الصفحة الرئيسية > الأخبار > سياسة > معركة سياسية عنوانها الدستور تلوح في موريتانيا

معركة سياسية عنوانها الدستور تلوح في موريتانيا

الجمعة 27 آذار (مارس) 2015


حالة من الجدل السياسي والإعلامي تعيشها موريتانيا منذ تصريح محفوظ ولد بتاح، وهو قيادي في “المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة” المعارض، بامتلاكه لمعلومات وثيقة تفيد بسعي الرئيس محمد ولد عبد \العزيز إلى تعديل الدستور ليتثنى له الترشح لولاية رئاسية ثالثة في انتخابات 2019.
وهو جدل متصاعد تغذيه دعوات تطالب ولد عبد العزيز (59 عاما)، وهو ثامن رئيس لبلاده منذ استقلالها، بتمديد فترة بقائه في السلطة، وبلغت ذروتها خلال الحملة الدعائية للانتخابات الرئاسية، التي جرت العام الماضي، وفاز فيها ولد عبد العزيز بولاية ثانية بنسبة تزيد على 81% من أصوات المقترعين.
وفي بلد عربي فقير، يقطنه أكثر من 3.5 مليون نسمة ويعاني أزمة اقتصادية خانقة، تعج مواقع إخبارية محلية على شبكة الإنترنت بتقارير عن حرص ولد عبد العزيز، وهو سادس رئيس عسكري لمورتيانيا، على البقاء في السلطة وسعيه إلى طرح اقتراح عدم تقييد عدد ولايات الرئاسة للاستفتاء الشعبي في حال رفض المعارضة لهذه الفكرة أثناء حوار مرتقب لم يتحدد موعدا له بين السلطة والمعارضة.
ووصل ولد عبد العزيز إلى السلطة عام 2008 عبر انقلاب عسكري أطاح بالرئيس آنذاك محمد ولد الشيخ عبد الله، وانتخب في العام التالي رئيسا، ثم أعيد انتخابه في يونيو/ حزيران 2014، عبر انتخابات قاطعتها أطياف واسعة من المعارضة؛ احتجاجا على رفض السلطات الاستجابة لشروط متعلقة بالإشراف السياسي على الانتخابات، وحياد الجيش والأجهزة الأمنية، وإعادة النظر في مهام وعمل الوكالة المسؤولة عن الوثائق المدنية، والمجلس الدستوري الذي يعد الحكم في قضايا الانتخابات.
ورغم نفي الرئيس الموريتاني، في تصريحات صحفية قبل أيام، أي نية لديه لتعديل الدستور، يقول “المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة”، الذي يضم قوي سياسية ومدنية معارضة، إنه يرفض الدخول في أي حوار قد يتضمن التطرق إلى موضوع تعديل الدستور ليضمن استمرار نظام حكم أجرى انتخابات رئاسية وبرلمانية كرست هيمنته على المشهد السياسي.
ودعا زعيم حركة تحرير الأفارقة الموريتانيين (أفلام)، في تصريحات صحفية، القوي السياسية المعارضة إلى الوقوف صفا واحدا لمنع أي تعديل دستوري “محتمل” يسمح بتمديد بقاء ولد عبد العزيز في السلطة، معتبرا أن معركة حماية الدستور من أي “تلاعب” هي “أهم معركة أمام القوي الديمقراطية في البلاد”.
ولا يستبعد الصحفي والكاتب السياسي الموريتاني، محمد ولد الراجل، أن “يلجأ ولد عبد العزيز (الذي يعاني ظروفا صحية ناجمة عن إصابته بطلق ناري يوم 13 أكتوبر/تشرين الأول 2012) إلي تعديل الدستور، فضعف تأثير المعارضة المحلية، قد يُشجعه على التمديد لنفسه لفترات رئاسية أخرى”.
ويري ولد الراجل، في حديث مع وكالة الأناضول، أن “تنامي الدعوات الشعبية المطالبة بتعديل الدستور، والتي تقف خلفها في الغالب قوي تقليدية وسياسية ورجال أعمال لديهم مصالح مع النظام الحاكم، قد تكون الرافعة التي سيتكأ عليها ولد عبد العزيز للمضي في تعديل الدستور”.
غير أن الكاتب السياسي المورتياني يستبعد أن يتم تعديل الدستور في الفترة الراهنة، متوقعا “قيام النظام في الفترة القادمة بخطوة تصالحية، ولو بشكل مؤقت، لامتصاص غضب المعارضة ولتجاوز القطيعة السياسية، التي اتسمت بها المأمورية (الولاية) الأولي بين الطرفين”.
ويعتبر ولد الراجل أن “حالة تراجع الربيع العربي في المنطقة قد تكون من العوامل التي تدفع رأس النظام الموريتاني إلي القيام بتعديلات دستورية، مستفيدا من حالة النموذج الجزائري الذي يشبه النظام الحالي في نواكشوط في الكثير من ملامح نمط الحكم”.
فيما يرى مامدو كان، وهو أستاذ مادة القانون الدستوري في جامعة نواكشوط، في حديث مع وكالة الأناضول، أن “أي محاولة لتعديل المادة 29 من الدستور من أجل تمديد بقاء ولد عبد العزيز في السلطة ستدخل البلاد في حالة من اليأس السياسي من استحالة التداول السلمي للسلطة؛ ما يعرض البلاد للدخول في دوامة جديدة من الانقلابات أو الاضطرابات السياسية”.
وتنص المادة 29 من الدستور الموريتاني على أن يؤدي رئيس الجمهورية اليمين على النحو التالي: “أقسم بالله العلي العظيم ألا أتخذ أو أدعم بصورة مباشرة أو غير مباشرة أية مبادرة من شأنها أن تؤدي إلى مراجعة الأحكام الدستورية المتعلقة بمدة مأمورية رئيس الجمهورية وشروط تجديدها الواردة في المادة 28 من هذا الدستور”. وتنص المادة 28 على أنه “يمكن إعادة انتخاب رئيس الجمهورية لمرة واحدة”.
وقبل أسابيع، تقدمت الحكومة الموريتانية إلى أحزاب المعارضة بوثيقة من أجل عرض وجهة نظرها حول موضوع الحوار السياسي لتجاوز الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد منذ أربع سنوات.
وتتضمن الوثيقة، التي تعتبرها الحكومة أرضية للحوار، 15 نقطة من أهمها: بناء الثقة بين السلطة والمعارضة، وتنظيم انتخابات برلمانية وبلدية توافقية، ومنع تدخل الجيش في الأنشطة السياسية، ومحاربة الفساد، وتحقيق الشفافية في تسيير المال العام.
لكن “المنتدى الوطني للوحدة والديمقراطية” المعارض تحفظ على بعض نقاط مسودة الحوار، خاصة النقطة المتعلقة بتعديل السن القانوني للترشح للانتخابات، معتبرا ذلك مساسا بالدستور الموريتاني، الذي يجب أن يتم الإبقاء عليه بحاله، حسب بيان أصدره المنتدى.

الأناضول