هذه النسبة إلى 30 في المئة في بعض الحالات، كما تمت زيادة معتبرة لمداخيل الخزينة العامة الواردة من القطاع.

وفي مجال الاتصال،وبعد إذاعة القرآن الكريم، تم إنشاء محطات إذاعية في جميع عواصم الولايات، وتحرير الفضاء السمعي البصري ، وربط البلاد بالكابل البحري، وإدخال تعديلات هامة على قانون الصحافة، بشكل يلغي عقوبة حبس الصحفيين ويمنحهم فضاء رحبا لأداء واجباتهم تجاه الأمة، في جو تطبعه الحرية والمسؤولية.

أيها المواطنون الأعزاء، تشكل الديمقراطية التعددية صمام الأمان لوحدة وأمن البلاد، كما تشكل إطارا ضروريا للتنمية الاقتصادية، وبناء عليه، فقد دعوت عدة مرات -كان آخرها السنة الماضية وبمناسبة نفس الذكرى السعيدة التي نحتفل بها اليوم-، الشركاء السياسيين إلى الانخراط في حوار سياسي وطني جامع، يجعل من المصلحة العليا لموريتانيا هدفه الأوحد؛وبتوفيق من الله عز وجل وبفضل الإرادة الصادقة لأبناء البلد الخيرين، انطلقت أشغال هذا الحوار وكللت بنجاح كبير، الشيء الذي أثبت نضج وجدارة الطبقة السياسية الموريتانية و وطنيتها؛ وتعكف لجنة مختصة على تنفيذ نتائج هذا الحدث السياسي الهام.

مواطني الأعزاء ، تعرضت منطقة الساحل -التي نحن جزء منها- هذه السنة لنقص حاد في معدل التساقطات المطرية، مما ستكون له انعكاسات سلبية على مستوى المحاصيل الزراعية والموارد الرعوية ومنسوب المياه الجوفية. وفي هذا الصدد، فإنني أستنهض فيكل مواطن موريتاني روح العمل والإخاء والتضامن، لنساعد بعضنا البعض كما يحثنا على ذلك ديننا الحنيف.
لقد اعتمدت الدولة خطة شاملة للتصدي للآثار السلبية التي ستترتب على هذه الوضعية الطارئة.

مواطني الأعزاء
إن تحديات التنمية المستدامة، تفرض علينا تصحيح العقليات وتوحيد الصفوف وصهر الطاقات، سبيلا إلى تحييد تراكمات الماضي السلبية والتصدي لإكراهات التغيرات المتلاحقة لعالم اليوم، فبذلك وحده نستطيع أن نضمن أمن بلادنا، ونعزز وحدتنا الوطنية، ونوفر ظروف عيش كريمة لمواطنينا، ونوسع فضاء الحريات العامة، ونؤمن مستقبلا كريما للأجيال الصاعدة.
عاشت موريتانيا حرة وكريمة والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.»