الصفحة الرئيسية > الأخبار > الأولى > موريتانيا: "تواصل" أمام تحدّي توحيد المعارضة

موريتانيا: "تواصل" أمام تحدّي توحيد المعارضة

الخميس 6 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014


أبلغ المجلس الدستوري الموريتاني حزب "التجمّع الوطني للإصلاح والتنمية" (تواصل)، موافقته على مرشح الحزب الحسن ولد محمد، زعيماً لمؤسسة المعارضة، وذلك بعد أقلّ من 24 ساعة على اتهام قيادي في الحزب للمجلس الدستوري بـ "التقاعس عن ترسيم مؤسسة المعارضة كما ينصّ الدستور الموريتاني".

واختار المجلس الدستوري رئيس حزب "الوئام" بيجل ولد هميد، وعن حزب "التحالف من أجل العدالة والديمقراطية ـ حركة التجديد" سوده مامادو، أعضاء في مجلس الإشراف على مؤسسة المعارضة. وكشف المجلس عن اعتذار حزب "التحالف الشعبي التقدمي"، عن عدم تعيين ممثل له في مجلس الإشراف على مؤسسة المعارضة.

ويمنح الدستور الموريتاني زعيم المعارضة رتبة وزير في البروتوكول الرسمي، ويفرض على الرئيس لقاءه كل ثلاثة أشهر، وتقديم حصيلة له عن عمل الحكومة ويطلعه على الظروف العامة للبلد. وعلى الرغم من أن تسمية مرشح "تواصل" الحسن ولد محمد، لزعامة مؤسسة المعارضة، يندرج في سياق استحقاق دستوري نصّ عليه الدستور الموريتاني، إلا أن المراقبين أبدوا اعتقادهم بأن "نظام الرئيس ولد عبد العزيز، أراد بخطوة كهذه، أن يعطي إشارات إيجابية للإسلاميين بعد أشهر من شدّ الأعصاب والتوجس".

واعتبروا أن "الرئيس باشر في تطبيع العلاقة بين الطرفين بعد تظاهرات شهر مارس/آذار الماضي، وما أعقبها من إغلاق لبعض الجمعيات والمؤسسات المقرّبة من حزب تواصل، المحسوب على الإخوان المسلمين في موريتانيا، بحجة ضلوعه فيها".

ومع أن المجلس الدستوري ماطل لنحو السنة قبل ترسيم زعيم المعارضة الجديد، إلا أن "تواصل" حرص في الفترة الماضية على تبنّي خطاب أكثر اعتدالاً. وأعلن رئيس الحزب محمد جميل ولد منصور، مرات عدة عن استعداد حزبه للدخول في حوار مع النظام، في إطار شروط "منتدى المعارضة" لحلّ الأزمة السياسية في البلاد.

وتشير مصادر داخل "منتدى المعارضة"، إلى أن "حزب تواصل هو من بين الأحزاب، التي تدفع باتجاه قبول المنتدى بحوار مع النظام، يُفضي إلى حلّ الأزمة السياسية، الناجمة عن مقاطعة المعارضة الموريتانية للانتخابات التشريعية والرئاسية الماضية، في مقابل رفض بعض الأحزاب الأخرى داخل المنتدى، أي حوار مع النظام في ظلّ الظروف الحالية، وعلى رأسها حزب تكتل القوى الديمقراطية، بزعامة أحمد ولد داداه".

وقد وُلد زعيم المعارضة الجديد، عام 1969 وحصل على الإجازة في القانون الخاص من جامعة نواكشوط. ونشط في العمل السري منذ نهاية ثمانينيات القرن الماضي، وكان على قائمة المطلوبين الإسلاميين إبان اعتقالات 1994، خلال حكم الرئيس الأسبق معاوية ولد الطائع، وبعد سقوط الأخير في عام 2005، أسس مع رفاقه الإسلاميين، مبادرة "الإصلاحيين الوسطيين"، قبل أن يتمكنوا من الحصول على ترخيص لحزب "تواصل" عام 2007، خلال فترة حكم الرئيس السابق سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله.

رشّحه حزبه لزعامة المعارضة، بعد رفض المجلس الدستوري لملف رئيس الحزب محمد جميل ولد منصور، بسبب عدم امتلاكه منصباً انتخابياً، وهو الشرط الذي يضعه القانون للحصول على المنصب. وتربّع على رأس بلدية عرفات، أكبر بلديات العاصمة دورتين متتاليتين.

وكانت مشاركة "تواصل" منفرداً في الانتخابات التشريعية الماضية، أحدثت شرخاً في علاقته ببقية أحزاب المعارضة، الذين رأوا في قرار الحزب طعناً وشقّاً للمعارضة وخرقاً لميثاق منسقيتها. إذ لا تزال أغلب أحزاب المعارضة ترفض الاعتراف بالبرلمان الحالي، وتطالب بحلّه باعتباره "جاء في ظلّ انتخابات غير توافقية، تفتقر إلى الحدّ الأدنى من التوافق"، حسب ما تؤكد. غير أن "تواصل" عاد إلى إجماع المعارضة من جديد، وقاطع الانتخابات الرئاسية التي جرت في شهر يونيو/حزيران الماضي، مع بقية أحزب المعارضة باستثناء حزب "الوئام".

وأوجد نجاح "تواصل" في الحصول على منصب زعيم المعارضة، حساسيات مع حزب "التكتل" بزعامة أحمد ولد داداه، الذي يُعدّ قائداً تاريخياً للمعارضة الموريتانية منذ عام 1991. وهذا ما يجعل السؤال ملحاً عن طبيعة العلاقة مستقبلاً بين أحزاب المعارضة وزعيم المعارضة الدستوري. فهل سينجح الحسن ولد محمد في إعادة توحيد المعارضة الموريتانية، لتتجاوز الحساسيات والخلافات بين فرقائها، وهل سينجح في إعطاء زخم جديد لمؤسسة المعارضة بعد سنوات من الركود والتهميش؟ الأيام ستُكشف ذلك.

المصدر : "العربي الجديد"