الصفحة الرئيسية > الأخبار > الأولى > رجل دين يقول ان الشريعة تثير الحيرة لدى الشباب المسلم

رجل دين يقول ان الشريعة تثير الحيرة لدى الشباب المسلم

السبت 2 حزيران (يونيو) 2012


على المجتمع أن يفهم أولا مبادئ الإسلام قبل محاولة تطبيقه حسب ما يرى أحد أبرز الأئمة الموريتانيين.
مركز تكوين العلماء في نواكشوط هو مركز متخصص في تخريج علماء الدين. المركز بات قلعة لحماية المبادئ الإسلامية من الانحراف، والوقوف في وجه التطرف والعنف ورفض تشويه صورة الإسلام من قبل الجماعات الإرهابية.

الشيخ محمد الحسن ولد الددو ، رئيس المركز، انخرط في حوار ديني مع عشرات المتطرفين الدينيين المسجونين وسمع تبريرات دينية لا تحصى ولا تعد للعنف. مغاربية التقت الشيخ الموقر وأجرت معه هذا الحوار لمناقشة المعنى الحقيقي للجهاد وكيف يأمل أن يساعد المركز الشباب على فهم أفضل للدين.

مغاربية: كيف يعد مركز تكوين العلماء الدعاة والمربين الدينيين على مكافحة التطرف؟

محمد الحسن ولد الددو: لا شك أن العالم أو الإمام هو مركزالتنوير في المجتمعات الإسلامية. ودور الإمام له أهمية بالغة في تأطير وبث الثقافة الدينية الوسطية المعتدلة. ويهدف المركز إلى تكوين علماء ربانيين مخلصين لينتشروا في مناكب الأرض حاملين جذوة النور والهداية بإذن الله، وفق منهج معتدل.

هنالك دور مركزي لهؤلاء الأئمة في مكافحة التطرف. ويقع على عاتق هؤلاء العلماء أمل المساهمة في تنوير المجتمع، بتمثيلهم لتعاليم الشريعة الإسلامية السمحاء ونشر الهدي النبوي في صورته الناصعة وليست تلك التي تهتم الجماعات المتطرفة بنشرها.

مغاربية: الشباب في المنطقة معرض للتجنيد من قبل جماعات متطرفة. فهل يفهمون فعلا معنى الجهاد؟

ولد الددو: بالنسبة للجهاد فهو ذروة سنام الإسلام وأقسى الامتحانات للفوز بالجنة، وقد ثبت فضله عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقد دعا الله تبارك وتعالى إليه... والجهاد هو صنف من العبادة.

والجهاد معناه بذل الجهد لإعلاء كلمة الله ونصرة دينه.

والجهاد تقيمه ادلة من القرآن ومنه جهاد النفس لمنعها من ارتكاب الخطيئة، اماالقتال على وجه الخصوص فله دواع محددة أهمها حين يتم الاعتداء على المسلمين.

وعلى عكس ما يعتقد الكثيرون فإذا حصل ظلم واعتداء سافر على أي إنسان... يكون دفاع المسلمين عنه جهادا، لأن المسلمين من شأنهم رفع الظلم عن كل مظلوم فيجاهدون حتى لو كان المعتدى عليه غير مسلم.

المسلمون يدافعون عن كل قضية صادقة، ومن واجب المسلمين السعي إلى منفعة الناس و نشر التقوى والخير والتسامح.

مغاربية: ماذا عن الإرهابيين الذين يختطفون ويقتلون مدنيين وخاصة الأجانب، ومع ذلك يزعمون أنهم مسلمون أتقياء؟

ولد الددو: بالنسبة للمستأمنين الذين دخلوا الدول المسلمة بتأشيرة (مواثيق شرعية) فهؤلاء معاهدين، باقون على عهدهم ولا يجوز في الشريعة الإسلامية التعرض لهم بأي أذى.

ومن تعرض لهم فقد برئت منه ذمة الله ورسوله ولا يشم رائحة الجنة، وقد ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري.

والوعيد في هذه القضية شديد وقد وردت أحاديث عديدة عن النبي صلى الله عليه وسلم في عدم التعرض للمعاهدين أو قتلهم لأنهم في ذمة الله ورسوله، ولا يحل التعرض لهم في الاسلام بوجه من الوجوه، ومن تعرض لهم فهو آثم ظالم وقد عرّض نفسه للعقوبة الشديدة في الدنيا والآخرة.

وإذا أخذ في مقابل إطلاق سراحهم فدية فهي حرام.

مغاربية: يحاول المتطرفون اليوم فرض الشريعة بالقوة في بعض بلدان المنطقة. كيف يمكن ذلك؟

ولد الددو: قد اختلطت الأمور علي الكثير من الناس فهم يعتقدون إن تطبيق الشريعة الإسلامية يعني تنفيذ قانون العقوبات فقط، والحقيقة أن العقوبات تسبقها الكثير من الأحكام في الشريعة، يسبقها إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وتوطيد دعائم الإسلام، وإقامة التعاملات الإسلامية ووضع القضاء الشرعي.

العقوبات جزء من تطبيق الشريعة وليست هي الشريعة.

ومفهوم تطبيق الشريعة يجب أن يدفعنا إلى إقامة الدولة المدنية التي يحصل فيها الناس على حقوقهم كاملة ويقام فيها العدل والمساواة. وبعدها ينظر في قضية العقوبات لمن ارتكب جرما واضحا.

وتطبيق العقوبات هو من بين أربعة أمور في الشرع يختص بها ولاة الأمر. فهذا ليس من شأن العامة ولا الأشخاص ولا حتى الحركات الإسلامية، وإنما من شأن الدولة.

وهنا نذكر أن الرسول عليه الصلاة والسلام لمّا أقام الدولة الإسلامية في المدينة، لم يبدأ بالعقوبات، بل إن تطبيقها لم يرد إلا نادرا في الأحاديث وحين ثبت على المعنيين ارتكاب الجرائم.

مغاربية: نظمتم حوارات روحية مع الشباب السلفي. ما هي نصيحتكم للشباب المسلم اليوم؟

ولد الددو: بالنسبة للشباب، لا بد أن يدركوا أن العلم سابق على العمل، فعليهم أن يتعلموا ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من عند الله قبل ممارسة تطبيق للشريعة.

الشريعة لا يمكن فهمها إلا بالتعلم الطويل والمثابرة على الفهم والتأني... فلا بد أن يعلموا أولا ما هي الشريعة.

وقبل أن يحاول الشباب تطبيق الشريعة من وجهة نظر ضيقة عليهم المرور بعدة مراحل.

أولا أن يتعلموا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إلا الذين آمنوا..)). ثانيا، العمل بما تعلموا ((وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق)). ثالثا، الدعوة لما تعلموا ((تواصوا بالحق..)). رابعا، الصبر على طريق الحق ((وتواصوا بالصبر..)).

فهذه هي واجبات الشباب وواجبات كل أفرادالأمة وقد تضمنتها سورة العصر:

بسم الله الرحمن الرحيم "وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ".

حوار أجراه الربيع ولد ادوم من نواكشوط لمغاربية