الصفحة الرئيسية > الأخبار > اقتصاد > تفاقم أزمة المياه في موريتانيا بسبب هجرة البدو

تفاقم أزمة المياه في موريتانيا بسبب هجرة البدو

الاثنين 28 أيار (مايو) 2012


تؤثر على التركيبة السكانية للمدن وتؤدي لارتفاع معدلات الفقر والبطالة

يخوض سكان القرى في موريتانيا حربا ضروسا ضد قلة المياه بسبب الجفاف ونضوب الموارد المائية الجوفية، ويصل الأمر في الكثير من الأحيان إلى العطش الشديد مما يهدد حياة سكان القرى والأرياف الذين يشكل الأطفال والنساء غالبيتهم، وتزداد الوضعية سوءا خلال فصل الصيف، حيث تصبح القرى وبعض المدن الصغيرة غير قادرة على ضمان تزويد سكانها بالماء الصالح للشرب، لاسيما في المناطق الوسطى والشرقية المحاذية للحدود مع مالي.

وفي ظل تزايد الطلب على الماء وتدهور الواحات والمساحات المزروعة، فإن سكان المناطق التي تعاني من نقص الماء يكافحون ويلجأون إلى أساليب تقليدية وطرق بدائية للحصول على الماء وتخزينه، بينما يفضل آخرون الهجرة نحو المدن مما يخلق مشاكل أخرى كانتشار الأحياء الشعبية الفقيرة وارتفاع معدلات البطالة والفقر.

وتضاعفت معاناة المتشبثين بالبقاء في القرى بسبب انعكاس النقص الحاد في التساقطات المطرية على المنتوج الزراعي والرعوي وارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى مستويات قياسية، إضافة إلى الصراعات والخلافات التي تحدث بين العوائل بسبب المنابع المائية التي تتحول إلى صراع قبلي يهدد هدوء البادية.

معاناة مع قطرة ماء

يحذر الخبراء من خطورة إهمال مشكلة نقص الماء، خاصة أن بعض الجماعات القروية أضحت في عداد المناطق المنكوبة، بعد تقلص مستوى المياه الصالحة للشرب، وتقول عائشة بنت معطى الله إن العوائل تعاني كثيرا من أجل الحصول على ما يكفيها من مياه للحاجيات الأساسية وتقتصد في استخدامه وتبيع بعض مواشيها حتى لا تشكل عالة عليها، وتضيف "حين نعجز عن الحصول على الماء في القرية ننتقل إلى مناطق بعيدة لجلب ما يكفينا من ماء، مما يشكل عبئا ماديا كبيرا علينا"، وترى عائشة أن التردي الشامل في القطاعات الخدمية كالكهرباء والنقل والتعليم والصحة لا يقارن بنقص الماء، لأنه أساسي ولا يمكن الاستغناء عنه.

وتعتبر الهجرة القروية إحدى أهم أسباب تفاقم مشكلة نقص المياه في المدن وضواحيها، حيث إن أعداد القرويين التي واصلت زحفها متأثرة بتدهور أوضاع البادية أدت إلى ظهور أحياء عشوائية محيطة بالمدن، ولأن هذا النمو السكاني لم يواكب بما يتطلبه من مرافق وتجهيزات وبنية تحتية، فقد شكلت هذه الأحياء ضغطا على شبكات المياه المتهالكة وحرمت نسبة كبيرة من سكان المدن من الماء، بينما تعاني الأغلبية من الانقطاعات المتكررة للماء.

كما تسببت أزمة المياه في التأثير على التركيب السكاني للمدن وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، كما أثرت على التوازن البيئي، على اعتبار أن النشاطات الزراعية للقرويين كانت تحول دون زحف الرمال والتصحر.

أحياء عشوائية

ويرى الباحث في مجال الماء والبيئة أحمدو الناجم أن إرساء سياسة جادة وفعالة لحل أزمة الماء ووضع حد للتهميش الذي تعاني منه القرى كفيل بإنهاء أزمة نقص المياه في موريتانيا، ويشير إلى أن سبب تزايد الطلب على الماء في الوسط الحضري يرجع بالأساس إلى نشوء أحياء عشوائية وعدم تمكن السلطات من توفير الخدمات الأساسية لأعلى نسبة من المواطنين.

ويرى أن تزايد استهلاك الماء يشكل عامل ضغط على السلطات التي تلجأ إلى حلول مؤقتة وغير فعالة ولا تحمي البلاد من المخاطر الاقتصادية والاجتماعية التي قد تترتب على ندرة المياه، وحذر من استمرار استهلاك الثروة المائية بشكل مجحف، وطالب باتخاذ سياسات أكثر صرامة في مجال ترشيد استعمال الماء وحمايته من التلوث المنزلي والفلاحي، واستعمال السقي بالتنقيط في الأغراض الزراعية وحماية المياه الجوفية التي تم استنزافها خلال عقود الفساد التي عاشتها موريتانيا في ظل الأحكام السابقة.

وتعول الحكومة على برنامج "أمل 2012" لمساعدة القرويين على مواجهة الجفاف بتوفير الأعلاف للمواشي وفتح الدكاكين التي تبيع المواد الأساسية بأسعار مخفضة، وحفر آبار ارتوازية وتجميع بعض القرى في منطقة واحدة لإقامة محطة مائية تزودهم بالماء الشروب، تعينهم على تجاوز الوضعية الناجمة عن نقص الأمطار في الموسم الحالي.

موريتانيا الأكثر هشاشة في مجال المياه

وكانت دراسة بريطانية قد كشفت أن موريتانيا هي الأكثر هشاشة في مجال المياه في العالم"، وقالت دراسة أخرى إن مصادر موريتانيا من الماء هي الأقل استقرارا في العالم، حيث جاءت موريتانيا ضمن الدول الأقل استقرارا إلى جانب السودان والصومال، واعتبرت الدراسة أن 30% فقط من سكان موريتانيا يحصلون على المياه الصالحة للشرب.

المصدر : «العربية»