الصفحة الرئيسية > رأي > الفيسبوكيون والفيسبوكيات في موريتانيا...

الفيسبوكيون والفيسبوكيات في موريتانيا...

الخميس 14 حزيران (يونيو) 2012


بقلم : عائشة بنت اباه

اكبر أمة بعد الصين والهند ؛ ستمائة مليون شخص ينتمون إليها..ثقافات متعددة... لغات مختلفة .... من جميع أنحاء العالم تتكون "امة الفيسبوك"...."امة" لا تقوم على دين ولا وطن وإنما أساسها "الصداقة" الكل يبحث عن صديق ويريد أن يصبح صديقا.

وقديما قيل "الصديق أخ لم تلده أمك" ومن المعروف أن الأخوة من اقوي العلاقات الإنسانية وأكثرها وفاءا

يقول مصطفى صادق الرفاعى "..الصديق الحقيقي: هو الذى إذا غاب عنك أحسست أنك قد فقدت جزءً من جسدك وإذا عاد أحسست ذلك الجزء قد عاد إليك" لكن الصديق الفيسبوكي ليست لديه نفس المواصفات الموجودة عند الصديق المعروف فهو فقط "ذاك الذي يكتب على صفحتك او يعلق على منشوراتك"........

والمبدأ واحد هو "التواصل الانساني" .....

الفيلسوف والمفكّر الألماني المعاصر " إرنيست كاسيرر" اعتبر أن الإنسان حيوان تواصلي.

وفي علم النفس يعتبر "التواصل تفاعل الذات مع نفسها" لذلك كان لكل مجتمع شبكاته الخاصة داخل حيز الفيسبوك الافتراضي.. ولكل مجتمع ظواهره "الفيسبوكيه"...وربما سيكون اشهرها "ظاهرة الثورة"...

وربما بسبب ظاهرة" الانتشار الثقافي" تتزايد يوميا عدد الموريتانيين المنتمين" لأمة الفيسبوك"

عدد المستخدمين : 52780 يشكلون نسبة : 1.65% من سكان البلد حسب موقع socialbakers المتخصص في الاحصائيات الخاصة بفيسبوك. وهي احصائيات يومية...

مشكلين أيضا شبكاتهم الاجتماعية حاملين ثقافتهم التي وصفت دائما بقوة جهازها المناعي...

واغلب هؤلاء المنتمون هم من فئة الشباب التي تشكل نسبة 72% من المجتمع الموريتاني.

نسبة المستخدمين اللذين تتراوح اعمارهم بين 13 حتى 44 سنة 94%.

يتردد اغلبهم يوميا على الفيسبوك وقد يصل البعض لدرجة الإدمان أي معدل 6 ساعات يوميا.

وتعتبر ظاهرة "التخفي" من ابرز الظواهر التي نتجت عن التفاعل الاجتماعي داخل الشبكة الموريتانية

فالكثير من الشخصيات داخل الفيسبوك تستخدم أسماء مستعارة وصور مستعارة وقد تكون شخصيات وهمية لا وجود لها في الواقع يديرها اشخاص من وراء ستار الحاسوب... فالفيسبوك يمكنك من إنشاء شخصية وأكثر حسب رغبتك...فهي عملية تشبه الي حد كبير عملية الاستنساخ الجزيئي ......

يتساءل البعض لماذا يتخفى البعض ؟ وهل هم مصابون بانفصام الشخصية؟

في راي السيد ولد اباه انه "في مجتمع القمع الاجتماعي شبكة "الفيس بوك"، هي مظهر جديد لصياغة الهوية الذاتية والتعبير عنها" .....فمن خلال التخفي يتحرر الشاب او الفتاة من الرقابة الاجتماعية القمعية

و لان المستخدم ايضا يبحث عن هويته الذاتية او يحاول ان يجسدها من خلال النشاطات والمعلومات المتاح التحكم فيها. يفضل اغلب المستخدمين المتخفين فتح حساب ثاني او ثالث.. يكون مصدرا لهويتهم...أو تجسيدا لشخصيات دفينة داخل "اللاوعي" لديهم.

وفي راي الصحفي والكاتب الشيخ ولد سيدي عبدالله " فإن المزايا التواصلية التي يمنحها افيسبوك جعلته ميدانا للتحرر النفسي والروحي خصوصا في موريتانيا، فبعد ان عجزت الهواتف عن تلبية رغبات البعض في التحرر من عادات وتقاليد اجتماعية معينة جاء الفيس ليمنح الرجل – مثلا – فرصة النقاش والحوار مع نساء ما كان ليلتقيهم في الواقع، والحال نفسه مع بعض الفتيات."

ومن الشائع استخدام بعض الشباب لأسماء وصور نسائية , ربما بعض الرجال يريد أن يجرب الحياة في ثوب امرأة ..او هي محاولة للفت الانتباه الي الأفكار والملاحظات المنشورة من قبل المستخدم المتخفي

لان الفتاة مازالت مثيرة للانتباه داخل عالم الانترنت بسبب الأفكار السائدة عن "طافلات الانترنت"

ففي المجتمع الموريتاني يعتبر استخدام الفتيات للانترنت محدودا والمستخدمات هن في الغالب باحثات عن التسلية ...مع انه في السنتين الأخيرتين لوحظ إقبال الفتيات على الانترنت وخصوصا على الفيسبوك أكثر...مع ذللك لا تتجاوز نسبتهن من مستخدمي الفيسبوك 27%.

وهذه النسبة تضم الفتيات والفتيان في" أزياء نسائية" ؛ لذلك وانت داخل الى فيس بوك تذكو قول ولد احمد يوره :

لا تغرنك الظواهر ممن === بالخفايا منه النفوس تساء

فكثير من النساء رجال === وكثير من الرجال نساء

ومن مايعزز هذه الظاهرة هو عدم استخدام الفتيات لأسمائهن وصورهن الحقيقة لعوامل اجتماعية وتقليدية ؛ والاستعارة عنها بأسماء مقنعة يسهل على الرجال التقنع ورائها...وبالتالي تسأل الفتاة المستخدمة مرات عديدة "هل أنت رجل أم امرأة.؟" خصوصا اذا كانت لديها مشاركات في الثقافة او السياسه.

ويوضح هذا أن الفتاة المثقفة أو المتسيسة جسم غريب داخل المجتمع الموريتاني وهي حتما رجل أو مستر جله...

وقد يستخدم الشاب هذا التخفي والاشتراك بأكثر من حساب "كحصان طروادة " في الصراعات الفكرية والسياسية التي أصبح الفيسبوك مسرحا لها ...

وتظهر هذه النقاشات الحادة درجة من التعصب والانغلاق في فكر الشباب الموريتاني سواء المنتمين منهم لتيارات أيديولوجية او المتصفين بالتحرر.. فالكل يظهر تعصبا في تعليقاته ويكتب في نهاية كل تعليق "مع ودي" او "الخلاف لا يفسد للود قضية" وفي وسط التعليق شتيمة أو تعصب..

مع انه لا يبرز في فيسبوك حملات سياسية أو فكرية منتظمة في موريتانيا وربما يكون ذلك بسبب أن الطبقة السياسة او المتحكمين في السياسات من كبار السن لا يستخدمون الانترنت مطلقا....

وتكثر "المجموعات" والصفحات التي تحمل أسماء قبائل وقري أ ومدن موريتانية ؛ وقد تكون هذه العصبية الفكرية و الاجتماعية في صفوف الشباب معيقا تنمويا للوطن الذي هو احوج الى " أُمَّةً وَسَطاً" لكي لا يقسمه التعصب إلي أشلاء ثقافية وعرقية.

ومن الممكن ملاحظة ان بعض المنتسبين لم يسجلوا يوما فكرة واحدة ، او جملة مفيدة، وانما اكتفوا بتسجيل الإعجاب او الدردشة. وهم ربما الأكثر مسالمة داخل الفيسبوك وقد يصفهم البعض بنقص الوعي بالقضايا الوطنية والدولية مع انه ايضا من الملاحظ تفاعل اغلب المنتسبين مع الثورة في تونس ومصر.

ومع ذلك يبقى الكل في الفيسوبك يبحث عن البعض والبعض يبحث عن الآخر...ومع ذلك كشفت الدراسات الاجتماعية أن مدمني "الفيس بوك" هم أكثر الناس انعزالاً وفردية...ووصف التواصل عبره بأنه تواصل كاذب لان وجوهه بلا قسمات ولا تعابير.. وهي من مكملات التواصل الانساني....

وقد تنتقل العلاقات الاجتماعية من الحياة الواقعية الي الافتراضية او من الافتراضية الي الواقعية.

لكن السؤال الذي يبقى مفتوحا لماذا يخرج البعض من مسرح الحياة الواقعية ليطل من نافذة الانترنت ؛ هل هو هروب من الواقع أم البحت عن الذات ؟

عائشة بنت اباه
نقلاً أن موقع الريم