الصفحة الرئيسية > الأخبار > سياسة > «النظام الرئاسي هو الأنسب في موريتانيا لتحصين الديمقراطية»

«النظام الرئاسي هو الأنسب في موريتانيا لتحصين الديمقراطية»

الاثنين 14 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011


أكد محمد محمود ولد محمد الأمين، رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم في موريتانيا، أن النظام الرئاسي هو الأنسب للبلد.

ودافع ولد محمد الأمين، في مقابلة خاصة مع صحراء ميديا، عن موقف حزبه خلال الحوار الأخير مع بعض أحزاب المعارضة، وقال إنه جاء مراعاة لطبيعة التحديات التي يواجهها البلد، ولما تستلزمه التنمية ومقتضياتها من استقرار سياسي يحصن النظام الديمقراطي، في دولة الحق والقانون، "ضد سلبيات التجاذب السياسي وتنازع الصلاحيات"؛ بحسب تعبيره.

وأكد رئيس الحزب الحاكم في موريتانيا أن حزبه دافع عن احتفاظ وزارة الداخلية بجزء كبير من صلاحيات تنظيم الانتخابات، وأنه كان مصرا على تنظيم انتخابات حرة وشفافة، تكون نتائجها مرضية للجميع.

وقال إنه قد تم تبني مقترحات الحزب المتعلقة بضرورة توظيف القدرات الفنية للإدارة في عملية تحضير الانتخابات، من خلال التوصية باستحداث إدارة عامة بوزارة الداخلية، تضم جميع المصالح ذات الصلة، وتكلف بدعم المسلسل الانتخابي، بما في ذلك إعداد السجل الانتخابي وجمع وتحليل المعلومات.

وأشار ولد محمد الأمين إلى إن استمرار وصاية الداخلية هو بسبب تشعب وتعقيد التحضيرات الكفيلة باحترام تلك المبادئ والمنطلقات، واستخلاصا للدروس من التجارب الانتخابية الماضية، وحرصا على أن تجري الاستحقاقات في جو من التفاهم والشفافية المطلقة، وفي الآجال المحددة.

وأضاف :"رأينا أن وزارة الداخلية هي الوحيدة القادرة على إنجاز تلك المهام، بشريا ولوجستيا، وبالتنسيق الكامل مع هيئة مستقلة للانتخابات، ذات صلاحيات رقابية واسعة على مختلف مراحل العملية".

وحول اعتماد توصية أثناء الحوار تقضي بأن يكون زعيم المعارضة الديمقراطية منتخبا وما إذا كانت استهدافا لزعيمها الحالي أحمد ولد داداه، قال إن كون زعيم مؤسسة المعارضة منتخبا سيضفي عليها مزيدا من المشروعية وسيكون سندا ودافعا لأدائها المؤسسي، وأن ذلك هو المتبع في الدول التي تعتمد هذا النظام.

ورفض ولد محمد الأمين تحديد هل أطراف المعارضة هي التي اقترحت التعديل أم الأغلبية، قائلا :"حينما يتنادى الفرقاء إلى مائدة الحوار، فإن ما يصدر عن تلك المائدة من توصيات يكون معبرا عن آرائهم وقناعاتهم المشتركة، بغض النظر عن مصدر تلك الأفكار".

وقال رئيس الحزب الحاكم إن تجديد الطبقة السياسية لا يتحقق بقرار يتم اتخاذه، بل هو عملية تلقائية وتطور طبيعي تقتضيه سنة الحياة، مؤكدا اهتمام حزبه بذلك.

وأشار إلى أن الحزب ما فتئ يُزود الحكومة بالاستشارات الضرورية، غير أنه أضاف انه لا وجود لأزمة اقتصادية في موريتانيا، مطالبا بضرورة المحافظة على المكاسب.

وتحدث ولد محمد الأمين خلال المقابلة عن قضايا إقليمية كالموقف من تطورات العلاقات مع السنغال، ومستقبل اتحاد المغرب العربي، وقضية الصحراء، ومقتل القذافي.

نص المقابلة :

السيد الرئيس، لو بدأنا اللقاء بسؤال عن مغزى انتداب رئيس الجمهورية لأحد وزرائه ممثلا عنه في الحوار، بدلا من إسناد المهمة إلى الحزب الحاكم الذي ترأسونه؟

أشكر موقع صحراء ميديا على إتاحة هذه الفرصة، وبخصوص السؤال فإنه، ومع أن وزير الدولة الذي انتُدب من طرف رئيس الجمهورية، هو مناضل في حزب الاتحاد من أجل الجمهورية؛ والمتتبع لمنهجيتنا في أدائنا السياسي، يدرك مدى حرصنا على تجاوز سياسية اختزال الحزب في رئيسه، فرئيس الحزب هو المضاف وليس العكس. ولقد كانت بعض الأطراف المشاركة في الحوار تفضل أن يتم تمثيل مؤسسة الرئاسة بشكل مستقل عن أطراف الحوار من الأغلبية والمعارضة، الشيء الذي لم نر منه مانعا.

بحسب تسريبات من داخل أروقة الحوار، استمات حزبكم وحلفاؤه في الأغلبية في رفض المساس بصلاحيات رئيس الجمهورية، وفي الحرص على تسيير وزارة الداخلية للانتخابات... ماذا كنتم تخشون؟

إن موقف حزبنا حيال هذه القضايا، ينطلق من وعينا العميق بالتحديات التي تواجه بلادنا، على مختلف الصُعد: الاجتماعية والسياسية والأمنية، وذلك على غرار نظيراتها في بلدان العالم الثالث، بالنظر إلى حداثة تجاربها الديمقراطية ومحدودية مستوى الثقافة المدنية لشعوبها؛ ومن هذا المنطلق جاءت قناعتنا بأن النظام الرئاسي هو الأنسب لبلادنا، مراعاة لطبيعة التحديات التي تواجهها، ولما تستلزمه التنمية ومقتضياتها من استقرار سياسي يحصن النظام الديمقراطي، في دولة الحق والقانون، ضد سلبيات التجاذب السياسي وتنازع الصلاحيات.

وفيما يخص الجزء الثاني من السؤال، فلقد كان الاتحاد من أجل الجمهورية صريحا كعادته في التعبير عن حرصه على تنظيم انتخابات حرة وشفافة، تكون نتائجها مرضية للجميع. ولقد تم تبني مقترحاته المتعلقة بضرورة توظيف القدرات الفنية للإدارة في عملية تحضير الانتخابات، من خلال التوصية باستحداث إدارة عامة بوزارة الداخلية، تضم جميع المصالح ذات الصلة، وتكلف بدعم المسلسل الانتخابي، بما في ذلك إعداد السجل الانتخابي وجمع وتحليل المعلومات.

ونظرا لتشعب وتعقيد التحضيرات الكفيلة باحترام تلك المبادئ والمنطلقات، واستخلاصا للدروس من التجارب الانتخابية الماضية، وحرصا على أن تجري الاستحقاقات في جو من التفاهم والشفافية المطلقة، وفي الآجال المحددة، رأينا أن وزارة الداخلية هي الوحيدة القادرة على إنجاز تلك المهام، بشريا ولوجستيا، وبالتنسيق الكامل مع هيئة مستقلة للانتخابات، ذات صلاحيات رقابية واسعة على مختلف مراحل العملية.

اتهمت الأطرافُ المشاركة في الحوار بتفصيل مقاسات لمنصب زعيم المعارضة الديمقراطية، لا تناسب زعيمها الحالي أحمد ولد داداه ... هل تم طرح الفكرة من قبلكم؟ ..أم أن المعارضة المشاركة هي التي طرحتها؟

حينما يتنادى الفرقاء إلى مائدة الحوار، فإن ما يصدر عن تلك المائدة من توصيات يكون معبرا عن آرائهم وقناعاتهم المشتركة، بغض النظر عن مصدر تلك الأفكار؛ ومؤسسة زعيم المعارضة هي من الأهمية بمكان، نظرا للدور المطلوب منها في تعزيز المسار الديمقراطي، وإيجاد التوازنات المؤسسية الضرورية. ولقد نص الاتفاق على المحافظة على الوضعية القانونية لهذه المؤسسة، بحيث تبقي من نصيب الحزب المعارض الحاصل على أكبر عدد من النواب في الجمعية الوطنية، لكن مع اشتراط أن يكون زعيم المعارضة منتخبا، كما هو الحال في أغلبية البلدان التي تعتمد نظام مؤسسة المعارضة الديمقراطية. ولا شك أن كون زعيم مؤسسة المعارضة منتخبا سيضفي عليها مزيدا من المشروعية وسيكون سندا ودافعا لأدائها المؤسسي.

في حملته الانتخابية تعهد الرئيس بتجديد الطبقة السياسية... وكلف مجموعات شبابية بتشكيل حزب مساند...كيف تنظرون إلى الخطوة، وما مدى تأثيرها على الحركة الشبابية داخل حزبكم؟

لا جدال في أن التجديد في الطبقة السياسية هو هدف نبيل، وما لا شك فيه أيضا أن هذا التجديد لا يتحقق بقرار يتم اتخاذه، بل هو عملية تلقائية وتطور طبيعي تقتضيه سنة الحياة، وإنما يستحق هذا التجدد الرعاية والتأطير، وفقا لما هو مطلوب، كما ونوعا، وذلك باتخاذ جملة من التدابير يأتي في أولويتها استيعاب القدرات الشابة ذات الكفاءة والطموح، مع الاتكاء- في الوقت نفسه- على الرصيد من ذوي الخبرات والكفاءات والتجارب الناجعة.

ولقد اتخذ حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، من هذه الرؤية، بعدا جوهريا جسدته المكانة التنظيمية السامية للشباب في الهرم الحزبي، والنسبة المخصصة لهذه الشريحة في الدوائر التنظيمية، والتي تصل في حدها الأدنى إلى 23%، وما يوفره الحزب لهذه الفئة من برامج تستجيب لتطلعاتها وإمكاناتها وقدراتها الحقيقية.

وبطبيعة الحال، فإننا في الاتحاد من أجل الجمهورية، نرحب بأي مفردة سياسية جديدة، وخاصة إذا ما اتخذت موقعها ضمن القوى المساندة والداعمة لبرنامج رئيس الجمهورية، لكن بشرط أن تشكل تلك المفردة إضافة نوعية للساحة السياسية الوطنية.

كيف تقيمون التحديات التي ستواجهكم، كحزب حاكم، في الانتخابات التشريعية والمحلية المقبلة، في ظل ما يمكن تسميته بإصلاحات الحوار؟

نحن نعتبر، بصورة عامة، أن أي استحقاقات في بلد يتمتع مواطنوه بحرية الاختيار، يمثل تحديا لا يستهان به لأي حزب، مهما كان؛ والحوار وما تمخض عنه، لا يؤسسان لهذه الحقيقة، وإنما يعززانها من خلال ما تم التوصل إليه من تحسينات نوعية على مستوى العملية الانتخابية، والتي سنتقدم إليها بكل طمأنينة على مكانتنا في المقدمة.

وتعزز تلك الثقة في المحافظة على المكانة الريادية في الساحة الوطنية، وعلى تصدر المواقع الأولى برلمانيا ومحليا، جملة من العوامل، في مقدمتها تغطية هياكلنا القاعدية لكافة الدوائر على امتداد التراب الوطني؛ وانبثاق تلك الهياكل عن عمليات انتساب وتنصيب شفافة قائمة على نهج التشاور؛ فضلا عن اعتمادنا - كحزب حاكم- على ما تحقق من إنجازات لفائدة الموريتانيين جميعا، والشرائح الأكثر تهميشا على وجه الخصوص.

هل يشكل دنو الشتاء حاجزا دون وصول الربيع العربي إلى موريتانيا بعد تراجع من باتوا يعرفون بشباب 25 فبراير... وكيف تنظرون إلى فوز حركة النهضة الإسلامية في تونس؟

لقد كانت قناعتنا منذ البدايات الأولى لما تشهده بعض البلدان العربية من أحداث عرفت بـ"الربيع العربي" هي أن تلك الأحداث لا تعنينا في شيء، نظرا لاختلاف واقعنا الوطني عن تلك البلدان من مناح شتى؛ ذلك أن لدينا دستورا يكفل الحريات الفردية والجماعية، ومؤسسات منتخبة ديمقراطيا، وقد خرجنا للتو (2009) من انتخابات رئاسية شفافة، كانت ثمرة لانفراج أزمة سياسية حادة.

في بلادنا، خلافا للعديد من أشقائنا وجيراننا في العالم العربي، لا وجود لسجناء الرأي، ولا وجود لأي إقصاء سياسي، فحرية التعبير مصانة، ولدينا أحزاب سياسية بلا حدود، وصحافة مستقلة بلا حدود، ومنظمات مدنية بلا حدود، وحرية نقابية بلا حدود، وتأمين صحي يتوسع يوما بعد يوم، وبرامج بالمليارات لرعاية الفقراء والمهمشين، ونخوض حربا لا هوادة فيها على الفساد والمفسدين، ونولي فئات الشباب والنساء عناية متميزة.

ولقد نجحنا مؤخرا في تنظيم حوار سياسي شامل بين فرقاء الساحة من أغلبية ومعارضة، ودون محاذير أو سقوف أو حدود، وخرجنا منه باتفاق تاريخي لا نظير له في المنطقة، يعزز نهجنا المتفرد؛ وذلك هو الحصن الحصين الذي حمانا بتوفيق الله من مثل تلك الهزات التي عصفت، وما زالت تعصف بأنظمة دكتاتورية عاتية، مارست القمع ضد شعوبها. ولقد كانت الرؤية الاستشرافية لرئيسنا المنتخب ولنخبنا السياسية الوطنية، جدارا منيعا دون ما تسمونه ربيعا أو شتاء عربيا.

أما فيما يخص الشقيقة تونس، فإننا نبارك لها اختياراتها الديمقراطية، ونتمنى لها ولغيرها من البلدان الشقيقة، التوفيق في بناء المؤسسات الديمقراطية التي تجسد إرادة الشعوب في الرخاء و الديمقراطية والأمن والاستقرار.

كيف ترون تأثير ارتفاع الأسعار على القوة الشرائية للطبقة الفقيرة التي انتخبت الرئيس على أساس برنامج منحاز للفقراء؟

ارتفاع الأسعار ظاهرة عالمية، تصطلي بنارها مختلف الأمم والشعوب، وتقف خلفها مجموعة من العوامل، منها ما يتعلق بارتفاع أسعار النفط وتأثيرات ذلك على النقل والمحروقات، ومنها ما يتعلق بتراجع المحصول الزراعي العالمي، نتيجة الاضطرابات المناخية (الجفاف - الفيضانات)؛ وعلى الرغم من ذلك، فإن الحكومة باشرت - بتوجيهات من رئيس الجمهورية- سياسة شاملة تهدف للحد من تأثيرات هذه الظاهرة على القدرات الشرائية للمواطنين، والتصدي لتداعيات العجز في الأمطار وانعكاساته المحتملة على السكان والثروة الحيوانية، وذلك من خلال برامج مختلفة (عمليات رمضان - برنامج التضامن2011 وكذالك برنامج أمل 2012 الذي يجري التحضير له بعد العجز الملحوظ في منسوب الأمطار لهذه السنة).

والاتحاد من أجل الجمهورية، باعتباره أداة جماهيرية للسلطة، ما فتئ يُزود الحكومة بالاستشارات الضرورية، ويضعها في الصورة الكاملة للظروف العامة للسكان، من خلال الحملات التحسيسية التي ينظمها، والتقارير الدورية لهياكله التنظيمية في مختلف مناطق البلاد، والتي ترفع بدورها إلى الجهات التنفيذية المعنية لتباشر تحليلها، وتجد الحل المناسب للمشاكل التي تحيل إليها.

أكد الرئيس، في لقاء الشعب الأخير، أن الخزينة العامة والبنك المركزي لديهما فائض في العملة الصعبة ... وأكد وزير اقتصاده للنواب أن البلد يمر بأحسن فترة انتعاش اقتصادي عرفها عبر تاريخه، فما هي أسباب انحسار مستوى السيولة والأزمة الاقتصادية التي يعيشها المواطنون إذن؟

في الحقيقة لا وجود لأزمة اقتصادية في البلد، هنالك موجة عامة من ارتفاع الأسعار، مثلما أشرت إليه آنفا، وهناك إرادة قوية وعملية وقادرة على التصدي لانعكاسات ذلك الارتفاع. وما تحدث عنه فخامة رئيس الجمهورية في لقاء الشعب الأخير هو حقيقة موجودة فعليا، وليس دعاية ولا تضليلا إعلاميا، وهو ما أكده وزير الاقتصاد والتنمية، وعززته شهادة مؤسسات الدعم المالي الدولية أخيرا، والتي اعترفت بوجود نمو اقتصادي بنسبة 5% خلال السنة الحالية، وأكدت ثقتها في تعزيز هذا النمو خلال السنة المقبلة، رغم الجفاف وتداعياته المحتملة.

ماذا أعددتم لمواجهة الانعكاسات السلبية للجفاف المرتقب الناتج عن نقص الأمطار؟

نحن حزب جماهيري، لصيق بهموم شعبه ومناضليه، يتحسس مشاكله ويسعى لإيجاد الحلول الملائمة والسريعة لها؛ وانطلاقا من هذه المميزات، فقد كان وما يزال وسيظل في طليعة العاملين على التنفيذ المحكم والجاد لأي برنامج ترسمه السلطة التنفيذية من أجل التحسين من وضعية المواطنين، كما هو دائما في الطليعة لمساندة الدولة والإدارة في العمل على تحقيق تلك البرامج، من خلال وضعه لكل طاقاته وإمكاناته في خدمتها، سبيلا إلى تحقيق خططها وتوجهاتها الهادفة إلى تحسين ظروف المواطنين ووضعيتهم العامة.

يؤكد الاتحاد من أجل الجمهورية، في أكثر من مناسبة، على انتساب قاعدة شعبية عريضة للحزب... ورغم ذلك نرى الإقبال على الإحصاء الإداري المثير للجدل دون المستوى بكثير، فهل يمكن ربط ضعف الإقبال بخلل في التعبئة الحزبية؟

الإحصاء الإداري إجراء وطني يستهدف ضبط الحالة المدنية الموريتانية، بعد عقود من الفوضى والتسيب، ومن أبرز نتائجه إصدار وثائق وطنية مؤمنة لكل الموريتانيين، بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية والجهوية والعرقية؛ وانطلاقا من ذلك، فإن الاتحاد من أجل الجمهورية يضع نصب عينيه، فيما يتعلق بهذا الإحصاء، تلك الغايات والأهداف الوطنية، ولذلك كان مجهوده التعبوي ولا يزال مركزا على إبراز هذه الأبعاد الوطنية، محاولا ما وسعه ذلك إبعاد الاعتبارات الحزبية وكل ما من شأنه أن يثير الحساسيات، حول هذا المشروع الوطني الهام؛ وإن كان قد كرس مجهودا مضاعفا للتصدي للحملات المغرضة التي استهدفت النيل من الأهداف الكبرى لهذا الإجراء.

ومن وجهة نظرنا، فإن نسبة الإقبال تعتبر مقبولة إذا ما وضعنا في الحسبان جدية الإجراءات المتبعة ودقتها، وحرص القائمين عليها على أن تخضع لمعايير الجودة والأمان المطلوبة منها، فضلا عن اتساع الفترة المخصصة لاستكمالها والتي لا ترتبط بمواعيد انتخابية بقدر ما تنشد إنجاز حالة مدنية سليمة مؤمنة وذات مصداقية لكل الموريتانيين.

تشهد عملية تأهيل الأحياء العشوائية تجاوزات كبيرة، من قبيل عدم إحصاء بعض الأسر التي شبت وترعرعت في تلك الأحياء، فهل فكر الحزب في محاولة إنصاف تلك الأسر التي تقذفها عملية شق الطرق ومنح القطع الأرضية، إلى المجهول؟

دعونا في البداية نثمن الانجازات المعتبرة التي تحققت في مجال القضاء علي أحياء الصفيح وأحزمة البؤس التي ظلت طيلة العقود عصية على الأنظمة السابقة. لقد اكتمل هذا البرنامج الوطني في انواذيبو، و هو اليوم في مراحل متقدمة على مستوى نواكشوط، ومن المهم التذكير بذلك حتى لا تكون النواقص التي أشرتم إليها بمثابة الشجرة التي تحجب الغابة.

لقد تعهد فخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز، شخصيا، أمام ساكنة هذه الأحياء، ومع انطلاق هذه العملية، تعهد بإنصاف الجميع، وبأن الدولة ستمكن كل أسرة موريتانية من الحصول على ما يمكنها من بناء مسكن في محيط يتمتع بكل مقومات الحياة اللائقة من طرق وكهرباء وماء ومدارس... وتحظى مجريات العملية باهتمامه البالغ ومتابعته الدقيقة.

والإتحاد من أجل الجمهورية، وانطلاقا من مساندته لبرنامج رئيس الجمهورية، ظل وسيظل يعمل على تجسيد برنامج السكن الاجتماعي هذا، حتى تتوفر كل أسرة على سكن لائق لها ولأبنائها؛ لكن عملية بهذه الضخامة والشمولية لن تمر دون نواقص هنا أو هناك، خصوصا أنها تستهدف إنهاء الفوضى في مجال لم يعرف سوى الفوضى من قبل؛ وهي عملية تواجه حملة تشكيك موازية ومغرضة ومكثفة، شأنها في ذلك شأن غيرها من القضايا الوطنية الكبرى والجوهرية، كتصفية الإرث الإنساني ومحاربة الفساد وإعادة المبعدين...

كيف تفسرون ظاهرة الاعتصام التي ينفذها موظفو وعمال القطاعين العام والخاص ومواطنون عاديون أمام المباني الحكومية للمطالبة بما يصفونه بالحقوق المشروعة؟

نحن ننظر لهذه الظاهرة من زوايا متعددة، فهي- من جهة- تعبر عن حيوية اجتماعية مهمة وتحولات إيجابية، حيث يتم التعبير عن المطالب المشروعة بصورة منظمة وسلمية، من خلال أطر وهياكل مدنية حديثة، من نقابات ومجتمع مدني وغيره. وهي- من جهة أخرى- تترجم رحابة الفضاء الناظم للحريات العامة في بلادنا، واستفادة مختلف قواها الحية منه. صحيح أنه كان ينتظر من بعض النقابات وقادة الرأي تفهم وتقدير الظروف العامة التي تمر بها البلاد، وانعكاسات حالة الكساد العالمية عليها، فيما يتعلق ببعض الآراء المطلبية، ولكن في النهاية لا ضير في أي تحرك إذا ما كان سلميا وفي إطار القانون.

ما هي تصوراتكم كحزب حاكم لتعزيز إتحاد المغرب العربي... وما هي المعوقات؟

اتحاد المغرب العربي مطلب حضاري تبرره الهموم المشتركة لشعوب المنطقة، وتعززه العوامل المشتركة من دين وثقافة وتاريخ ومصير مشترك، وهو إضافة إلى ذلك ضرورة تنموية وتكاملية، تمليها الظروف الدولية الراهنة لتحقيق الاندماج الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، في عصر لم تعد العولمة فيه تمنح للكيانات الصغرى مكانة للعيش منفردة. ومسؤولية انجاز اتحاد المغرب العربي لا تقع على الحكومات وحدها، بقدر ما تقع على الشعوب ممثلة في الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني وقادة الفكر والرأي.

ونرى أن من أهم المعوقات التي تعترض مسار هذا الاتحاد، النزاع الدائر حول الصحراء الغربية، إضافة إلى التحديات الأمنية المتمثلة في الإرهاب والجريمة المنظمة وغيرها... وهي على كل حال معوقات ليست بالعصية على التجاوز، إذا ما توفرت الإرادة الصادقة لدى قادة بلدان الاتحاد وشعوبها.

ما هو موقفكم من قضية الصحراء... وما هي أنجع السبل لوضع حد للنزاع؟

نعتبره نزاعا مؤسفا بين الأشقاء، ونرجو من الله أن يقود أطرافه إلى الوصول فيه إلى تسوية عاجلة وعادلة، بما يسمح باستتباب الأمن وتوفير الأجواء الملائمة لإحداث التنمية ونزع فتيل التوتر من المنطقة، ونعتبر أن التفاوض المباشر بين طرفي النزاع برعاية الأمم المتحدة هو أنجع السبل للتوصل إلى تسوية نهائية لهذا النزاع المؤلم.

كيف تنظرون إلى التطورات السياسية في السنغال وانعكاساتها على العلاقات مع موريتانيا؟

تربط الشعبين الموريتاني والسنغالي وشائج قوية نسجتها أواصر الدين والقرابة والجوار، بغض النظر عن أي شيء آخر، والدولتان ترتبطان بعلاقات متينة قائمة على حسن الجوار واحترام السيادة الوطنية وتطوير العلاقات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في شتى المجالات المشتركة خدمة لشعبيهما؛ وأعتقد أن القناعة راسخة لدى الطرفين بضرورة المحافظة على هذه المكاسب، بل وتطويرها بغض النظر عن التطورات الداخلية لأي منهما أو التدخل في شؤونه.

كيف تقيمون الدستور المغربي الجديد والتطورات السياسية الجارية في المغرب... وهل استلهمتم بعضا من جوانبه المتعلقة بالحكومة والبرلمان خلال جلسات حواركم مع بعض أحزاب المعارضة؟

المغرب بلد شقيق مهم، ونحن نقدر عاليا التطورات التي مر بها ويشهدها، ونعتقد أن الخطوات التي أقدم عليها تمثل استجابة كبيرة لطموح شعبه وإرادة صادقة من سلطاته للنهوض بأوضاعه العامة، ونتمنى له ولغيره من البلدان الشقيقة المزيد من التقدم والازدهار.

ومع تقديرنا للتجربة المغربية، وغيرها من التجارب البشرية الموفقة التي هي مدعاة للاستلهام، إلا أن إرادتنا الوطنية، وقدراتنا الخلاقة على الابتكار والاستشراف، تظل سندنا الأبرز ودافعنا الأقوى لتحقيق النجاحات والمكاسب المبرهنة على خصوصيتنا المتميزة.

ما هي الخطوات التي تعتزمون القيام بها لتحسين صورة الموريتانيين مستقبلا في ليبيا، بعد اتهام بعضهم بمساندة كتائب القذافي، ورفض الحكومة الاعتراف بالمجلس الانتقالي؟

أود أولا أن أأكد أن دور الموريتانيين في الأحداث التي شهدتها ليبيا خلال الأشهر الماضية، كان مبالغا فيه، وقد تعرض لتضخيم إعلامي مقصود وغير مبرر. ثم إن التطورات في هذا البلد الشقيق اتخذت منحى كلف الشعب الليبي تضحيات مؤلمة وجروحا عميقة، أعتقد وأرجو أنها ستكون دافعا لتجاوز تبعاتها، والابتعاد أكثر عن روح الانتقام والثأر، والانطلاق بسرعة نحو مستقبل ليبيا المشرقة المتسامحة المشيدة للمؤسسات المنبثقة عن إرادة الشعب، والمتفرغة لتنمية البلاد واستغلال مواردها بنجاعة في خدمة أهدافها النبيلة.

ولقد كنا سباقين في الاتحاد من أجل الجمهورية، إلى الدعوة إلى ضرورة تمكين الشعب الليبي الشقيق من تحقيق طموحه في الحرية والديمقراطية، كما نص علي ذلك البيان الذي أصدره حزبنا بتاريخ 22/08/2011. وكما تعلمون فإن موريتانيا كانت ترأس لجنة منتدبة من الاتحاد الإفريقي مكلفة بالبحث عن مخارج سلمية للأزمة الليبية، وفي هذا السياق كانت مواقفها منسجمة مع ما تقضيه مأموريتها من احتياط دبلوماسي.

هل فرحتم بمقتل القذافي؟

لا أتصور أن يكون مقتل أي كان مصدر فرح لأي كان، و أعتقد أن ما حدث لم يكن مرضيا، حتى بالنسبة للثوار الليبيين أنفسهم، وهو عمل فردي بكل تأكيد، قد تكون الأجواء السائدة غير المواتية مسئولة عنه أكثر من غيرها، وأتمنى للشعب الليبي أن يضع كل الأحداث وراء ظهره، وأن يفتح صفحة جديدة عنوانها الاستقرار والأمن وبناء مؤسسات الدولة وخدمة المواطن الليبي.

أجرى الحوار: سيدي محمد ولد يونس
صحراء ميديا